طبول الحرب والركود الأميركي يدفعان بورصات الخليج للخسائر

06 اغسطس 2024
مستثمر سعودي يراقب البورصة في السوق المالية السعودية (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تراجع البورصات الخليجية**: شهدت البورصات الخليجية تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفض مؤشر الأسهم السعودية بمقدار 249.91 نقطة، مما أثار قلق المستثمرين. شمل التراجع بورصات دبي والكويت والبحرين ومسقط، بينما استقرت بورصة قطر.

- **العوامل المؤثرة**: يعود التراجع إلى الاضطرابات في الأسواق العالمية وتحذيرات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من رفع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية والمخاوف الاقتصادية العالمية.

- **تحليل الخبراء**: يرى الخبراء أن التوترات والمخاوف الاقتصادية تزيد من الضغوط على البورصات الخليجية، ويعتبرون التراجع "موجة تصحيح حادة" و"هبوط صحي"، محذرين من عدم استيعاب الدروس السابقة.

 

في ظل مواصلة البورصات الخليجية تراجعها، أمس الاثنين، أبدى المستثمر السعودي خالد السعدي قلقا بالغا من مشهد قاعة التداول في السوق المالية السعودية (تداول) بعدما لاحظ تراجعًا حادًا في مؤشر السوق الرئيسي "تاسي".

ووفقًا لبيانات تداول الرسمية، أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيسة، أمس، منخفضا 249.91 نقطة ليقفل عند مستوى 11504.46 نقطة وبتداولات بلغت قيمتها 10 مليارات ريال سعودي، ما اعتبره السعدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أمرا مقلقا بشكل استثنائي، قائلا: "لم نشهد مثل هذا التراجع الحاد منذ فترة طويلة.

الأمر مقلق، خاصة مع التراجع شبه الجماعي للأسهم، بما فيها الأسهم القيادية مثل مصرف الراجحي وأرامكو السعودية".

ولم تكن السوق السعودية وحدها في هذا المشهد، إذ شهدت بورصات خليجية أخرى تراجعات مماثلة. فقد تراجعت سوق دبي للأوراق المالية بنسبة 4.52%، وسوق الكويت بنحو 2%، وسوق البحرين 1.26%، وأغلق مؤشر بورصة مسقط 30، عند مستوى 4602.25 نقطة، منخفضا 44.9 نقطة وبنسبة 0.97% مقارنة مع آخر جلسة تداول، بينما أغلقت بورصة قطر تعاملات، أمس، على استقرار مع ترقب تراجعات الأسواق العالمية، حسبما رصدت "العربي الجديد".


اضطرابات الأسواق

وبدا واضحا أن التراجع في الأسواق الخليجية يعكس جزئياً الاضطرابات في الأسواق العالمية، حيث شهدت الأسواق الأميركية انخفاضاً ملحوظاً بعد تحذيرات من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من إمكانية استمرار رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.

وأكد محافظو البنوك المركزية الأميركية والأوروبية والبريطانية في اجتماعهم الأخير التزامهم بمكافحة التضخم، ما أثار مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي حاد. وسجل مؤشر MSCI للأسهم العالمية خسائر تتجاوز 20% منذ بداية العام، ما أدى إلى محو قيمتها بمقدار 13 تريليون دولار. إزاء ذلك، واصلت أسواق آسيا والمحيط الهادئ عمليات البيع، الاثنين، وأغلق مؤشر نيكاي 225 الياباني منخفضاً بنسبة 13% ليسجل أسوأ يوم له منذ عام 1987.
 

مزيج من العوامل وراء تراجع البورصات الخليجية

غير أن التراجع الحاد في البورصات الخليجية يرتبط بمزيج من العوامل المحلية والعالمية، بحسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد"، فعلى الصعيد الإقليمي، تلعب التوترات الجيوسياسية دورًا محوريًا، خاصة بعد التصعيد الأخير في المنطقة.

أما على الصعيد العالمي، فإن المخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد الأميركي، والتي انعكست في تراجع بورصة وول ستريت، تلقي بظلالها على الأسواق الخليجية. وعبر السعدي عن تأثير تراجع كهذا على قرارات المستثمرين في البورصة بقوله: "نراقب الوضع عن كثب. التقلبات في الأسواق العالمية، خاصة في الولايات المتحدة، التي لها تأثير مباشر على أسواقنا. نأمل أن تكون هذه التراجعات مؤقتة، لكننا نتوخى الحذر في قراراتنا الاستثمارية في الوقت الحالي".
 

