عقوبات رياض سلامة: نفي وتشكيك ومخاوف من التداعيات... والدولار تجاوز 10 آلاف ليرة

05 مارس 2021
سلامة يتعرض لانتقادات واتهامات وضغوط حادة داخل لبنان وخارجه (فرانس برس)
+ الخط -

أثارت معلومات عن دراسة الإدارة الأميركية فرض عقوبات على حاكم "مصرف لبنان" المركزي رياض سلامة، الكثير من البلبلة في الشارع اللبناني وكذا في أروقة السلطة، إلى أن أكد المتحدث الاعلامي في السفارة الأميركية في لبنان كايسي بونفيلد، أن التقارير التي تشير إلى عقوبات على سلامة غير صحيحة، في وقت تجاوز فيه سعر صرف الدولار في السوق السوداء 10 آلاف ليرة، مسجلاً 10100 بعد ظهر اليوم.

وقال بونفيلد لـ"العربي الجديد": "رأينا تقارير تتحدث عن عقوبات محتملة على رياض سلامة هي غير صحيحة". وأوردت شبكة "بلومبيرغ"، في تقرير نشر الخميس، أن مسؤولين داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ناقشوا عملياً إمكان اتخاذ إجراءات منسقة مع نظرائهم الأوروبيين تستهدف الحاكم سلامة، الذي يرأس السلطة النقدية في لبنان منذ نحو 28 عاماً، حسبما قال الأشخاص الذين طلبوا من المراسل عدم الكشف عن هوياتهم باعتبار أن المحادثات تجري في أجواء خاصة.

ونقلت "رويترز" مساء اليوم، عن سلامة قوله إنه سيقاضي "بلومبيرغ" بعد نشرها التقرير الخاص بعقوبات محتملة ضده.

وتعلّق مصادر مصرفية، في حديث لـ"العربي الجديد"، على المعلومات أوردتها وكالة بلومبيرغ بالتشكيك. وتضيف: "هذا الأمر مستبعد، حيث تردّد أن العقوبات ستكون في إطار قانون ماغنيتسكي لمكافحة الفساد، وهي مرتبطة بالادعاءات الأخيرة على حاكم البنك المركزي من القضاء السويسري". إذ تعتبر هكذا إجراءات، بمثابة تدبير نادر تتخذ فيه حكومة أجنبية عقوبات ضد حاكم مصرف مركزي بسبب مزاعم الفساد.

وفي مقابل صمت الحاكم، تكتفي مصادر مقرّبة منه بالقول لـ"العربي الجديد": "معلوماتنا تؤكد أنّ كل ما نشر عبارة عن كلام مغلوط، وغير صحيح".

وباتت الأنظار موجهة أكثر إلى رياض سلامة بعد سلسلة الادعاءات عليه من جانب القضاء اللبناني أو مودعين، والشكاوى المستمرّة من جانب محامين من مجموعات مدنية، قبل أن يصبح ملفه أيضاً عند القضاء السويسري، الذي يبحث في موضوع التحويلات المالية التي أجراها الحاكم مع شقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويّك.

كما يخوض فريق رئيس الجمهورية ميشال عون، في الكواليس والعلن، معركة ضدّ سلامة انطلاقاً من ملف التدقيق الجنائي، وفي محاولة تمهيدية لإزاحته من منصبه، في ظلّ ما يتردّد عن وجود بديل له مقرّب من الرئاسة، وهو ما يعد نقطة من نقاط الخلاف الموجودة كذلك بين الرئيس عون وصهره جبران باسيل من جهة، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الداعم الأكبر لسلامة، من جهة أخرى. ويشرح خبراء الاقتصادي تأثير مثل هكذا قرارات على الوضع النقدي والاقتصادي المأزوم في لبنان.

ويقول مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية والخبير الاقتصادي سامي نادر، لـ"العربي الجديد"، إنها "ليست المرة الأولى التي تخرج فيها أخبار تتحدث عن نيّة أميركية بفرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان، وسبق أن تناولت صحف عالمية مرموقة في الأشهر الستة الماضية، الموضوع ذاته".

ويلفت نادر إلى أنّ هناك انعكاسات كبيرة جداً في حال فرض عقوبات على سلامة، باعتبارها تطاول جزءاً مهماً من المنظومة الحاكمة أو السلطة، التي لها وجهان، سياسي ونقدي، والحاكم بموقعه مسؤول عمّا آلت اليه الأمور على المستوى الاقتصادي، حيث إنّ السلطة النقدية سهّلت بالحد الأدنى المهمّة على السلطة السياسية.

أما بشأن الانعكاسات المالية، فيرى الخبير الاقتصادي أنّ الخوف عادة يصبّ في حال فرض عقوبات على حاكم بنك مركزي على الليرة وخطر انهيارها، لكن في الظروف الراهنة، نحن نشهد أصلاً انهياراً غير مسبوق للعملة الوطنية، وتدهوراً اقتصادياً ونقدياً ومالياً، قبل انتشار الأنباء عن سلامة.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، لـ"العربي الجديد"، إن رياض سلامة كان مؤتمناً على السياسة النقدية والمالية، وطلب منه تمويل الدولة على مدى سنين وحتى عقود. ويضيف أن "فرض عقوبات على سلامة، إذا حصل، من شأنه أن يزعزع أكثر الوضع المصرفي ويكون الضربة القاضية عليه. إذ إن 85 في المائة من عمليات التداول حالياً تتم بالدولار الأميركي، فأي جهة ستتجرّأ على التعامل مع مصرف مركزي أو جهاز مصرفي موضوع تحت مقصلة العقوبات؟".

ويرى أبو سليمان أننا سنكون أمام مرحلة انتقالية في حال إقرار العقوبات الأميركية وتسليم البنك المركزي الى حاكمٍ آخر، علماً أنّه في الوقت نفسه، المصارف اللبنانية شبه مستسلمة ولا تقوم بوظيفتها لناحية تمويل الاقتصاد، وباتت أشبه بجهاز الصراف الآلي.

المساهمون