كشفت وزارة المالية العمانية عن تفاصيل موازنة العام الجديد 2023، بعجز متوقع بقيمة 3.3 مليارات دولار، ويأتي ذلك رغم ارتفاع سعر النفط والغاز وتوسع السلطنة في إنتاج كل منهما مؤخراً.
وحسب مراقبين، يرجع العجز المالي إلى أسلوب التحوط الحكومي عند إعداد الموازنة، حيث قدرت الموازنة سعر النفط بأقل من مستويات السوق حالياً لمواجهة أي تذبذب في الأسعار، خاصة في ظل الأحداث الجيوسياسية غير المستقرة عالمياً، ومنها استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقُدِّر سعر برميل النفط في سلطنة عمان بموازنة العام المالي الجديد (2023) عند 55 دولاراً، في حين يبلغ سعره حالياً نحو 80 دولاراً.
وحسب البيانات التي أعلنتها وزارة المالية، أول من أمس، بلغت قيمة الإيرادات المعتمدة في الموازنة الجديدة 10.05 مليارات ريال عماني (26 مليار دولار)، بنسبة تراجع 5% عما هو معتمد في ميزانية 2022، فيما يبلغ الإنفاق المتوقع 11.35 مليار ريال، بزيادة قدرها 2% عن موازنة 2022، حسب دليل المالية، وهو ما صادق عليه السلطان هيثم بن طارق، الأحد، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
ويعادل عجز الموازنة المتوقع في 2023 نسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي لعمان، و11% من الإيرادات العامة المقدرة.
ويعود انخفاض الإيرادات في الموازنة إلى تراجع إيرادات الغاز، نظراً لإنشاء شركة الغاز المتكاملة التي تهدف إلى تحقيق أهداف عدّة، منها تحسين مؤشرات الأداء المالي للدولة باستبعاد مصروفات شراء ونقل الغاز من الميزانية، وتوريد صافي إيرادات مبيعات الغاز للخزينة العامة، حسبما أوردت منصة الطاقة المتخصصة.
لكن السلطنة التي سجلت عجزاً مالياً، على مدى أكثر من 10 أعوام، حققت فائضاً في 2022 لأول مرة منذ 13 عاماً، بقيمة بلغت 1.146 مليار ريال (2.98 مليار دولار)، وذلك بعد زيادة الإيرادات بنسبة 34.5% مقارنة بما هو معتمد في بداية العام نفسه.
وترجع زيادة الإيرادات بالأساس، حسب دليل المالية العمانية، إلى ارتفاع متوسط أسعار النفط المحققة إلى نحو 94 دولاراً للبرميل مقارنة بسعر البرميل المعتمد في الميزانية، وهو 50 دولاراً للبرميل، وارتفاع إيرادات النفط بنسبة 66%، وإيرادات الغاز بنسبة 29%.
وينسجم تقدير سعر النفط المعتمد في الموازنة العمانية لعام 2023 مع مبدأ التحوط لمواجهة أي تذبذب في الأسعار، خاصة في ظل الأحداث الجيوسياسية غير المستقرة، خاصة استمرار الحرب في أوكرانيا.
ووصلت إيرادات النفط والغاز في السلطنة إلى 9.2 مليارات ريال (نحو 24 مليار دولار) حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022، بحسب بيان صادر عن وزارة المالية، فيما ارتفع إنتاج السلطنة من النفط إلى متوسط 1.056 مليون برميل يومياً بنهاية الشهر ذاته، مقابل 960 ألف برميل يومياً بالفترة المقارنة من 2021.
وتمكن الإيرادات المالية الإضافية الحكومة العمانية من سداد جزء من المديونية العامة وإدارة المحفظة الإقراضية، ما أدى إلى خفض إجمالي حجم الدَيْن العام من 20.8 مليار ريال (54.08 مليار دولار) في نهاية عام 2021 إلى 17.7 مليار ريال (46.02 مليار دولار) في عام 2022.
وساهم ارتفاع الإيرادات العامة عام 2022 في خفض خدمة الدَيْن العام من 1.294 مليار ريال (3.3644 مليارات دولار) معتمد في بداية عام 2022 إلى نحو 1.14 مليار ريال (2.964 مليار دولار) بنهاية العام نفسه.
وحقق فائض موازنة 2022 العديد من الفوائد لسلطنة عمان، منها تسديد 2.4 مليار ريال (6.24 مليارات دولار) من الدين العام، وبالتالي انخفض هذا الدين من 20.8 مليار ريال (54.08 مليار دولار) في بداية 2022 إلى 18.4 مليار ريال عماني (47.84 مليار دولار) في بداية 2023. وأسهم ذلك في رفع التصنيف السيادي لسلطنة عمان، حسبما نقل موقع "أثير" العماني عن المحلل الاقتصادي محمد الوردي، في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
يعود انخفاض الإيرادات في الموازنة إلى تراجع إيرادات الغاز، نظراً لإنشاء شركة الغاز المتكاملة التي تهدف إلى تحقيق أهداف عدّة، منها تحسين مؤشرات الأداء المالي للدولة
وتهدف السلطنة إلى بلوغ متوسط معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% من عام 2023 إلى 2040، في حين بلغ معدل النمو المتوقع للاقتصاد العماني في 2022 نحو 2.5%، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
ولأن ميزانية السلطنة تستفيد من ارتفاع أسعار النفط وتحسن الإنتاج، وسط تضرر الإمدادات وارتفاع قوي في الطلب، مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، توقع الإصدار الأخير من تقرير البنك الدولي أن يواصل الاقتصاد العماني انتعاشه على المدى المتوسط، مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة، والتوسع في إنتاج النفط والغاز، والإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق.
كما توقع البنك أن يعود الميزان التجاري الخارجي إلى تسجيل فائض على خلفية ارتفاع عائدات النفط وانتعاش الصادرات غير النفطية.
ولذا، قررت الحكومة العمانية أنها لن تلجأ للاقتراض والسحب من الاحتياطات لتمويل عجز الموازنة العامة الجديدة في حال ارتفاع الإيرادات العامة وتحقيق إيرادات إضافية، خاصة مع ارتفاع متوسط سعر برميل النفط في السلطنة عما هو معتمَد وفق مبدأ التحوط.
وعلى التوازي، توجّهت الحكومة العمانية لخفض الدعم عن قطاع المنتجات النفطية والمياه والكهرباء، خلال السنوات الأخيرة بشكل تدريجي، ضمن خطة للتوازن المالي.