توترات جيوسياسية

يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن تراجع البورصات الخليجية يعد ردة فعل طبيعية على التوترات الجيوسياسية في المنطقة، لكنه يرى أن المخاوف المتعلقة بالاقتصاد الأميركي هي عامل التأثير الأكثر أهمية.

وتتجلى هذه المخاوف بشكل واضح في تراجع بورصة وول ستريت الأميركية بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي، وذلك على خلفية أرقام الوظائف الأميركية وارتفاع معدلات البطالة، حسب عجاقة، مشيرا إلى أن هذا التطور يعكس مدى ترابط الأسواق العالمية، حيث تؤثر المخاوف من الاقتصاد الأميركي على البورصات الخليجية بشكل مباشر.

ويربط الخبير الاقتصادي بين هذه المخاوف والتوترات السياسية في المنطقة، لا سيما المخاوف من رد إيراني محتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ويؤكد أن هذه العوامل مجتمعة تزيد الضغوط على البورصات الخليجية، ما يدفع المستثمرين إلى الخروج من هذه الأسواق انتظارًا لما ستؤول إليه الأوضاع.

لكن تأثير كهذا لا يقتصر على البورصات الخليجية فحسب، بل يمتد ليشمل البورصات العربية بشكل عام بحسب عجاقة، الذي يشير إلى حالة بورصة مصر التي شهدت تراجعًا كبيرًا أيضًا في سوقها المالية. ويحذر عجاقة من أن حدوث ركود في الاقتصاد الأميركي سيؤدي حتمًا إلى تغلغل آثاره في الاقتصادات الأخرى، ما قد يدفعها إلى الركود بعد فترة، مشيرا إلى وجود اضطرابات داخلية في المملكة المتحدة، إضافة إلى تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية إلى مستوى جديد مع استخدام أوكرانيا للمقاتلات الأميركية من طراز إف-16، وهي عوامل من شأنها أن تساهم في استمرار الانخفاض الحالي الذي تشهده الأسواق المالية.
 

هبوط صحي

لكن الخبير في أداء البورصات والمستشار الاقتصادي، هاشم الفحماوي، يرى أن أسواق المال الخليجية تشهد "موجة تصحيح حادة" تزامنًا مع الهبوط في الأسواق العالمية، مشيرا إلى ارتباط هذا الهبوط بتراجع مؤشر داو جونز والتهديدات الإيرانية ضد إسرائيل، واصفا إياه بأنه "هبوط صحي".

ويوضح الفحماوي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الأسواق العالمية سجلت مكاسب قوية على مدى أربعة أعوام، حيث وصل مؤشر داو جونز إلى مستويات قياسية بلغت 41200 نقطة، ولذا فإن موجة الهبوط الحالية على مؤشر داو جونز هي جزء من عمليات التصحيح لتفريغ المؤشرات قبل اختراق مستويات 42800 نقطة، وهو ما تتأثر به أسواق المال الخليجية.

وفي ما يتعلق بالبورصة السعودية، يشير الفحماوي إلى أنها سجلت قفزات قياسية في منتصف العام الجاري، وحققت مستويات لم تصل إليها منذ 18 عامًا في نهاية 2023، ورغم الهبوط الحاد في مؤشرها العام بمعدل 220 نقطة، إلا أنه لا يزال يتداول فوق الاتجاه الفرعي، ومن المتوقع عودته لاختبار مستويات 12000 نقطة قريبًا.

ويختتم الفحماوي تحليله بالإشارة إلى أن ما يحدث في البورصات العربية هو جزء من "لعبة أميركية تقودها الرأسمالية العالمية ضد أسواق الخليج، بهدف سحب السيولة وإدخالها إلى الأسواق الأميركية"، محذرا من أن القائمين على البورصات العربية لم يستوعبوا الدرس من تجربة عام 2019، عندما تم سحب 60 مليار دولار من المنطقة بالطريقة ذاتها.

المساهمون