عودة خجولة لسياحة الآثار في شمال العراق بعد طي صفحة "داعش"

11 سبتمبر 2022
مجموعة من السياح خلال زيارتهم مدينة الحضر الأثرية (زياد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

يتنقّل عشرات الزوار بين آثار تعود إلى ألفي عام في مدينة الحضر التاريخية في شمال العراق، حيث تسعى مبادرات محلية خجولة الى تشجيع السياحة وطي صفحة سيطرة تنظيم  "داعش" الإرهابي في المنطقة.

بُنيت مدينة الحضر في القرن الثاني أو الثالث قبل الميلاد، وتقع على بعد حوالى 100 كيلومتر من مدينة الموصل، التي كانت قبل سنوات قليلة بمثابة "عاصمة" تنظيم "داعش" إلى أن استعادتها في 2017 القوات العراقية بدعم التحالف الدولي.

وتمكن حوالى أربعين زائرا، معظمهم عراقيون، خلال رحلة نظمها، أمس السبت، متحف خاص في الموصل، عاصمة محافظة نينوى حيث تقع الحضر، من زيارة المدينة الأثرية المدرجة على لائحة التراث الإنساني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).

وتقول السائحة العراقية البلجيكية لونا بطوطه (33 عاما)، التي جاءت مع زوجها البلجيكي، لوكالة فرانس برس، إن لديها "شُعورا جميلا لأنه مكان لحضارة عريقة"، مضيفة "نحب أن نكتشف تاريخ البلاد، وكيف كان، وكيف هو اليوم". وهي الزيارة الأولى التي تقوم بها الشابة المقيمة منذ أن كانت في التاسعة من العمر في بلجيكا.

وكانت الحضر التي بنيت بطريقة مزجت فيها العمارة اليونانية والرومانية بالزخرفة الشرقية، مركزاً دينيا وتجارياً مهما في عهد الأمبراطورية الفارسية.

ونشر تنظيم "داعش" في 2015 مقطع فيديو يظهر مقاتليه وهم يدمرون نقوشاً على أحد الجدران ويطلقون النار في المكان ويضربون تمثالاً بفأس.

في فبراير/ شباط الماضي، كشفت السلطات العراقية عن ثلاث قطع أثرية هي وجهان بشريان وتمثال بالحجم الطبيعي مستوحى من الرومان، تم ترميمها في مدينة الحضر.

ورغم بطء عمليات الإعمار، ومنها ما ينفذ في مواقع تاريخية، تستعيد الموصل والمناطق المحيطة بها اليوم بعد خمس سنوات على طرد "داعش" شيئاً من مظاهر الحياة الطبيعية.

وتعد رحلة السبت الأولى إلى الحضر، وقد تولى تنظيمها "بيت تراث الموصل"، وهو متحف خاص افتتح منتصف يونيو/ حزيران الماضي.

ويقول المهندس فارس عبد الستار (60 عاما)، المستشار في بيت تراث الموصل وأحد المشرفين على تنظيم الزيارة، إن الحضر تستقبل بين الحين والآخر زوارا يأتون عادة كأفراد.

ويوضح أن زيارة الموقع تأتي في إطار "التعريف بتراث وهوية" الموصل ومحافظة نينوى التاريخية، كما تهدف إلى "جعل المنطقة سياحية لما لذلك من مردود كبير جداً أقتصادياً وثقافيا".

وأعلنت القوات العراقية في نهاية 2017 انتصارها وعودة سيطرتها على المناطق، التي خضعت لسيطرة "داعش" بعد هجمات شرسة للتنظيم في عام 2014 على مناطق شاسعة في العراق وسورية.

بعد تلك السنوات المظلمة، بدأ عشرات السياح وبعضهم غربيون بزيارة المواقع الأثرية في نينوى ومواقع أخرى في العراق. لكن تبقى هناك حاجة لبناء مرافق سياحية في بلد مزقته الحروب والصراعات لعقود، ولا تزال هناك حاجة لإقامة فنادق ومناطق سياحية ترفيهية.

ويؤمن بهاء الدين محمد، طالب الدكتوراه في مجال الأنثروبولوجيا (علوم الإنسان) في جامعة إكستر البريطانية، بأنه لا ينبغي النظر إلى "الموصل على أنها ساحة حرب ضد داعش وإلارهاب"، مشددا على أن "الموصل حضارة وتراث وثقافة".

لكنه يقر أيضا بأنه "يشعر بالحزن" لأن "السفر إلى الحضر ليس سهلاً"، مؤكدا أن "هذا الصرح الكبير لا بدّ أن يكون مليئا بالسياح من جميع أنحاء العالم".

(فرانس برس)

المساهمون