عمال من دون حماية في تونس من لهيب الصيف

27 يوليو 2023
ثغرات تشريعية تهدر الحقوق العمالية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يواجه عمال تونس شمس بلادهم الحارقة والتغيرات المناخية المتسارعة دون حماية في ظل غياب قوانين صريحة تكفل حقوق العاملين في الفضاءات المفتوحة من مخاطر التعرض لضربات الشمس والإجهاد الحراري.

يفرض التغير المناخي والأمراض المستجدة تحديات جديدة على قوانين العمل التونسية التي برزت منذ الجائحة الصحية، ما يوجب تحديثات عميقة للقوانين من أجل ملاءمتها مع المتغيرات الطارئة التي قد تنجم عن الجوائح الطبيعية أو الأمراض والأوبئة.
وتعد حماية العمال من موجات الحر العالية أو البرد القارس وتداعياتهما على الصحة من أبرز الملفات المستحدثة المطروحة على المشرع التونسي في غياب نقاشات حول تطوير أنظمة السلامة المهنية وحماية العمال من تأثيرات الإجهاد الحراري.
ولا يصنف القانون التونسي المتعلق بالأمراض المهنية الصادر عام 1995 الإجهاد الحراري ضمن قائمة الأمراض المهنية التي تتطلب التعويض عن الضرر أو الوفاة الناجمة عن التعرض لموجات الحر القاسية، حيث تضم القائمة الرسمية المعتمدة من قبل صندوق التأمين على المرض فقط الأمراض المهنية الناتجة عن المواد السامة أو الناتجة عن المحروقات أو المواد البلاستيكية أو الأدوية، وأيضا الأمراض الجلدية الناتجة عن عناصر تهيجية أو الأجواء الفيزيائية إلى جانب أمراض مهنية أخرى قد تنتج عن الغازات.

ويقول المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن العمال التونسيين خارج أنظمة الحماية من تأثيرات التغيرات المناخية سواء الناجمة عن الحر أو موجات البرد القاسية، وأيضا الأمراض الوبائية المستجدة، مؤكدا أن هذه الثغرات تظهر قصور قانون العمل الحالي عن حماية حياة العمال من تأثيرات الأمراض التي قد تنتج عن هذه العناصر.
وأكد بن عمر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على ضرورة احتواء المشرّع التونسي لهذه المتغيرات عبر تنقيح قوانين الشغل بحيث تأخذ بعين الاعتبار المستجدات المناخية والصحية من أجل ضمان حقوق العمال وتوفير وسائل العمل اللائق بالنسبة إليهم.
ويشير في هذا السياق إلى ضرورة التفكير في تغيير توقيت العمل وتقليص العمل الحضوري داخل الإدارات عبر رقمنة الخدمات التي لا تتطلب التعامل المباشر، وهو ما يشكل حماية كبيرة للعمال والمواطنين من تأثيرات الحر وكلفته الطاقية، ويعتبر أن القطاع الخاص في تونس يعد أكثر مرونة في التعامل مع التطورات المناخية والصحية المستحدثة.

يقول المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن العمال التونسيين خارج أنظمة الحماية من تأثيرات التغيرات المناخية

ويقول المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن الفراغ التشريعي في قانون العمل الذي يفترض أن يحدد بصريح النص المخاطر والأمراض المهنية الناجمة عن ضربات الشمس والإجهاد الحراري يتسبب في إهدار حقوق مئات العمال الذين يتعرضون لهذه المخاطر، ويؤدي ذلك إلى وفاتهم أحيانا.

ويفيد الطاهري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن العمال في الفضاءات المفتوحة ولا سيما العاملين في قطاعات البناء والأشغال العامة والمناجم والأنشطة البترولية، غالبا ما يتعرضون لمخاطر الإجهاد الحراري دون أن تكون لديهم الحماية الكافية لتجنيبهم مخاطر الأمراض التي تنجم عن الحرارة العالية. يتابع أنه "لا يوجد في مجلة الشغل التونسية نص صريح مرتبط بالتعرض لمخاطر المناخ".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

غير أنه أكد أن المشرع منح كلا من أطباء الشغل ومتفقدي الشغل إمكانيات إصدار مذكرات للمطالبة بتغيير توقيت العمل أو ظروف الشغل خلال موجات الحر أو البرد الشديد.

ويضيف الطاهري: "هذه المذكرات لا تنفذ في الغالب نظراً للضغوط التي يمارسها أرباب العمل على أطباء ومتفقدي الشغل، ما يجعل حقوق العمال في مهب الرياح ويعرضهم لمخاطر وضرر لا يحصلون على أي تعويض مقابله".

المساهمون