عمالقة النفط الأميركيون يجنون ثمار "تحول تكتيكي"

29 ابريل 2024
حقل نفط في ولاية داكوتا الشمالية، 6 نوفمبر 2013 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عمالقة النفط الأميركيون "شيفرون" و"إكسون موبيل" يحققون أرباحاً مضاعفة بتكثيف الإنتاج في الولايات المتحدة وغويانا، مستفيدين من ارتفاع أسعار الخام.
- الشركتان تستثمران بكثافة في حوض بيرميان وغويانا، مع توقعات بزيادة الإنتاج بنسبة 10%، مما يعزز مكانتهما العالمية ويبرز تفوقهما على الشركات الأوروبية.
- "إكسون" و"شيفرون" ملتزمتان بتعزيز إنتاج النفط رغم التحديات الجيوسياسية والتوجه نحو الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة، مع توقعات بنمو الطلب العالمي على النفط.

يجني عمالقة النفط الأميركيون ثمار تحولهم الاستراتيجي نحو تكثيف الإنتاج من حقول الولايات المتحدة وغويانا في أميركا الجنوبية، إذ انتعش إنتاج شركتي شيفرون وإكسون موبيل تحديداً في الربع الأول من العام الجاري، في وقت شهد فيه سعر الخام ارتفاعاً لافتاً لتتضاعف أرباحهما تقريباً مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

أشار تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية إلى أن الشركتين توجهان بالغ اهتمامها إلى اثنين من أهم حقول النفط على هذا الكوكب، ما يبرر الدافع وراء إنفاقهما ما يفوق 100 مليار دولار على صفقتي استحواذ في الوقت الحالي.وتتوقع كل من "إكسون موبيل" و"شيفرون"، اللتين أعلنتا عن أرباحهما، يوم الجمعة الماضي، أن يزيد إنتاجهما من حوض بيرميان، وهي منطقة أميركية تنتج بالفعل كميات من النفط أكثر من العراق، بنسبة 10% خلال العام الجاري.

كما كشفت "إكسون موبيل" أن الإنتاج من مشروعها النفطي الضخم في غويانا شمالي أميركا الجنوبية، على المحيط الأطلسي (مساحتها 215 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 800 ألف، نالت استقلالها عن بريطانيا عام 1966) ارتفع في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 70% مقارنة بنفس الفترة من 2023، وهذا يكفي لتوفير ما يقرب من خُمس نمو الطلب العالمي هذا العام وفقاً لتوقعات وكالة الطاقة الدولية.

تتميز غويانا وحوض بيرميان بمستويات طائلة من الإنتاج المتنامي في صناعة واجهت تحديات من أجل إيجاد موارد جديدة منخفضة التكلفة في السنوات الأخيرة. والآن تتنافس "إكسون موبيل" و"شيفرون" لتعزيز مكانتيهما، متفوقتين على أكبر نظيراتهما الأوروبية في هذا الصدد. ومن المقرر أن تصبح "إكسون" أكبر منتج في حوض بيرميان بمجرد أن تنهي استحواذها على شركة بايونير ناتشورال ريسورسز البالغة قيمته 64 مليار دولار، بينما تنفق "شيفرون" 52 مليار دولار على صفقة شراء حصة 30% في شركة "هيس" من منطقة ستابروك الغنية في غويانا.

وقال المحلل لدى شركة ترويست سيكيوريتيز، نيل دينغمان، إن حوض بيرميان وغويانا "يعتبران محركين كبيرين للنمو في الشركتين. هناك بالتأكيد مخاوف بشأن المخزون الأميركي، ونقص في جميع أنحاء العالم بسبب ضعف الاستثمار في الشركات على مدى عدة سنوات حتى الآن".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن انسحاب تكتيكي للعملاقين الأميركيين من أوروبا الغربية وغرب أفريقيا وروسيا، مع التركيز على مناطق أكثر استقراراً وأقرب وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي. وقال محللون للصحيفة آنذاك، إن عصر شركات النفط الأميركية العملاقة التي تمتلك مجموعة متنوعة من الأصول المنتشرة في جميع أنحاء العالم قد انتهى.

ومن خلال صفقات الاستحواذ التي تجري، ستصبح "إكسون"، التي انسحبت من روسيا والكاميرون وتشاد في السنوات الأخيرة، أكبر منتج في حوض بيرميان الواقع في تكساس ونيو مكسيكو. كذلك ستضيف "شيفرون" أصولاً في عدة مناطق للنفط الصخري، بعد التخلص من الأصول في المملكة المتحدة والنرويج في السنوات الأخيرة.

واستفادت شركات النفط الأميركية من صعود مزيج برينت في وقت سابق من الشهر الجاري فوق مستوى 90 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ الخريف، مع تهديد التوترات في الشرق الأوسط بدفع الأسعار إلى مستويات أعلى. وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة للتحول إلى مصادر طاقة أكثر مراعاة للبيئة، فمن المتوقع أن ينمو الطلب على النفط، بحسب وكالة الطاقة الدولية، بنحو 1.3 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري ليصل إلى مستوى قياسي جديد.

أما الشركتان الأوروبيتان الكبيرتان "شل" (Shell) و"بي بي" (BP)، اللتان من المقرر أن تعلنا عن نتائجهما المالية خلال الأسبوعين المقبلين، فهما في وضعية مختلفة تماماً. فقد انسحبت "شل" من غويانا قبل أشهر من قيام "إكسون" بحفر أول اكتشاف لها في 2015، وباعت موقعها في حوض بيرميان لشركة "كونوكو فيليبس" في 2021. وتعد مشاركة "بي بي" في حوض بيرميان أقل بكثير من أي من الشركات الأميركية الكبرى.

علاوة على ذلك، سعت شركتا "شل" و"بي بي" في السنوات الأخيرة إلى التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة. والآن تعود الشركتان نحو تعزيز إنتاج النفط والغاز. لكن القول أسهل من الفعل، وفق بلومبيرغ، فكلتاهما تعانيان من معدلات نمو ضعيفة حتى عام 2030 مقارنة بمنافسيهما في الولايات المتحدة، على افتراض اكتمال صفقتي "بايونير" و"هيس".

بالنسبة إلى "إكسون" و"شيفرون"، وكلتاهما ملتزمتان بالوقود الأحفوري، فإنّ استهداف حوض بيرميان وغويانا لن يؤدي إلى زيادة الإنتاج فحسب، بل سيساهم أيضاً في خفض التكلفة الإجمالية للإمدادات. ويمكن لكلتا المنطقتين إنتاج النفط بربح من دون 35 دولاراً للبرميل.

المساهمون