أكد تحليل اقتصادي، اليوم السبت، أن التضخم المرتفع والمتصاعد يضع ضغوطاً على البنك المركزي الأوروبي لاتباع نهج "متشدد" ورفع أسعار الفائدة بشدة، بينما يؤدي انخفاض النمو وتباطؤه إلى زيادة الآثار السلبية الناتجة من تشديد الأوضاع المالية، حيث يزيد من تكلفة رأس المال ويوسّع علاوات المخاطر بين بلدان منطقة اليورو.
وأوضح التحليل الذي أصدره بنك قطر الوطني "QNB" أن هذا الوضع شكل معضلة في السياسة النقدية للمركزي الأوروبي حتى الآن، حيث "أبطأ تحركاته"، وجعله متأخراً عن موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبعض البنوك المركزية الرئيسية الأخرى.
ولفت التحليل، وفقاً لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إلى أن قرار البنك المركزي الأوروبي الأخير برفع أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس إضافية، يهدف إلى بدء عملية تشديد قوي للسياسة النقدية، معتبراً أن هذا القرار تأخر كثيراً، حيث اتسعت الفجوة بين معدلات التضخم وأسعار الفائدة إلى مستوى غير مسبوق. وأضاف أن "البنك المركزي الأوروبي تجاهل الإشارات المبكرة، ولم يتخذ خطوات لتدارك الوضع على النحو المطلوب. ولذلك، فإن الإجراءات التي يجب اتخاذها الآن لتقليص الفجوة بين التضخم الذي بلغ 9.1% في أغسطس/آب وسعر الفائدة الذي يبلغ 0.75% ينبغي أن تكون أكثر صرامة".
وأرجع التحليل تأخر جهود المركزي الأوروبي لتصحيح مسار سياسته النقدية على غرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إلى ثلاث حقائق رئيسية، الأُولى اعتباره أن التضخم حالياً أعلى بكثير من نسبة 2% المستهدفة لمنطقة اليورو، والثانية أن اقتصادات جنوبيّ أوروبا أكثر عرضة للتضرر من تشديد موقف البنك المركزي الأوروبي، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة عبء الديون. أما الحقيقة الثالثة التي تطرّق إليها التحليل، فتتعلق باتساع الفجوة بين أسعار الفائدة الرسمية في منطقة اليورو والولايات المتحدة، فهروب رؤوس الأموال نحو الدولار الأميركي يزيد من ضعف اليورو.
وحتى الآن، تراوح أسعار الفائدة الفيدرالية الأميركية بين 3% و3.25%، مقابل 0.75% لسعر الفائدة على الودائع في منطقة اليورو. ويزيد هذا الأمر من ضغوط البيع على اليورو.
وتوقع التحليل أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار 75 نقطة أساس في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل و50 نقطة أساس في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لتصل أسعار الفائدة إلى 2% قبل نهاية العام، متوقعاً استمرار جولات رفع أسعار الفائدة خلال عام 2023 حتى يضيق الهامش بين التضخم الفعلي وأسعار الفائدة.