عن "ساندويتش" أحمد أبو الغيط الذهبي

16 أكتوبر 2024
أحمد أبو الغيط يصف التضخم في أميركا بالمخيف على خلاف الواقع
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار أحمد أبو الغيط الجدل بمقارنته أسعار "الساندويتش" بين مصر والولايات المتحدة، متجاهلاً قضايا حساسة مثل الأمن القومي والأزمات في فلسطين ولبنان والسودان واليمن وسوريا، مما أدى إلى انتقادات واسعة.
- انتقد النقاد مقارنة الأوضاع الاقتصادية بين البلدين، حيث يبلغ متوسط الأجر في الولايات المتحدة 5677 دولاراً شهرياً، بينما يعاني المصريون من رواتب منخفضة، مما يجعل المقارنة غير عادلة.
- تحدث أبو الغيط عن التضخم العالمي بطريقة غير دقيقة، مشيراً إلى معدلات تضخم مخيفة في الاقتصادات الكبرى، بينما تجاوز معدل التضخم في مصر 26%، مما زاد من الانتقادات.

ترك الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، التعليق على ملفات غاية في الأهمية، وتحدث عن الـ"ساندويتش" الذهبي البالغ سعره 18 دولاراً. ترك الرجل صاحب المنصب الرفيع قضايا غاية في الحساسية مثل الأمن القومي العربي المهدد، والعربدة الإسرائيلية في المنطقة، وحرب الإبادة الجماعية والتجويع التي يشنها نتنياهو وعصابته ضد أهالي غزة منذ أكثر من عام، ومحاولة إسرائيل تغيير معالم المنطقة كاملة واقتطاع المزيد من الأراضي العربية، وحروب وحرائق الشرق الأوسط خاصة في فلسطين ولبنان، والمواجهة العسكرية المرتقبة بين إيران وإسرائيل، وكذا الحروب في السودان واليمن وسورية.
ترك أبو الغيط كل تلك الكوارث العربية وتفرّغ للحديث عن سعر "الساندويتش" المعجزة الذي يتناوله شخصيا ويقارن سعره بين مصر والولايات المتحدة، ومعها راح يبرر معاناة المصريين ويوبخهم ويردّ على شكواهم المتعلقة بقفزات الأسعار، حينما أرجع كل تلك الشكاوى والمعانة المعيشية إلى قلة الموارد وزيادة النسل بطريقة غير مسبوقة، قائلا : " الشعب المصري بيزداد بفحولة غير مسبوقة ووصل إلى 110 ملايين".
وحتى عندما تحدّث عن قضية التضخم والغلاء، فإنه تطرّق إليها، ليس من باب تهديد الظاهرة الخطيرة للأسر والعملات والمدخرات والاقتصادات العربية، ولكن حتى يبعث رسالة مضمونها أن العالم كله والاقتصادات الكبرى تعاني من التضخم.
أبو الغيط قال في حديث تلفزيوني قبل أيام: "الأسعار في بريطانيا والولايات المتحدة مرتفعة، التضخم مخيف، أنا لما بروح نيويورك بشتري الساندويتش بـ16 دولارا، أي 800 جنيه. أنا هنا في مصر بشتري ساندويتش فول رائع في مصر الجديدة بـ15 جنيه بس".

ثمن "الساندويتش" في الولايات المتحدة يعادل أقل من أجر نصف ساعة عمل فقط، حيث إن أجر ساعة العمل الواحدة يتجاوز 32.75 دولاراً

مؤقتاً سأترك الكتابة التي بدأتها قبل عام عن مخاطر الأمن القومي العربي، وتداعيات الحرب في فلسطين ولبنان، والأزمات العنيفة التي يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي، وسلاح المقاطعة الناجح. وسأخصص مقال اليوم للرد على كلام الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي أرى أنه استخفاف بالعقول، وذلك بعدة حقائق أعرف أنه يدركها كاملة:

أولاً: ثمن "الساندويتش" في الولايات المتحدة يعادل أقل من أجر نصف ساعة عمل فقط، حيث إن أجر ساعة العمل الواحدة يتجاوز 32.75 دولاراً. واعتباراً من 8 إبريل الماضي، بلغ متوسط الأجر في الولايات المتحدة 28.16 دولاراً للساعة الواحدة. وبالتالي، فإن شراء وجبة واحدة بـ18 دولاراً، وهو رقم كبير ومبالغ فيه بالمناسبة، لا يمثل أي مشكلة للمواطن الأميركي، لأن أجر عمل لمدة يوم واحد يمكنه من شراء 20 وجبة وربما أكثر، كما أن أجر ساعة عمل واحدة يعادل 1600 جنيه مصري.

ثانياً: وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب العمل والإحصاء الأميركي، فإن متوسط الراتب الشهري في الولايات المتحدة هو 5677 دولاراً، أو 68.124 ألف دولار سنوياً، علاوة على حوافر أخرى. وبحسبة بسيطة، فإن راتب الأميركي في شهر يعادل ما يقرب من 300 ألف جنيه.

وبالطبع، فإن المصري يتعهد للمسؤول العربي الرفيع بعدم الشكوى لو تقاضى 20% فقط أو حتى 10% مما يتقاضاه نظيره الأميركي، الذي توفر له الحكومات الغربية مستوى معيشة لائقاً وخدمات تعليمية وصحية مجانية أو شبه مجانية، ومعاش تقاعدي محترم وإعانة بطالة تعادل راتبه في حال فقدان عمله.
ثالثاً: الأمين العام أحمد أبو الغيط يعرف أكثر من غيره أنه لا يجوز مقارنة الوضع في مصر بمثيله في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا، لأنه لا وجه للمقارنة أصلاً على مستوى المعيشة وكلفة الحياة، ولا يجوز المقارنة بين رواتب هزيلة جداً تدور حول 100 دولار شهرياً كما هو الحال في مصر، وراتب يقترب من ستة آلاف دولار، كما في الولايات المتحدة وربما أكثر لغالبية الوظائف.

الأمين العام أحمد أبو الغيط يعرف أكثر من غيره أنه لا يجوز مقارنة الوضع في مصر بمثيله في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا

رابعاً: يبدو أن تحديثات أبو الغيط بشأن أرقام التضخم في العالم قديمة جداً، فالتضخم حالياً يدور ما بين 2 و3% في معظم الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها، وربما أقل من هذا الرقم، في حين تجاوز معدل التضخم في مصر 26% في شهر أغسطس الماضي. ومن هنا، فإن وصف أبو الغيط التضخم في أميركا وبريطانيا بأنه مخيف جداً هو كلام غير دقيق ويستند على معلومات قديمة تجاوزها الزمن.

المساهمون