استمع إلى الملخص
- التحديات الاقتصادية وتأثيرها على السوق: زيادة الضرائب، مثل ضريبة 6% على الوقود، زادت تكاليف الإنتاج وأثرت على السوق. السياحة والصادرات لم تحقق التوقعات، مما زاد عرض الليرة مقابل الدولار.
- التوقعات المستقبلية والفرص المحتملة: توقعات بانتعاش الاقتصاد التركي بفضل الخطة الاقتصادية الطموحة، وزيادة الاستثمارات والصادرات قد تحسن الوضع الاقتصادي، مع توقعات بوصول الليرة إلى 28 للدولار بنهاية العام.
لم تنعكس الإجراءات الحكومية التركية، المالية والنقدية الأخيرة، بـ"النفع" على سعر صرف الليرة، بل زادتها، تراجعاً أمام العملات الأجنبية لتسجل أمس الخميس 35.326 ليرة مقابل الدولار ونحو 36.655 لليورو، متراجعة عن سعرها الأسبوع الماضي، حين خفض المصرف المركزي سعر الفائدة، من %50 إلى %47.5 بعد تثبيت سعر الفائدة لثماني جلسات متتالية.
وقال الاقتصادي التركي، أوزجان أويصال لـ" العربي الجديد" إن السياحة عام 2024 لم تكن كما التوقعات "بصرف النظر عن التصريحات الرسمية"، كما أن الصادرات تأثرت هذا العام، ما يعني، تراجع معروض الدولار مقابل زيادة عرض الليرة، خاصة خلال الشهر الجاري بعد أن رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور. وكانت الحكومة قد رفعت الأسبوع الماضي الحد الأدنى للأجور بدءا من الأول من يناير 2025 بنسبة 30% من نحو 17.002 ليرة إلى 22.104 ليرات.
ويعتبر أويصال أن التراجع الذي شهدته الليرة خلال عام 2024 "كان كبيراً جداً" بعد أن هوت بنسبة 16% من نحو 29 ليرة مقابل الدولار إلى أكثر من 35 ليرة اليوم، رغم الوعود والخطة الاقتصادية التي أعلن عنها وزير المالية محمد شيمشك ضمن خطته الاقتصادية، سواء بتحسن سعر الصرف أو تخفيض حدة التضخم.
ولكن السبب الرئيس بالتراجع خلال الأيام الأخيرة لسعر الليرة، برأي الاقتصادي التركي، يعود لتصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان التي أطلقها بعد تخفيض سعر الفائدة، من أن عام 2025 سيشهد "بالتأكيد تخفيض الفائدة" الذي أحدث مخاوف لدى الأسواق والتعاملين، من خشية التخلي عن سياسة التشدد والعودة لسياسة التيسير النقدي. متوقعاً أن تبقى الليرة "تتذبذب عند عتبة 33 حتى 35 طيلة العام"، إلا إذا جاءت استثمارات ضخمة كما وعدت الحكومة وبشّرت الخطة الاقتصادية.
ولا يعوّل اقتصاديون أتراك على العام الجاري لتحسن سعر الصرف، بواقع "البطء بتراجع التضخم" واستمرار ما يصفونه بالجمود، جراء زيادة نسبة الفقر وتراجع حركة المبيع، خاصة بعد زيادة الضرائب التي كان آخرها قبل أيام "6% ضريبة على الوقود" وذلك بعد رفع أسعار الكهرباء والغاز، ما يزيد تكاليف الإنتاج ويؤثر على التصدير وحركة السوق الداخلي وبالتالي على مؤشرات الاقتصاد عامة، حسب رأيهم.
وفرضت تركيا زيادة ضريبية بنسبة 6% على الوقود، يوم الثلاثاء، بعدما قال وزير المالية محمد شيمشك في بداية الأسبوع إن الزيادات الضريبية على الوقود والتبغ لن تؤثر على هدف الحكومة بالنسبة للتضخم. وأفاد مرسوم رئاسي نشر في الجريدة الرسمية بأنه تم رفع ضريبة الاستهلاك الخاصة لكل لتر من الوقود بنحو 6%، رغم تأكيد شيمشك أن الزيادات الضريبية على الوقود والتبغ في 2025 ستتم بطريقة لا تؤثر على توقعات التضخم في البلاد خلال العام، وقال إن "الحكومة حريصة على الحفاظ على الانخفاض الذي شهده التضخم في الآونة الأخيرة".
