باتت منطقة الشرق الأوسط تعيش على برميل ساخن، مخاطر جيوسياسية وأمنية في كل مكان، إصرار من بعض الأطراف على اغراق المنطقة في بحور الفوضى وسد كل الأبواب أمام أي فرصة في تحقيق استقرار وسلام. براميل بارود جديدة قد تنفجر في أي لحظة.
هناك حرب إسرائيلية شرسة ومجرمة على غزة بدأت يوم 7 أكتوبر الماضي، ولا أفق زمنياً لها في ظل إصرار دولة الاحتلال على حرق وقتل أهالي فلسطين، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو القدس المحتلة.
والإصرار أيضا على تفريع غزة من سكانها وتهجيرهم، حتى تسطو إسرائيل على حقول النفط والغاز والثروات الواقعة قبالة سواحل فلسطين المحتلة في البحر المتوسط كما فعلت مع دول أخرى.
إسرائيل تصر على تفريع غزة من سكانها، حتى تسطو على حقول النفط والغاز الواقعة قبالة سواحل فلسطين المحتلة في البحر المتوسط كما فعلت مع دول أخرى
حرص كذلك من دولة الاحتلال على أن يستمتع سكان المستوطنات وغلاف غزة بسواحل وشواطئ غزة الساحرة التي تحرم أهلها الأصليين من الاستمتاع بها. بل وتقتل الصيادين والمصطافين من الفقراء.
يصاحب حرب غزة التي باتت بمثابة بارود يخنق شرايين الاقتصاد العالمي، حرب أخرى بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال في الشمال تزداد وتيرتها ورقعتها يوماً بعد يوم.
وهناك في الشرق والشمال أيضا من فلسطين عناصر من المقاومة العراقية والسورية تضرب أهدافا إسرائيلية وأميركية من وقت لآخر، وتهدد بمزيد من الضربات الموجعة للاحتلال وداعميه.
في البحر الأحمر هناك حرب شرسة أخرى تتصاعد يوماً بعد يوم، وتهدد التجارة العالمية وتخنق شرايين أسواق السلع. جماعة الحوثي تشكل تهديدا حقيقيا للتجارة في الممرات المائية الإقليمية، وتهدد بشكل مباشر تجارة إسرائيل ومعها قناة السويس والتجارة المتدفقة من أسيا والخليج لأوروبا وشحنات النفط والغاز المتدفقة من منطقة الخليج لأسواق العالم، وفي مقدمتها أوروبا.
مئات السفن العملاقة تحول دفة مرورها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، خوفا من ضربات وصواريخ الحوثي، تكاليف إضافية في نقل السلع من أسواق الشرق الأقصى لأوروبا وأميركا.
الولايات المتحدة تلقي بمزيد من البارود في المنطقة، وتشكل تحالفاً دولياً لحماية التجارة في البحر الأحمر من هجمات الحوثي وصواريخ طهران
العالم بات يخشى من موجة تضخم واسعة النطاق تشبه تلك التي تعرض لها خلال جائحة كورونا وعقب اندلاع حرب أوكرانيا، وأدت إلى حدوث أزمات معيشية في أرجاء المعمورة.
الولايات المتحدة تلقي بمزيد من البارود في المنطقة، وتشكل تحالفاً دولياً لحماية التجارة في البحر الأحمر وباب المندب من هجمات الحوثي وصواريخ طهران.
إيران ترفض الخطوة ودول عربية تقع على سواحل الممر البحري ترفض الانخراط في ذلك التحالف الذي يبدو أنه لن يكتب له النجاح.
مناوشات حربية بين الحوثي والقوات الأميركية المتمركزة في البحر الأحمر، وأخرى بين القوات الأميركية وإيران في خليج العرب قد تمتد لمضيق هرمز والخليج العربي.
الأحداث قد تتطور بسرعة، وبرميل البارود المشتعل الذي تحرص قوى عالمية على تبريده قد ينفجر في أي لحظة، إذا ما نفذت إيران تهديداتها وأقدمت على إغلاق مضيق هرمز في الخليج العربي والبحر المتوسط وممرات مائية أخرى، منها جبل طارق كما أعلنت قبل أيام.
هنا قد تدخل طهران في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، رغم حرص الطرفين على تفاديها، بعدها قد تقفز أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل بسبب اشتعال حرب الممرات المائية.
إذ إن نحو 20% من تجارة النفط المنقول بحراً حول العالم تمر من مضيقي باب المندب وهرمز ثم قناة السويس. وهنا ستتضرر دول عالمية وإقليمية بشدة من قفزات أسعار الوقود والسلع وعودة شبح التضخم.
وفي الوقت الذي تعلن الولايات المتحدة الحرص على عدم توسيع رقعة الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكن الملاحظ أن احتمالات التوسع قائمة، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية والقتل الجماعي للفلسطينيين، وتحرش إدارة بايدن بإيران عبر التأكيد المتواصل على تورط طهران و"بشكل كبير" في التخطيط للعمليات المسلحة ضد السفن التجارية بالبحر الأحمر، والضلوع في "التخطيط" لهجمات الحوثيين.
قد تقفز أسعار النفط إلى 150 دولارا بسبب اشتعال حرب الممرات المائية، إذ إن نحو 20% من تجارة النفط المنقول بحراً تمر من باب المندب وهرمز
ببساطة، بتننا أمام خريطة معقدة، خريطة تتشابك فيها الملفات والمصالح ويصاحبها غموض وحالة عدم يقين على مستوى التوقعات، ومع تلك الخريطة نحن أمام كابوس مزعج ومخيف وسيناريو كارثي.
والسبب هو إصرار إسرائيل على حرق غزة وممارسة البلطجة على الجميع، ودعم الولايات المتحدة اللامحدود للاعتداءات الإجرامية المتواصلة من قبل دولة الاحتلال على أطفال ونساء القطاع المحاصر.