عودة سجال ضريبة الثروة في بريطانيا... أباطرة المال يتزايدون

30 مايو 2023
رئيس الوزراء ريشي سوناك وزوجته أكشاتا مورتي ضمن قائمة الأكثر ثراء (فرانس بس)
+ الخط -

عاد الجدل حول فرض ضريبة على الثروة في بريطانيا إلى دائرة الضوء مجدداً، بعد أن طالبت مؤسسات متخصصة في الاستشارات الاقتصادية والعدالة الضريبية، بفرض ضريبة على الأثرياء على غرار النرويج وإسبانيا وسويسرا، بينما تخشى الحكومة البريطانية الإقدام على مثل هذا الإجراء، خاصة أن المملكة المتحدة شهدت مغادرة 1400 شخص من أصحاب الثروات المرتفعة في عام 2022، مع استمرار تدفق الأثرياء خارج البلاد منذ خروج الدولة من الاتحاد الأوروبي وسط اضطرابات سياسية واقتصادية.

ووفق دراسة مشتركة أجرتها "شبكة العدالة الضريبية في المملكة المتحدة" ومركز "التغيير الاقتصادي" ومؤسسة "الاقتصاد الجديد" وهي جهات بحثية مستقلة، فإنه يمكن لفرض ضريبة ثروة متواضعة على أغنى 350 عائلة في المملكة المتحدة أن تجمع نحو 22 مليار جنيه إسترليني (27 مليار دولار) سنوياً، وهو ما يكفي لتمويل بناء 145 ألف منزل جديد بأسعار معقولة سنوياً.

وأشارت الدراسة إلى أن فرض ضريبة بنسبة 2% على الأصول التي تزيد عن 10 ملايين جنيه إسترليني التي يحتفظ بها الأغنياء الذين جاؤوا في "قائمة صنداي تايمز" للأثرياء ونشرت الأسبوع الماضي، يمكن أن تجمع المبلغ المذكور.

الحد من عدم المساواة

ولفتت إلى أن ضرائب الثروة المماثلة في النرويج وإسبانيا وسويسرا ساعدت في الحد من عدم المساواة وخففت من أزمة تكلفة المعيشة لبعض أفقر الناس في تلك البلدان". ودعا محللو الضرائب الذين ساهموا في الدراسة الحكومة إلى إجراء إصلاح عاجل لـ"الظلم الأساسي في النظام الضريبي الذي يعني أن الدخل من العمل يخضع للضريبة أكثر من الدخل من الاستثمارات والإيجارات والميراث".

ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن لوكاس كريبل، المحلل في مركز أبحاث الاقتصاد الجديد قوله إن "قائمة الأغنياء لهذا العام تظهر أنه في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من تكاليف المعيشة، يستمر الأغنياء في المجتمع في الازدهار، ومع ذلك، فإن هذه المجموعة من النخبة لا تخضع للضريبة مثل أولئك الذين يكسبون رزقهم ويخضعون لضريبة الدخل، مما يتركنا بأموال أقل للاستثمار في المستشفيات والمدارس والمتنزهات".

وأضاف كريبل: "يمكننا مشاركة الثروة التي نخلقها جميعاً من خلال زيادة الضرائب على الأثرياء.. من خلال القيام بذلك، يمكننا إصلاح خدماتنا العامة، ودعم مستقبلنا بالطاقة محلية الصنع من الرياح والشمس، وخلق فرص العمل والأحياء المزدهرة لجميع عائلاتنا".

وتمتلك أغنى 350 عائلة في المملكة المتحدة ثروة مجتمعة تبلغ 748 مليار جنيه إسترليني، وفقًا لقائمة صنداي تايمز للأثرياء السنوية، مقابل 704 مليارات جنيه إسترليني في العام الماضي.

