لم تكشف الاتحادات العمالية في المغرب عن فحوى العرض الذي تقدم به رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في اجتماع عقد الأربعاء لمناقشة المطالب العمالية. في اليوم التالي، اكتفى الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس بالقول إن الكشف عن العرض سيتم حين الاتفاق عليه بين أطراف الإنتاج الثلاثة، العمال وأصحاب العمل والدولة.
ويحل عيد العمال بعد أيام قليلة في سياق متسم بتضرر القدرة الشرائية وارتفاع التضخم، ما يدفع الاتحادات العمالية إلى التركيز على زيادة الأجور في القطاعين العام والخاص، وهو ما يتوافق مع مطالب غالبية العمال والموظفين في البلاد.
ويؤكد مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" أنه في حال التوصل إلى اتفاق والتوقيع عليه من قبل جميع الأطراف، ستعلن عنه وزارة الإدماج الاقتصادي قبل ليلة عيد العمال في الاول من مايو/أيار على أقصى تقدير.
وتأثرت القدرة الشرائية للطبقة العاملة في الفترة الأخيرة، بالكثير من العوامل، أبرزها تداعيات كورونا القاسية وارتفاع التضخم الذي لم يواكبه أي تحسين في الأجور في القطاعين العام الخاص. ويعتبر اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن الأزمة نالت من القدرة الشرائية للأسر والعمال، وتسببت في فقدان فرص العمل، وهو ما يؤشر عليه معدل البطالة الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل إلي 11.7 في المائة في العام الحالي.
ويؤكد الاتحاد المغربي للشغل ضرورة مراجعة الأجور والتعويضات العائلية في القطاعين العام والخاص بالموازاة مع تقليص الضغط الجبائي عن الأجور. ويسعى الاتحاد العام للشغالين المغرب، التابع لحزب الاستقلال الذي يعتبر طرفا في التحالف الحكومي الحالي، إلى إقرار زيادة الأجور بنسبة 10 في المائة مع خفض الضريبة على الدخل.
ويعتبر الخبير الجبائي محمد الرهج أنه كان يفترض على الحكومة تبني نظام جبائي يخفف الضغط عن الموظفين والأجراء والطبقة المتوسطة، عبر إعادة النظر في الضريبة على الدخل. غير أنه يرى أن تخفيف الضغط الضريبي عن تلك الفئات وتحسين قدرتها الشرائية لا يتأتى فقط من هذه الخطوة، بل أيضاً من خلال إعادة النظر في الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك.
ويعتبر محمد الهاكش، الرئيس السابق لاتحاد الجامعة الوطنية للقطاع الزراعي، أنه يفترض إعادة النظر بأجور الموظفين والعاملين في القطاع الخاص في سياق ارتفاع الأسعار والتضخم وزيادة تكاليف التعليم والصحة والخدمات.
ويلفت إلى ضرورة أن تقوم الحكومة بمراجعة الموازنة التي تقوم على محاولة الضغط على نفقات التسيير، خاصة نفقات الموظفين كما توصي بذلك مؤسسات مالية دولية، خاصة صندوق النقد.
ويؤكد على أن بنية الأجور في المغرب تعرف تبايناً كبيراً، مشددا على أن الحصول على الحد الأدنى المحدد في 320 دولاراً فقط كأجر شهري يطاول السواد الأعظم من الموظفين.
وكان عدد موظفي الدولة المدنيين قد سجل ارتفاعاً طفيفاً في العشرة أعوام الأخيرة، من 566 ألفاً في 2011 إلى 570 ألفاً في 2021، علماً أن ذلك الرقم لا يشمل عدد الموظفين الذين التحقوا بالتعليم في إطار التعاقد.