عوائد سندات الحكومة تنعكس سلباً على الاقتصاد الإسرائيلي

20 يونيو 2024
بنك إسرائيل - القدس المحتلة 23 أغسطس 2022 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت سندات الحكومة الإسرائيلية المقومة بالشيكل لأجل عشر سنوات ارتفاعًا في العائد تجاوز 5% لأول مرة منذ 2011، مما يعكس تراجع الطلب وينذر بتداعيات سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في ظل التحديات الناجمة عن العمليات العسكرية في غزة.
- تأثرت السندات الإسرائيلية سلبًا بتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وبيانات التضخم الأمريكية، مع تفاقم الوضع بسبب العدم اليقين الاقتصادي والأمني في إسرائيل، مما يجعل المستثمرين يطلبون عائدًا أعلى لتحمل المخاطر.
- ارتفاع تكلفة التأمين على الديون الإسرائيلية والعجز المالي المتزايد يعكسان تدهور الثقة في الاقتصاد الإسرائيلي، مع تحذيرات من عواقب وخيمة مماثلة لما حدث في المكسيك والمملكة المتحدة إذا استمر الوضع الحالي.

قبل ثلاثة أسابيع، تجاوز العائد على سندات الحكومة الإسرائيلية المقوّمة بالشيكل استحقاق عشر سنوات 5% للمرة الأولى منذ عام 2011، ما عكس تراجع الطلب عليها، وأنذر بانعكاسات سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي الذي ما زال يكافح تبعات حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة المحاصر.

ورغم تراجع العائد في الأيام الأخيرة ووصوله إلى نسبة 4.85%، يكشف الفحص المتعمق بوضوح عدم استقرار الأوضاع في سوق الأوراق المالية في دولة الاحتلال، حيث شهدت السندات الإسرائيلية، التي كانت نموذجاً للاستقرار إلى حد بعيد، تقلبات شديدة خلال الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.

وأفاد موقع غلوبس العبري بأنّ تراجع العائد على السندات الإسرائيلية جاء نتيجة لتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية، الأكثر أماناً في العالم، في أعقاب صدور أرقام التضخم لشهر مايو/ أيار، والتي أظهرت تباطؤ ارتفاع الأسعار في الاقتصاد الأكبر بالعالم. وفي حين تترقب السوق في الولايات المتحدة خفضًا وشيكًا لسعر الفائدة، لا تبدو الصورة مماثلة في تل أبيب، في ضوء عدم اليقين الاقتصادي والأمني.

الفجوة بين تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي الرسمي والسوق

ومن أجل فهم مدى رؤية المستثمرين الأجانب لإسرائيل كاستثمار محفوف بالمخاطر هذه الأيام، قال "غلوبس" إنه من الضروري النظر إلى رقم آخر إلى جانب السندات المقومة بالشيكل، وهو الفارق بين عائد السندات الدولارية الإسرائيلية وعائد السندات المماثلة للدول الأخرى، كونه يعكس اختلاف معامل المخاطرة بين البلدان.

وتفرض أسواق المال على البلد ذي المخاطر المرتفعة تحمل تكلفة أعلى للتمويل، حتى يتمكن من اجتذاب أموال المستثمرين. واعتاد المستثمرون، في أنحاء العالم، على النظر إلى سندات العشر سنوات في الاقتصادات المختلفة، للحصول على تصور دقيق لقدر الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلد المعني.

ومنذ الأشهر الأولى للحرب، شهدت الأسواق فارقًا كبيرًا بين العائدات في إسرائيل والولايات المتحدة، على الرغم من أن التصنيف السيادي لإسرائيل من وكالات التصنيف الكبرى، مثل ستاندرد آند بورز، وموديز، مرتفع إلى حد ما، إلا أنه في الممارسة العملية، تعاقب الأسواق إسرائيل وتسعر مخاطر أعلى كثيرًا مما يفترض أن يعكسه التصنيف الائتماني لها.

وتسعر الأسواق حاليًا إسرائيل دولة ذات تصنيف BBB، وفي الأيام القليلة الماضية كان هناك المزيد من التدهور. وبدأت العائدات المطلوبة على سندات إسرائيل المقومة بالدولار تقترب من مستوى الاقتصادات النامية ذات التصنيف BB. وأوضح "غلوبس" أن سندات إسرائيل المقومة بالدولار يتم تسعيرها حاليًا على أنها تحمل مخاطر أعلى من سندات دول مثل المجر والبيرو والمكسيك. وفي الواقع، يقترب تسعير السندات من مستويات رومانيا وجمهورية الدومينيكان.

ويتجاوز الفارق في العائد بين سندات الحكومة الإسرائيلية بالدولار لعشر سنوات ومثيلتها الأميركية 1.75%، في حين يبلغ الفارق بالنسبة لجمهورية الدومينيكان 2.05%، بينما لا يتجاوز فارق العائد بين سندات هونغ كونغ والسندات الأميركية 0.1%. وسلّط مودي شافرير، كبير استراتيجيي الأسواق المالية في بنك هبوعليم، الضوء على حقيقة أن وضع إسرائيل مستمر في التدهور، حيث أشار إلى أن متوسط ​​الفارق في البلدان ذات التصنيف BBB- هو 1.5% فقط. وقال: "نحن لسنا في تصنيف عالي المخاطر، لكن علاوة المخاطرة في إسرائيل مستمرة في الارتفاع مقارنة بالدول الأخرى".