ولكن إشارة الوزير إلى إنهاء مخطط الودائع المحمية بالعملات الأجنبية في البلاد، برأي كثيرين، زادت من المخاوف وأثرت على تقلبات أسعار الصرف وتراجع سعر الليرة.
وكان البنك المركزي قد أعلن في وقت سابق أن ذلك المخطط سينتهي في عام 2025. وبلغ معدل التضخم السنوي 47.1% في نوفمبر/تشرين الثاني، وهو أعلى من المتوقع لكنه عند أدنى مستوى منذ منتصف عام 2023. وتوقع استطلاع أجرته رويترز تراجع التضخم إلى 26.5% بحلول نهاية عام 2025، أي أنه سيكون أعلى من توقعات البنك المركزي البالغة 21%.
ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير، فراس شعبو، أن لتصريحات الرئيس التركي، أخيراً، سببا مهما لتراجع سعر الصرف، بل ورسم ملامح لطيلة العام، لأن المصرف المركزي إن استمر بسياسة التيسير فهذا يعني تخفيض سعر الفائدة، بنسب قليلة نحو 2.5% كل جلسة ربما، الأمر الذي سيخرج السيولة من المصارف إلى السوق، ما يزيد من عرض الليرة بواقع عدم زيادة العملات الأجنبية "عرض وطلب"، ما يشير إلى ثبات أو تراجع سعر الصرف، إن لم يتم استثمار الأموال بأقنية إنتاجية تزيد العرض السلعي والتصدير.
ويشير شعبو خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى اهتزاز عامل الثقة بالليرة الذي تراكم عبر سنوات، وما أتى عليه المحللون من توقعات للعام الجاري، فهي أسباب مهمة لا يمكن إبعادها. كاشفاً عن الدولرة غير المعلنة بالأسواق، فالتسعير الحقيقي بالدولار حتى وإن كان التعامل بالليرة، في حين لا علاقة مباشرة برأيه، للعملات الرقمية ولا حتى لارتفاع سعر الذهب، بتهاوي العملة التركية "ربما تذهب بعض الأموال لملاذ الذهب لكن الفائدة اليوم أعلى والمدخرات تذهب للمصارف".
وحول تشخيص مؤشرات الاقتصاد التركي وأثره على سعر الصرف، يضيف شعبو أن ملامح الانكماش لم تزل تسيطر على الأسواق، متوقعاً أن تتراجع نسبة النمو وحتى الصادرات والسياحة عن المخطط لها عام 2024 "نترقب نتائج مركز الإحصاء".
ولكن، يستدرك شعبو أن الاقتصاد التركي "مبشر بانتعاش كبير" خلال العامين المقبلين، لأن الخطة التي أعلنها الفريق الاقتصادي طموحة وممكنة التحقق "لكنها تحتاج زمناً" رابطاً بين الاستثمارات المتوقعة بالسوق السورية وزيادة الصادرات والأعمال بسورية ووصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب والانفتاح على تركيا وتهافت الرساميل، والذي سيؤثر برأيه على الصادرات ونسبة النمو وجذب الاستثمارات المباشرة، والتي ستنعكس "بالتأكيد" على سعر الليرة التي يمكن أن تصل بنهاية العام إلى نحو 28 ليرة للدولار الواحد.
ومن المتوقع أن تعلن تركيا اليوم الجمعة عن بيانات التضخم خلال ديسمبر، ويُتوقع أن يتباطأ مؤشر أسعار المستهلك السنوي إلى نحو 45%، مقابل 47% في الشهر السابق، بحسب مسح شارك فيه 17 محللاً اقتصادياً. ويهدف البنك المركزي إلى خفض معدل التضخم السنوي إلى 21% بنهاية 2025، مع خفض سعر الفائدة الأساسي إلى 47.5% مقارنة بمستوى 50%.