طوابير في سريلانكا للحصول على وثائق سفر هرباً من الأزمة الاقتصادية

07 يوليو 2023
احتجاجات على الضرائب في سريلانكا (Getty)
+ الخط -

يصطف سريلانكيون في طوابير هذا العام في مسعى للحصول على وثائق سفر تتيح لهم الفرار من بلادهم التي تعاني من أزمة اقتصادية، بعدما وقفوا في صفوف انتظار طويلة للحصول على الطعام والوقود العام الماضي.

وقف غايان جايواردينا (43 عاما) عند مكتب حكومي ينتظر إصدار جواز سفر لطفلته الرضيعة.

وقال المسؤول في خدمة العملاء لوكالة "فرانس برس"، إن "الوضع لا يتحسن"، مؤكدا أن "كل ما يبدو طبيعيا هو سراب".

وأضاف الرجل: "عندما نفكر بالأمر من وجهة نظر أطفالنا، فإنه من الأفضل المغادرة. نرغب في أن نهاجر إلى دولة مثل نيوزيلندا".

تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية البالغة 46 مليار دولار في نيسان/إبريل 2022، وعانى المواطنون أشهرا من نقص المواد الغذائية والوقود والأدوية.

وفجرت الأزمة الاقتصادية العام الماضي اضطرابات مدنية استمرت أشهرا، وأطاحت بالرئيس آنذاك جوتابايا راجاباكسا.

ورفع خلفه رانيل ويكرمسينغه الضرائب وألغى الدعم السخي للطاقة، كما رفع الأسعار بشكل حاد لزيادة إيرادات الدولة، في إجراءين لم يحظيا بقبول شعبي.

ومع أن الحكومة الجديدة أعادت الإمدادات، لكن سعرها الآن يصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة أضعاف سعرها السابق.

وتراجعت حدة الأزمة مع إبرام الحكومة خطة إنقاذ بقيمة 2.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في مارس/آذار، لكن الكثيرين في البلاد ليسوا متفائلين.

نحاول المغادرة

يفكر مادورانجا (38 عاما)، وهو مهندس برمجيات، في الهجرة إلى أستراليا بسبب تكاليف المعيشة المرتفعة والضرائب.

وقال لـ"فرانس برس"، إن "التكاليف ترتفع، ترتفع كل يوم ولكن الراتب ما زال على حاله"، موضحا أن "الشركات لا تقوم بزيادة الرواتب ولهذا فإننا نحاول المغادرة".

في مكتب التوظيف الخارجي الذي يتعين على السريلانكيين التسجيل فيه قبل توليهم وظائف خارج البلاد، قفزت الأعداد من 122 ألف شخص في العام 2021، لتصل إلى رقم قياسي بلغ 311 ألفًا العام الماضي.

في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، سجل المكتب نحو 122 ألف شخص غادروا البلاد، وهو العدد نفسه في كامل عام 2021. بينما يعتقد مسؤولون أن آخرين غادروا بتأشيرات سياحية بحثاً عن عمل في الشرق الأوسط، وأماكن أخرى في آسيا.

والعام الماضي، تضاعف عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على وثائق سفر من أكثر من 382,500 شخص في العام 2021، عندما حقق الاقتصاد نموا بقيمة 3.3%، ليسجل رقما قياسيا في العام 2022 وصولا إلى 911,689 شخصا، عند انكماش الاقتصاد بقيمة 7.8%.

وتقول دائرة الهجرة إنه حتى أيار/مايو هذا العام، تم إصدار 433 ألف وثيقة سفر.

وتم إطلاق نظام عبر الإنترنت في يونيو/حزيران الماضي للتعامل مع الطلب المتزايد، لكن يجب على أولئك الذين يسعون بشكل عاجل للحصول على جوازات سفر التقدم شخصيًا.

قدم داميثا هيتيهامو (51 عاما) لتجديد جواز سفره في يوم واحد، ويقول: "كان رقمي 976 وأعتقد أن هناك نحو 500 شخص ينتظرون بعدي".

وتابع: "لم أتوقع رؤية هذا العدد من الناس لأجل هذه الخدمة التي تستغرق يوما واحدا".

هجرة الأدمغة

لعقود، قامت سريلانكا بتصدير العمالة حيث وفرت عمالا مهرة وغير مهرة، خاصة لدول الخليج. لكن تأثير هجرة الأدمغة يبدو ملموسا بشكل أكبر.

وتمتلئ الصحف بتقارير عن نقص في الأيدي العاملة من أطباء وممرضين ومهندسين وغيرهم من العمال المهرة، بسبب مغادرة الكثيرين منهم.

وأعلن قطاع الصناعة في سريلانكا، وهو أكبر المشغلين في البلاد، أنه يقوم بخسارة عمال مهرة بمعدل عال للغاية.

ويؤكد نيسانكا ويجيتراني، الأمين العام لغرفة صناعة البناء، وجود ما قال إنه "هجرة واسعة النطاق لعمال البناء"، مشيرا إلى أن الخسائر "على جميع المستويات" ولكنها "أسوأ في الفئات المهنية".

وخلال الركود الذي رافقه تضخم مفرط العام الماضي، ألغيت نحو 200 ألف وظيفة في قطاع البناء، بينما يتطلع العديد من الذين يزالون يعملون إلى فرصة للمغادرة.

وأكد ويجيتراني "عندما تواصلت مع شركة استشارية واحدة كان لديها 70 متخصصًا في هذا المكتب، والآن انخفض عددهم إلى 15 فقط".

وبالنسبة للانثا بيريرا (43 عاما) الذي يعمل في مجال التأمين، فإن راتبه لم يعد يكفيه مع زوجته واثنين من الأطفال.

ومضى قائلا: "بعد حملة التظاهر العام الماضي، ارتحنا قليلا. ولكن هذا ليس كافيا وأخطط للذهاب إلى دولة أوروبية".

ويقول معهد "ادفوكاتا" الاقتصادي للأبحاث، إن عمال الطبقة الوسطى يبحثون عن عمل في الخارج هربا من الفقر في بلادهم.

وأكد مدير المعهد دهاناناث فرناندو، أن "الناس الأكثر فقرا قللوا وجبات الطعام" بينما "تحاول الطبقات الوسطى الهجرة".

(فرانس برس)

المساهمون