عجز الموازنة العراقية: تعويل على سعر النفط وزيادة الصادرات

04 سبتمبر 2021
زيادة في حجم الصادرات النفطية العراقية (مهند فلاح/ Getty)
+ الخط -

تجاوزت أسعار النفط 70 دولاراً، إلا أن السلطات العراقية ما زالت تتحدث عن وجود عجز في الموازنة التي وضعت على أساس بيع برميل النفط بـ45 دولاراً فقط. وبالتزامن مع ذلك، يواصل العراق إجراءاته التقشفية التي اعتمدها مطلع العام الحالي ومن بينها خفض قيمة العملة المحلية بواقع 1450 دينارا للدولار الواحد بعد ثباتها لسنوات عند عتبة 1200 دينار للدولار. واقع دفع العديد من البرلمانيين إلى الدعوة لوقف خطط الاقتراض وسد العجز بالإيرادات النفطية.

ولكن، في تناقض مع الرواية الحكومية، أكدت لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي أن العجز لم يعد موجوداً بسبب ارتفاع سعر النفط، وزيادة كميات التصدير. وقال عضو اللجنة عطوان العطواني، إن الحديث عن وجود عجز يجب أن يعتمد على معطيات رقمية، مؤكدا في حديث مع "العربي الجديد" أن فارق السعر كبير بين الرقم الذي بنيت عليه الموازنة وبين سعر البرميل حالياً. وأشار إلى أن كميات النفط التي يصدّرها العراق زادت هي الأخرى عبر اتفاقات ثنائية مع عدة دول، في المقابل لا يوجد إنفاق مالي كبير بسبب توقف الكثير من المشاريع.

وشرح: "يوجد تراكم مالي كبير يكفي لسد العجر في الموازنة، ويمكن لذلك أن يسد النقص التمويلي الحاصل في قطاعات مهمة".

وتابع العطواني أنه "لا يوجد مبرر للحديث عن العجز، لأن فرق سعر النفط يكفي لسده"، مشيراً إلى أن معظم المحافظات والوزارات لم تنفذ خططها هذا العام، ما يعني أن الإيرادات ارتفعت والنفقات تراجعت وهي معادلة مثالية لخفض العجز.

وأكد أن الحكومة يمكن ان تسد العجز في الموازنة من دون أن تكون هناك حاجة للاقتراض. وأشار إلى أن عدم قيام وزارة التخطيط بالمصادقة على بعض المشاريع الجديدة يمكن أن يوفر أموالاً للسلطة التنفيذية، وختم بالقول "لا نريد فائضاً، ولا نريد الاقتراض".

وأكدت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان ميثاق الخالدي، الأسبوع الماضي، أن وزارة المالية كان بإمكانها استغلال تعافي أسعار النفط من أجل مواجهة قلة الموارد الاقتصادية، مشيرة إلى أن "العجز الموجود في الاقتصاد العراقي رقمي فقط". وعبرت عن استغرابها من لجوء وزارة المالية إلى الاقتراض، مبينة أن سعي الحكومة للاستدانة لن يمر بسهولة في البرلمان.

وتابعت "تبقى مسألة القروض مجرد طرح حكومي لم ينل ثقة البرلمان"، موضحة أن القروض لن تمرر في ظل وجود بدائل لذلك. وقال مسؤول في وزارة المالية العراقية لـ "العربي الجديد" إن العراق ألغى فعلا خطط الاقتراض الخارجي والداخلي التي كانت مقررة في بنود الموازنة للعام الحالي والتي تصل إلى 12 مليار دولار ولم تعد هناك حاجة للاقتراض".

وأضاف أن الحكومة لا تنظر فقط إلى الارتفاع في أسعار النفط والذي يمكن أن يكون مؤقتاً، وتم بناء موازنة العام الحالي وفقاً لدراسة شملت جميع القضايا ومنها محاولة تعزيز احتياطي العملة الصعبة للعراق وتكوين مخزون إضافي لمواجهة أي طارئ وتلافي أي أزمة مالية مقبلة كما حصل نهاية العام الماضي التي هددت استمرارية دفع الحكومة للمرتبات".

وتابع أنه "كي تضمن الوزارة النجاح في عملها عليها اعتماد الحد الأدنى للسعر الذي يمكن أن يباع به النفط"، مبينا أن الإعلان عن سد العجز في الموازنة من عدمه بسبب الفرق في سعر النفط، يمكن أن يتضح نهاية العام الحالي.

وأعلن وزير المالية العراقي، علي عبد الأمير علاوي، الخميس الماضي، إنجاز مشروع موازنة عام 2022، وقرب عرضه على مجلس الوزراء، مؤكداً أنّ السياسة المالية للعراق مرّت بصعوبات كبيرة. وقال الوزير في تصريح لعدد من وسائل الإعلام المحلية العراقية في بغداد، إن "موازنة عام 2022 أُنجِزَت، وستُعرَض خلال 3 أسابيع في مجلس الوزراء"، مشيراً إلى أن "سعر برميل النفط في موازنة 2022 سيكون 50 دولاراً، وأن أوبك ستضيف 450 ألف برميل للإنتاج العراقي النفطي".

وذكرت عضو البرلمان محاسن حمدون عدداً من الأسباب التي قالت إنها تقف وراء وجود عجز في موازنة العام الحالي، من بينها التعيينات التي أطلقها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وتخصيص مبالغ مالية كبيرة للمتقاعدين وضحايا الإرهاب.

وأكدت حمدون لـ "العربي الجديد" أن أكثر من 13 تريليون دينار (ما يعادل 9 مليارات دولار) ذهبت إلى هيئة التقاعد وحدها. وأوضحت أن ارتفاع سعر النفط يجب أن يسد العجز في الموازنة، لافتة إلى أن "وزارة المالية لا زالت تشكو من وجود نقص في السيولة رغم ارتفاع أسعار النفط عن المستويات المتوقعة سابقاً".

وكان تحدي الأزمة المالية الناتجة من هبوط أسعار النفط عالمياً، بسبب جائحة كورونا، والفساد المستشري في المؤسسات العراقية، من أصعب التحديات التي واجهتها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التي تشكلت قبل أكثر من عام، والتي أجبرت على اتخاذ قرارات عدة، من بينها اللجوء إلى الاقتراض، وخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، من أجل توفير الرواتب للموظفين وتسيير عمل المؤسسات الحكومية.

المساهمون