عودة العلاقات الاقتصادية المصرية التركية بعد انقطاع 10 سنوات

11 مايو 2023
خلال اجتماع وفدي البلدين (العربي الجديد)
+ الخط -

عودة العلاقات المصرية التركية عقب الانتخابات الرئاسية، نجح الرئيس رجب طيب أردوغان أم لم ينجح، "أصبح أمراً مقضياً". هكذا حسم السفير عبد الرحمن صلاح، سفير مصر السابق في أنقرة، قضية عودة العلاقات بين البلدين بعد عشر سنوات من القطيعة السياسية.

وسط أجواء متفائلة، كشف صلاح، في أول اجتماع لمجلس الأعمال المصري التركي الذي توقف خلال فترة القطعية السياسية بعد أحداث 30 يونيو/ حزيران، عن وجود خط ائتمان قيمته مليار دولار، كقرض نقدي للمستثمرين المصريين الذين يشاركون بمشروعات تركية، جاهز للتنفيذ وتوقف منذ عام 2013، سيفعّل فور عودة السفير المصري الجديد إلى أنقرة.

يمول القرض 85% من قيمة أي مشروع صناعي مشترك بين مصريين وأتراك بفائدة منخفضة عن 9%، خاصة بالمشروعات الإنتاجية، تمثل أكثر من 50% من قيمة الفائدة السائدة في البنوك المصرية.

وذكر سفير مصر السابق في أنقرة أن عودة العلاقات بين البلدين تتحدى كل التوقعات المتشائمة التي كانت تعتقد أن رجوعها أمراً مستحيلاً، "بينما أكدت صحة توقعات المتفائلين، وكنت منهم، بمتانة العلاقات بين الشعبين، التي ظلت واضحة الأثر في المجال الاقتصادي الذي زادت معدلاته سنوياً، حتى أصبحت تركيا من الدول القليلة التي يصب فيها الميزان التجاري لصالح مصر، رغم ما تستورده من منتجات حديثة". 

وأوضح أن المصنعين الأتراك الذين يستثمرون في مصر يحتلون أعلى معدلات تصدير لمنتجاتهم المصرية إلى الأسواق الدولية، لخبرتهم الواسعة بالتعامل مع السوق المحلية، لتشابه الظروف الاجتماعية والاقتصادية بين البلدين، و"يعملون وكأنهم في تركيا". 

ارتفاع الصادرات

وقال عادل اللمعي، رئيس مجلس الأعمال المصري التركي: "سترجع الأمور إلى مجاريها وبقوة، كما كانت عليه قبل 2013". وأشار إلى "تحسّن كبير ومتصاعد في العلاقات الاقتصادية طوال فترة الأزمة السياسية، حيث ارتفعت الصادرات بين البلدين من 3 مليارات دولار عام 2013 وبلغت 9.7 مليارات دولار، تتميز بتعادل الميزان التجاري بنحو 50% لكل طرف، وزيادته في الآونة الأخيرة لصالح مصر بنحو 600 مليون دولار مع ارتفاع الصادرات من الغاز الطبيعي". 

ناقش المجلس خلال انعقاده بجمعية رجال الأعمال المصريين تشغيل خط الغاز العربي، الذي بدأ تنفيذه عام 2007 والرابط بين مصر والأردن وسورية ولبنان، لإعادة إصلاح ما أفسدته الحرب في سورية، ومده بامتداد 120 كيلومتراً ليصل إلى الحدود التركية، ليكون مصدراً مهماً لتصدير الغاز المصري. 

يساهم الخط في الالتفاف على المشروع الإسرائيلي المقترح لنقل غاز شرق المتوسط عبر قبرص واليونان، والذي استبعد مصر كوسيط وبورصة للغاز في المنطقة تربط بين الدول المطلة على شمال وجنوب المتوسط.

أكد نهاد أكينجي، ممثل الجانب التركي بجمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك، أن الفترة القادمة ستشهد اقبالاً كبيراً من رجال الأعمال الأتراك على إقامة مشروعات صناعية، وخاصة المرتبطة بصناعة النسيج والملابس الجاهزة، في ظل الزيادة الكبيرة بأسعار العمالة والكهرباء والغاز والتشغيل في تركيا، مع انخفاض نظيرتها بمصر.

أوضح أكينجي أن وفداً من رجال الأعمال الأتراك سيزور القاهرة شهر يونيو المقبل، لمناقشة الفرص الاستثمارية الجديدة، ومقابلة المستثمرين الأتراك أصحاب الخبرات السابقة، للتعرف عن قرب على فرص الاستثمار، واستكمال ما بدأته الدولتان من تعاون اقتصادي، توقف خلال السنوات الماضية. 

عودة المبادرات

واستعرض الاجتماع إعادة إحياء مبادرات الاستثمار بين البلدين، في ظل توقع طفرة نمو للعلاقات السياسية والاقتصادية، وزيادة عدد السائحين، تشمل إعادة تدوير القمامة والمخلفات الصلبة لإنتاج الكهرباء والأسمدة العضوية، وتطوير المناطق العشوائية عبر شركات مقاولات خاصة تتحمل عبء الاستثمار نيابة عن الدولة مقابل الانتفاع بجزء من الأراضي لإقامة مشروعات تجارية، وتطوير صناعة النسيج كثيفة العمالة، مع حاجة الأتراك إلى زيادة عدد المصانع بمصر وتوظيف علاقاتها التجارية مع العرب وأفريقيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في دخول المنتجات التركية المصرية من دون جمارك. 

وناقش الأعضاء إمكانية عودة اتفاقية المرور الحر للمنتجات التصديرية بين تركيا ومصر بحراً وبراً، لتنقل إلى الخليج العربي، التي توقفت عام 2014، وانتقلت إلى إسرائيل، مع تطوير الاتفاقية، بحيث تصبح مصر دولة عبور للناقلات في رحلة الذهاب، وتعود إلى تركيا محملة بالبضائع المصرية. 

وأفصح تامر صادق، مدير بنك مصر وعضو مجلس الأعمال المصري التركي، عن أهمية فتح فرع للبنك في إسطنبول لخدمة المصريين ورجال الأعمال بين البلدين، مع أهمية مشاركة الشركات الصناعية التركية في إقامة مدارس للتعليم الصناعي، وخاصة النسيج، تمولها تلك المصانع، بما يعمل على رفع كفاءة العمالة المصرية غير الماهرة، وتأهيلها لسوق العمل المتطور. 

وأعرب أشرف طلعت، عضو المجلس، عن استفادة مصر من الحرب الروسية الأوكرانية في زيادة صادرات الأسمدة إلى الأسواق التركية، طالباً استفادة المصانع القائمة من مبادرة التمويل التركية في زيادة طاقتها الإنتاجية، بعد أن ارتفعت الفائدة البنكية أمام الجهات الصناعية إلى معدلات قياسية تتراوح ما بين 22% و23%، تحول دون توسع المشروعات وترفع قيمة تكاليف التشغيل، ما يدفعها إلى أسعار غير تنافسية عالمياً. 

وبين الأعضاء أن اكتشاف الغاز الطبيعي بالقرب من السواحل التركية في البحر الأسود لن يحول دون زيادة الصادرات المصرية من الغاز التي بلغت ملياري دولار عام 2022، مشيرين إلى أن التوسعات الصناعية الضخمة في تركيا ستجعلها مستورداً دائماً للغاز، الذي يصدر إليها سائلاً من مصنعي دمياط وأدكو شمال دلتا نهر النيل.

المساهمون