وعلى الرغم من أن أغلب المحللين يرجعون ارتفاع فارق عوائد السندات الإسرائيلية عن الأميركية إلى عدم اليقين الناجم عن الحرب، فإنه من المؤكد أيضًا أن زيادة اقتراض وزارة المالية الإسرائيلية بنحو 70% كان لها دور أيضًا في اضطرارها لدفع معدل فائدة أعلى، للتمكن من جمع تلك الأموال. وعلى الرغم من أن العائد على السندات بالعملة المحلية ما زال أقل منه على السندات الدولارية، حيث تقل المخاطر في السندات المحلية، فإنه ما زال أعلى كثيرًا من المستويات التي كانت معتادة قبل الحرب.

عدم اليقين في الاقتصاد الإسرائيلي وعجز الميزانية

وأشار "غلوبس" إلى أرقام في أسواق أخرى، مما يعكس تردي وضع الاقتصاد الإسرائيلي. وأورد مقايضة التخلف عن السداد (CDS)، أو ما يعرف بتكلفة التأمين على الديون الإسرائيلية بالدولار، موردًا أن التكلفة الحالية، والتي تمثل علاوة مخاطر الديون الإسرائيلية لعشر سنوات، تبلغ ضعف ما كانت عليه قبل الحرب أو أكثر.

وقال أليكس زابيزينسكي، كبير الاقتصاديين في صندوق الاستثمار ميتاف داش، لـ"غلوبس": "علاوات المخاطر لإسرائيل في الأسواق الدولية أعلى بكثير مما يمكن أن يستمد من تصنيفها الائتماني. في الواقع، في السوق المحلية كان هناك اتساع في الفجوة بين السندات الإسرائيلية وسندات الحكومة الأميركية. لقد وصلت عوائد السندات إلى مستويات لم نشهدها منذ عقد من الزمان، وهذه علامة على ارتفاع علاوات المخاطر".

وأوضح زابيزينسكي أن إحدى ردات الفعل المحتملة هو أن بنك إسرائيل (المركزي) يمكن أن يتدخل في حالة اختلال سوق السندات المحلية، كما فعل بنك إنكلترا في المملكة المتحدة قبل عامين. ومع ذلك، أولًا وقبل كل شيء، يجب على الحكومة، وليس بنك إسرائيل، اتخاذ الإجراءات اللازمة، لأنه "إلى جانب التطورات على الجانب الأمني، يولي المستثمرون اهتمامًا خاصًا لمصداقية السياسات الاقتصادية للحكومة"، بحسب زابيزينسكي.

ويأتي الارتفاع في العائد المطلوب للاستثمار في إسرائيل على خلفية إشكالية خاصة بالسياسة المالية، حيث تضخم العجز المالي في إسرائيل إلى 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي في الشهر الماضي. وتشير وزارة المالية إلى أنه حتى لو لم تشتعل الحرب، فإن الإنفاق الحكومي كان ليرتفع بنسبة 10% حتى الآن هذا العام، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.

كيف انتهت مثل هذه الحالات في بلدان أخرى؟

إن نظرة سريعة على مثالين حاليين تقدم لمحة عما يمكن أن يحدث في الاقتصاد الإسرائيلي إذا استمر الوضع على ما هو عليه. والخلاصة، بحسب "غلوبس"، أنه بشكل عام، "عندما تتضرر ثقة المستثمرين وترتفع علاوة المخاطرة، فإن الأمر ينتهي بشكل سيئ للغاية. وعندما يحدث هذا فإن كل الأنظار تتجه نحو التدابير التي تتبناها الحكومة، وإذا لم تثبت مصداقيتها فإن الوضع قد يتدهور بسرعة، مما يؤدي إلى تآكل سريع للعملة، وارتفاع عوائد السندات".

وفي المكسيك، على سبيل المثال، انخفضت قيمة البيزو بشكل حاد هذا الشهر، وكان السبب، وفقاً لشافرير من بنك هبوعليم، يكمن في انتخاب رئيسة تنوي تعزيز الإصلاحات القانونية المثيرة للجدل. وقد أدى الخوف من مثل هذه التحركات إلى انخفاض قيمة العملة بما يزيد عن 10%. وجاء المثال الآخر من المملكة المتحدة قبل عامين، عندما حاولت رئيسة الوزراء آنذاك ليز تراس تنفيذ برنامج اقتصادي واسع النطاق خلال فترة ارتفاع التضخم، حيث ارتفعت عوائد سندات الحكومة البريطانية، واضطر بنك إنكلترا إلى التدخل في السوق لمنع الانهيار الذي كان ليوجه ضربة قاسية لمعاشات التقاعد في المملكة المتحدة. وغادرت تراس داونينغ ستريت بعد 46 يومًا فقط من توليها منصبها.

وتوضح هذه الأمثلة المخاطر والعواقب الاقتصادية المترتبة على فقدان ثقة المستثمرين في السياسة الاقتصادية. ويقول شافرير: "الحالات التي حدثت كانت في بلدان تتمتع بوضع جيوسياسي أفضل بكثير من وضعنا، مما يعيد إلى الأذهان الخطر على الاقتصاد الإسرائيلي".

المساهمون