تتجه سلطنة عمان إلى توحيد أنظمة التقاعد والتأمين الاجتماعي في جميع قطاعات العمل، بعد صدور مرسوم سلطاني، يقر نظام "صندوق الحماية الاجتماعية"، محدداً أهدافه واختصاصاته وتنظيمه الإداري.
ومن المقرر أن تنتقل إلى الصندوق الجديد جميع أصول والتزامات 11 صندوقاً تابعاً للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية، وصندوق تقاعد وزارة الدفاع، وصندوق تقاعد شرطة عُمان السلطانية، وصندوق تقاعد الحرس السلطاني العُماني، وصندوق تقاعد قوة السلطان الخاصة، وصندوق تقاعد جهاز الأمن الداخلي، وصندوق تقاعد المكتب السلطاني، وصندوق تقاعد ديوان البلاط السلطاني، وبرنامج تقاعد شركة تنمية نفط عُمان، وبرنامج تقاعد البنك المركزي العُماني، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
وتتمثل أهداف الصندوق في توفير الحماية الاجتماعية اللائقة والعادلة لمختلف فئات المجتمع العماني، وإدارة موارده واستثمار أمواله لزيادة قيمتها لصالح المستحقين، وإيجاد أدوات ادّخار وبرامج مساندة لتعزيز الحماية الاجتماعية، ومتابعة وقياس أداء جميع برامج الحماية الاجتماعية النقدية وغير النقدية.
تتمثل أهداف الصندوق في توفير الحماية الاجتماعية اللائقة والعادلة لمختلف فئات المجتمع العماني، وإدارة موارده واستثمار أمواله
وتشمل اختصاصات الصندوق المساهمة في رسم استراتيجيات وسياسات وبرامج الحماية الاجتماعية وتعزيزها من حيث المزايا والفئات المغطاة، وإدارة هذه البرامج وتقييم فاعليتها، واستثمار أموالها بما يحقق العائد المتوقع منها.
وسيتولى إدارة الصندوق وتنظيم شؤونه مجلس إدارة تتكون عضويته من ممثلين عن وحدات الجهاز الإداري للدولة، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، والاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان، وأعضاء مستقلون، بحسب المرسوم السلطاني.
ويستفيد من صندوق الحماية الاجتماعية فئات مختلفة من المجتمع العماني، منها كبار السن، والأطفال، والأشخاص ذوو الإعاقة، والأرامل، والأسر ذات الدخل المنخفض، والأشخاص المؤهلون لبرامج التأمين الاجتماعي، والمستفيدون من برامج الرعاية والتمكين والإدماج، حسبما أورد الموقع الرسمي للصندوق.
ويرى الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، أن الهدف من إنشاء صندوق الحماية الاجتماعية يهدف إلى تحقيق العدالة في توزيع التقاعد والتأمين لجميع منتسبيه في السلطنة، خاصة أن الأمر كان متروكاً للمؤسسات، وكان لكل منها صندوقها الخاص، حسبما صرح لـ"العربي الجديد".
ويشير الشوبكي، في هذا الصدد، إلى أن سلطنة عمان هي أقل دول الخليج من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يبلغ قرابة 19 ألف دولار سنوياً فقط، مشيراً إلى أن الاعتقاد السائد بين طبقات المجتمع في عمان هو أن هناك عدم عدالة في توزيع الحماية الاجتماعية للتقاعدات المختلفة.
ولذا اتجهت حكومة السلطنة إلى خطوة صندوق الحماية الاجتماعية، لتوحيد نظام التقاعد والتأمين بما يعكس العدالة في توزيع التقاعدات على منتسبي الأجهزة الحكومية، بحسب الشوبكي، مشيراً إلى خطط حكومية أخرى لرفع تأمين الشبكات الاجتماعية، وزيادة الحوكمة في تأمين الحماية الاجتماعية، سواء للمتقاعدين أو لمختلف الطبقات في المجتمع العماني.
ويتوقع الشوبكي أن توجهاً كهذا سيكون محل ترحيب شديد من جهات كانت أقل حظوة في الأنظمة الاجتماعية السابقة، في مقابل اعتراضات من الجهات التي كانت تأخذ نصيباً أكبر في الأنظمة ذاتها.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن النظام الجديد سيمكن الحكومة العمانية من إنشاء برامج جديدة، تشمل حماية عدد أكبر من المواطنين، وخدمات أفضل لجميع المنتسبين بالتساوي، وهو ما سيكون له أثر إيجابي على المدى الطويل، بالنسبة لمتقاعدي أجهزة الدولة، وعلى المجتمع العماني بوجه عام.
ولذا يصف الشوبكي توجه الحكومة العمانية بأنه "خطوة إيجابية، وفي الاتجاه الصحيح"، لتأمين أفضل حماية للمتقاعدين من جميع القطاعات.
الفعالية المالية
ويشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الهدف الرئيس من توحيد الصناديق الضامنة وأنظمة التقاعد هو تحقيق العدالة الاجتماعية من جانب، وتلبية مطالبات المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، من جانب آخر.
ويوضح عجاقة أن المؤسسات الدولية تطالب دول الخليج العربية، ومن بينها سلطنة عمان، بإصلاحات تحقق هدف "الفعالية المالية"، المرتبط بتوحيد أنظمة التقاعد والتأمين، والذي يفضي إلى توحيد المعالجة الحكومية لهذه الأنظمة، وبالتالي تعزيز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين دون تأثير سلبي في الموازنة.
عجاقة: الهدف الرئيس من توحيد الصناديق الضامنة وأنظمة التقاعد هو تحقيق العدالة الاجتماعية من جانب، وتلبية مطالبات المؤسسات الدولية
كما ينعكس توحيد أنظمة التقاعد على قطاعات العمل المختلفة، عبر تحفيز شمولية التغطية الخاصة بالحماية الاجتماعية، وهو ما يعد أحد معايير المجتمعات الحديثة والمتطورة، عبر ضمان سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة ومستدامة، حسبما يرى عجاقة.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أهمية عامل الاستدامة في توجه الحكومة العمانية الأخير، مرجحاً أن يكون ذا تأثير واضح على مالية السلطنة، من ناحية توفير فائض يُستخدم في دعم صندوق الحماية الاجتماعية، أو الاستثمار بالاقتصاد، ما يزيد من فرص العمل.
ويتوقع عجاقة أن يؤتي هذا التوجه ثماره خلال السنوات القليلة القادمة، من خلال استدامة صندوق الحماية الاجتماعية، دون احتياج لالتزام الدولة بإنفاق أموال من الميزانية العامة.