عجز كبير في موازنة العراق... وتعطل مشاريع حكومية

14 ابريل 2024
تفاقم العجز المالي يأتي رغم ثروات النفط (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة العراقية تواجه انتقادات بسبب تأخر إرسال جداول الموازنة العامة لعام 2024 إلى البرلمان، مع توقعات بعجز مالي ضخم يصل إلى 80 تريليون دينار، وسط قلق الأوساط السياسية والمالية بسبب زيادة النفقات وانخفاض الإيرادات.
- وزير التخطيط يؤكد على الجهود المستمرة لإرسال الموازنة إلى البرلمان في أقرب وقت، بينما يحمل أعضاء اللجنة المالية النيابية الحكومة مسؤولية التأخير وتوقف المشاريع الحيوية.
- التحديات المالية والاقتصادية تبرز بشكل كبير في العراق، مع التأكيد على ضرورة استثمار الفرص لتحسين الوضع المالي، مثل ارتفاع أسعار النفط، والتركيز على تعديل مصادر الدخل وتقليل الإنفاق الحكومي.

تواجه الحكومة العراقية انتقادات من مختلف التيارات السياسية واللجان المختصة في البرلمان، بسبب تأخر إرسال جداول الموازنة العامة للدولة لهذا عام 2024، في وقت تقدر الحكومة العجز المالي بنحو 80 تريليون دينار (60.6 مليار دولار)، من إجمالي الموازنة البالغة قيمتها نحو 228 تريليون دينار.

وتبلغ نسبة الارتفاع في النفقات العامة الفعلية للدولة بحدود 22% في حين انخفضت الإيرادات العامة بحوالي 26 تريليون دينار، بنسبة بلغت 19%، ما ينعكس على نسبة العجز المقدرة، وفق ما أكد وزير التخطيط، محمد تميم، في تصريحات صحافية، في وقت سابق من إبريل/ نيسان الجاري.

وأشار وزير التخطيط إلى أن هناك عدداً من التحديات التي تواجه الحكومة في إدارة الأمور المالية والاقتصادية بشكل فعال.

وشدد على أنه يجرى العمل على تقديم جداول الموازنة هذا العام في أسرع وقت ممكن، لتفادي الآثار السلبية التي قد تنجم عن تأخر ذلك. في الوقت الذي قال فيه المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي إن مجلس الوزراء سيصادق على جداول الموازنة خلال أسبوعين، وإن الرواتب مؤمنة بشكل كامل لمدة عام وتبلغ قيمتها 69 تريليون دينار.

لكن عضو اللجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، حمل الحكومة مسؤولية تأخير الموازنة، مشيراً إلى أن الكثير من المشاريع قد توقفت بسبب عدم إطلاق التخصيصات المالية، وأن هناك توجهاً برلمانياً لاستضافة رئيس الوزراء ومسؤولي وزارة المالية والجهات المعنية في البرلمان لمناقشة أسباب التأخير.

وأوضح الكاظمي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مجلس الوزراء وضع اللمسات الأخيرة على الموازنة، ومن المتوقع إرسالها إلى البرلمان للتصويت عليها بعد عطلة عيد الفطر المبارك.

وكشف الكاظمي عن وجود زيادات في متطلبات الرواتب وصلت إلى 8.5 تريليونات دينار شهرياً، مما أدى إلى زيادة حجم الموازنة إلى 228 تريليون دينار، وأن مشاريع وزارتي الصحة والتربية توقفت بسبب تأخر إقرار الموازنة.

ودعا إلى ضرورة الإسراع في إرسال جداول الموازنة إلى البرلمان، من أجل صرف المخصصات المالية التي يجب ألا تتأثر بتأخير الجداول.

وأكدت اللجنة المالية في البرلمان أن تأخير الموازنة يتعلق بسقف العجز المالي الكبير. وقال عضو اللجنة المالية، عدي عواد، إن تعديل قانون الموازنة معطل بسبب ارتفاع سقف العجز الإجمالي في الموازنة حيث وصل إلى أكثر من 80 تريليون دينار، لذلك ذهبت التوجهات لتخفيض الإنفاق العام.

وأضاف عواد لـ"العربي الجديد" أن سقف المشاريع في العام الجاري سيكون أقل من عام 2023 تقريباً، وبالتالي يمنع إدراج أي مشروع جديد في الموازنة والاكتفاء بالمشاريع المستمرة، وهذا سيحرم الكثير من المحافظات من المشاريع الجديدة بسبب العجز المالي وعدم تحقق الإيرادات المالية غير النفطية.

وأشار إلى أن جداول وبنود الموازنة غير ثابتة لأن أسعار النفط والموارد المالية متذبذبة، وأعداد الموظفين والمتقاعدين في تزايد، فضلاً عن استحداث درجات وظيفية جديدة، مما يدعو للقلق، وينذر بكارثة اقتصادية كبيرة.

وأكد أنه لا يوجد موعد محدد لإرسال الموازنة إلى مجلس النواب، بسبب عدم وجود حلول للعجز المالي، متوقعاً "أن يقوم مجلس الوزراء بإرسال الموازنة الى البرلمان بعد عطلة العيد".

وبيّن أن إقرار موازنة ثلاثية في العام الماضي أعطى الصلاحية للحكومة لصرف موازنة 2023، أما موازنتا 2024 و2025 فيجب أن يراجعهما البرلمان لأنَّ بعض المشاريع انتهت في العام الماضي، وهناك متغيرات مالية تتعلق بإرادات الدولة ومخرجاتها.

وأكد الباحث الاقتصادي علي العامري أن الديون الخارجية والداخلية وارتفاع النفقات التشغيلية ضمن جداول الموازنة فاقم من نسبة العجز، وشكل خطورة بالغة على الاقتصاد الوطني العراقي.

وأضاف العامري لـ"العربي الجديد" أن الصراعات السياسية والتنافس على تحقيق المكاسب المالية من الموازنة تعتبر سبباً رئيساً لتأخر إقرارها، والإسراع في إقرارها في البرلمان يعتمد على التوافقات الحزبية والسياسية.

وبيّن أن الحكومة لم تستثمر فرصة ارتفاع أسعار النفط وارتفاع الإيرادات المالية العائدة منها في تخصيص جزء مالي لسداد الديون وخفض تأثيرها من أجل الحد من ارتفاع مستويات الديون المترتبة على ذمة العراق.

وأشار إلى أن التعيينات التي وصلت إلى عشرات الآلاف دون تخطيط حقيقي ستكون عبئاً على الدولة، ولا يمكن الاستمرار في دفع الرواتب مع أي انخفاض محتمل لأسعار بيع النفط في الأسواق العالمية.

وأفاد العامري بأن ارتفاع مستويات العجز سوف يستنزف موارد الدولة المالية ويقيد الفرص المتاحة لتنمية المستدامة، ويعرض البلد لأزمة مديونية لا يمكن التخلص منها ما لم يتم تجاوزها من خلال الاستثمار الأمثل لموارد الدولة، والحد من مستويات الإنفاق الحكومي.

وشدّد على أهمية فتح مجالات جديدة للاستثمار وتعديد مصادر الدخل العام للدولة العراقية من أجل تجاوز أزمة مالية واقتصادية كبيرة قد تكلف العراق الكثير من الخسائر على المستوى الداخلي والخارجي.

المساهمون