ومن بين أولئك المدرجين في قائمة الأثرياء رئيس الوزراء ريشي سوناك وزوجته أكشاتا مورتي ابنة الملياردير الهندي نارايانا مورتي التي جاءت في المرتبة 275، بثروة تقدر بـ 529 مليون جنيه إسترليني، وهيو غروفينور، دوق وستمنستر البالغ من العمر 32 عاماً بثروة تقدر بنحو 9.9 مليارات جنيه إسترليني، والذي حل في المركز 11 وفق قائمة صنداي تايمز.

وأشار نشطاء الضرائب إلى أن أقل من ربع أغنى 100 شخص في قائمة صنداي تايمز للأثرياء يظهرون في قائمة الضرائب السنوية.

وقال روبرت بالمر، المدير التنفيذي لشبكة العدالة الضريبية في المملكة المتحدة: "إن الثروة المتزايدة لأولئك المدرجين في قائمة الأغنياء تسلط الضوء على عدم المساواة في نظامنا الضريبي، حيث يتم فرض ضرائب على أولئك الذين هم بالفعل أثرياء من الاستثمارات والإيجارات والميراث مقارنة بأولئك الذين يحصلون على دخلهم من العمل".

إصلاحات عاجلة للنظام الضريبي

وأضاف بالمر أنه "لا يمكن أن يكون صحيحاً أن العديد من العاملين يدفعون معدل ضرائب فعالا أعلى من بعض الأشخاص الأكثر ثراءً في مجتمعنا، خاصة عندما نشهد انخفاضًا في مستويات المعيشة وزيادة فواتير الأغلبية.. يجب على الحكومة إجراء إصلاحات عاجلة لنظامنا الضريبي، وفرض ضرائب أعلى على الثروة، بحيث يدفع أولئك الذين يكسبون أكثر، ويملكون أكثر من غيرهم، نصيبهم المناسب".

وزاد عدد المليارديرات في المملكة المتحدة بشكل حاد منذ انتشار جائحة فيروس كورونا، من 147 شخصا في عام 2020 إلى 171 هذا العام، مع امتلاك المليارديرات الآن حوالي 4 مليارات جنيه استرليني في المتوسط لكل منهم، بينما كان هناك 15 مليارديراً بريطانياً عندما نشرت صحيفة صنداي تايمز قائمتها للأثرياء لأول مرة في عام 1990.

وفي عام 2021، أوصت لجنة ضرائب الثروة المستقلة بأن تفرض الحكومة ضريبة ثروة لمرة واحدة بنسبة 1% على الأسر التي لديها أكثر من مليون جنيه إسترليني، حيث قدرت اللجنة أن هذه الضريبة ستدر 260 مليار جنيه إسترليني. لكن الحكومة لم تستجب لذلك.

بدوره، قال متحدث باسم وزارة المالية لم تذكر "ذا غارديان" اسمه إن "ضرائب المملكة المتحدة على الثروة تتساوى مع دول مجموعة السبع الأخرى، وأعلى 5% من دافعي ضرائب الدخل يدفعون نصف جميع ضريبة الدخل".

وتبدو الحكومة قلقة من فكرة فرض ضرائب إضافية على الأثرياء خشية تزايد معدلات هجرتهم لبريطانيا. إذ أشار تقرير صادر عن شركة استشارات المواطنة "هينلي أند بارتنرز" في يناير/ كانون الثاني الماضي، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، إلى استمرار مغادرة أصحاب الثروات في 2022 الذي سجل مغادرة 1400 من أصحاب الثروات التي تتجاوز مليون دولار، بعد رحيل 2200 ثري في عام 2019 و2800 ثري في عام 2018 و4200 ثري في عام 2017، بإجمالي 10600 ثري مغادر.

ووفقاً لـ"هينلي أند بارتنرز"، فإن هروب الأثرياء بدأ بعد فترة وجيزة من التصويت في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، الذي تسبب بفقدان أهمية لندن المركزية على المستوى المالي العالمي.

المساهمون