وافق المساهمون في مجموعة "بي.إس.إيه" الفرنسية ومنافستها الأميركية-الإيطالية "فيات كرايسلر"، الاثنين، على اندماجهما، في عملية ستؤدي إلى قيام رابع أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم من حيث الحجم تحت اسم "ستيلانتس".
وأفادت "بي.بي.سي" أنه بعد صفقة الاندماج البالغة قيمتها 52 مليار دولار (38 مليار جنيه إسترليني)، سيُطلق على الشركة الجديدة اسم "ستيلانتيس" Stellantis، وهي ستجمع بين علامات تجارية معروفة، مثل "بيجو" و"سيتروان" و"فوكسهول" من "بي.إس.إيه" PSA، مع "فيات" و"جيب" و"كرايسلر"، ليصبح المجموع 14 علامة بينها أيضاً "مازيراتي" و"ألفا روميو".
وخلال اجتماع عام عبر الإنترنت، وافق المساهمون بأكثر من 99.8% على القرارات الثلاثة المتعلقة بعملية الدمج، والتي يجب الإعلان عن تاريخ دخولها حيز التنفيذ "بسرعة كبيرة"، وفقا لرئيس مجلس إدارة "بي.إس.إيه" والمدير المستقبلي لمجموعة "ستيلانتس" كارلوس تافاريس. وبعد تصويت المساهمين الفرنسيين، حذا المساهمون الإيطاليون حذوهم بعد الظهر.
وسيحتفظ جون إلكان، رئيس مجلس إدارة شركة "فيات" وسليل عائلة أنييلي الإيطالية، بدوره في "ستيلانتس" خلال "حقبة مليئة بالتحديات" على حد قوله. وقال إلكان بعد التصويت "العقد المقبل سيعيد تعريف مفهوم التنقل: نحن عازمون على تأدية دور قيادي في بناء هذا المستقبل الجديد".
وكانت نتيجة تصويت المساهمين متوقعة، إذ تأتي بعد أسبوعين من إعطاء المفوضية الأوروبية موافقة مشروطة على الاندماج الضخم الذي أعلن في أواخر العام 2019.
وتعتبر الشراكة بالنصف، التي تأخرت بسبب جائحة كوفيد-19، حاسمة بالنسبة إلى المجموعتين للقيام بالاستثمارات اللازمة من أجل الانتقال إلى تكنولوجيا السيارات النظيفة.
وقال جوليانو نوتشي، أستاذ الاستراتيجيات في "ميلان بيزنس سكول" في ميلانو، إن "هذا الاندماج هو مسألة بقاء لمجموعتي فيات وبي.إس.إيه"، مشيرا إلى "التحديات التكنولوجية والاستراتيجية الهائلة" التي يواجهها التحالف، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي أحدثها الوباء.
وسيسمح الاندماج لشركة "فيات-كرايسلر" بتعزيز وجودها في أوروبا واستعادة المجموعة الفرنسية موطئ قدم لها في الولايات المتحدة. وستحتل مجموعة "ستيلانتس" المرتبة الرابعة عالميا من حيث الحجم في قطاع صناعة السيارات، خلف ثلاث شركات منافسة هي "فولكسفاغن" و"رينو-نيسان-ميتسوبيشي" و"تويوتا"، والمرتبة الثالثة من حيث الإيرادات مع قوة عاملة يزيد حجمها عن 400 ألف شخص.
وستجمع المجموعة الجديدة مصنّعين مثل "بيجو" و"ستروين" و"فيات" و"كرايسلر" و"جيب" و"ألفا روميو" و"مازيراتي"، على أن تستمر كل منها تحت أسماء العلامات التجارية الخاصة بها. وتتوقع "بي.إس.إيه" و"فيات" أن يسمح الاندماج لهما بتحقيق عائدات بمليارات اليوروهات سنويا.
غير أن الحكومتين الفرنسية والإيطالية "ستسهران" على أن "تساهم (المجموعة الجديدة) أيضا في الوظائف الصناعية في إيطاليا وفرنسا"، على ما أعلن وزيرا الاقتصاد الفرنسي برونو لومير والإيطالي ستيفانو باتوانيلي في بيان مشترك.
قدرة على الصمود في وجه كورونا
وقال تافاريس، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن "الأكثر نشاطا فقط والذي يتمتع بروح داروينية (القدرة على التحول والتكيف) سيتمكن من البقاء".
وكانت المفوضية الأوروبية قلقة من احتمال تأثير الاندماج على المنافسة في سوق الشاحنات الصغيرة في أوروبا، بحيث تمثل المجموعتان معا 34% من حصة السوق.
ومن أجل تهدئة تلك المخاوف، قالت المفوضية إن "بي.إس.إيه" ستواصل اتفاقها مع "تويوتا" لتصنيع شاحنات من هذا النوع، وبيعها تحت العلامة التجارية اليابانية في أوروبا.
وأدت الاضطرابات التي أحدثها كوفيد-19، ومنها توقف التصنيع لأسابيع عدة في النصف الأول من العام 2020، إلى إجبار "بي.إس.إيه" و"فيات كرايسلر" على تغيير شروط ارتباطهما من أجل ضمان استمرار اندماجهما بطريقة متساوية من ناحية الحصص.
وقد وافقت "فيات كرايسلر" على خفض الأرباح الاستثنائية لتوزيعها على مساهميها، فيما وافقت "بي إس إيه" على تقاسم حصتها البالغة 46% في شركة "فوريسيا" الفرنسية لمعدات السيارات بين جميع المساهمين في المجموعة الجديدة، بدلا من تقاسمها بين مساهميها وحدهم كما كان متفقا عليه في السابق.
وحتى الآن، أظهرت الشركتان قدرة نسبية على الصمود في مواجهة الوباء. وسجلت "فيات كرايسلر" أرباحا صافية بلغت 1.2 مليار يورو في الربع الثالث من العام، مقارنة بخسائر مقدارها 1.04 مليار يورو في الربع الثاني عندما كان معظم العالم تحت الإغلاق.
مخاوف نقابات فرنسية
وتراجعت مبيعات مجموعة "بي.إس.إيه" بـ589 ألف سيارة في الربع الثالث من 2020، لكنها باعتها في مقابل أسعار أعلى كجزء من إستراتيجية لزيادة الربحية والتدفقات النقدية التي عززت معدل المبيعات بنسبة 1.2%.
وفي الوقت الذي أعلن الاندماج، أكد تافاريس أنه لن يتم إغلاق أي مصنع، لكن الشكوك ما زالت تراود النقابات في فرنسا.
وقال فرانك دون ممثل نقابة "سي.إف.تي.سي": "بشكل عام إنها بوليصة تأمين جيدة لمستقبل مجموعتنا. وإن الذين لا يجارون التحول، يخاطرون بأن يجرى التخلي عنهم". لكنه تساءل "ما هي أوجه التآزر التي ستجدها وما هي النتائج التي ستترتب على المواقع في فرنسا؟".
(فرانس برس)