ضغوط اقتصادية ومالية تصعّب تحرير الدينار التونسي

31 مارس 2021
داخل البنك المركزي التونسي (فرانس برس)
+ الخط -

لم تجد دول عربية مثل العراق والسودان والمغرب وقبلها مصر، إلا تبني قرار التعويم الجزئي أو الكامل، لحل أزماتها النقدية والمالية والاقتصادية.
في تونس، تزايد الحديث خلال السنوات الثلاث الماضية عن تعويم جزئي أو كامل للعملة المحلية "الدينار"، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية ومالية، وتذبذب لكنه طفيف في وفرة النقد الأجنبي.
وشهدت قيمة الدينار التونسي تفاوتاً في سنوات ما بعد الثورة، حيث تدهورت قيمته أمام الدولار واليورو الأوروبي بصفة ملحوظة.
وحسب بيانات للبنك المركزي التونسي، كان سعر الدولار في حدود 1.40 دينار نهاية 2011، ثم بلغ سعر الدولار 1.56 دينار نهاية 2012، وظل سعر الصرف أقل من دينارين حتى 2015.
وفي 2016 سجل الدولار 2.14 وواصل الصعود إلى 2.78 بحلول نهاية العام الماضي، فيما كسر حاجز 3 خلال وقت سابق من 2019 قبل أن يتراجع لاحقا.
وقال سليم بسباس، وزير المالية الأسبق، إن بلاده "ليست في ظروف تخول التوجه نحو تحرير سعر الصرف".
وذكر "بسباس" أن نظام تحرير سعر الصرف بحاجة إلى متطلبات، "لا يمكن في أزمة اقتصادية ومالية اللجوء إلى هذا الخيار".
من هذه المتطلبات، بحسب الخبير التونسي، "وجود وفرة في المدخرات المقومة بالعملة الأجنبية"، حتى يكون البنك المركزي قادرا على ضخ حاجة السوق من النقد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف موضحًا: "حاليا، لا بد من توخي الحذر في استعمال أية آلية ضمن أدوات السياسة النقدية في البلاد".
لكنه أشار إلى وجود إيجابيات في حال القيام بتعويم العملة، مرتبطة بتوفير مرونة للمصدرين والموردين دون مخاوف من تذبذبات حادة لسعر الصرف.
وزاد: "تونس شهدت هشاشة اقتصادية، وتحرير سعر الصرف سيؤدي إلى مزيد من استنفاد الاقتصاد التونسي، وتخارج العملة الصعبة".
وفي ما يتعلٌق بالسياسة النقدية للبنك المركزي التونسي، قال إن الأخير توخى منذ عامين سياسة تهدف لزيادة احتياطات النقد الأجنبي.
وحتى مطلع العام الجاري، سجل احتياطي النقد الأجنبي بتونس مستوى قياسيا جديدا، إلى 23.1 مليارا (8.25 مليارات دولار)، بما يعادل 161 يوم توريد، وفق بيانات المركزي التونسي.
"هذا الاحتياطي أعطى أريحية للنظام البنكي"، بحسب الخبير الاقتصادي، وقال: "السياسة النقدية كان لها آثار إيجابية على كبح الطلب على العملة الصعبة، وساهمت في طمأنة السوق".
في المقابل، يرى رضا الشكندالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، أن الدينار وقع تحريره ضمنيا دون إعلان منذ 2016، مع إصدار قانون البنك المركزي، واتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي. وقال الشكندالي إن سياسة تحرير سعر الصرف تمت عندما ترك البنك المركزي تحركات الدينار وفق العرض والطلب.
أما بالنسبة إلى الدول المرتبطة بالخارج على مستوى الواردات، فيرى الخبير أن هذه السياسة يمكن أن تمس من قيمة العملة، وهو ما يؤثر على كلفة الواردات ويقفز بالتضخم.
وبالنسبة إلى الوضعية الحالية في تونس، أكد الخبير أن سياسة تحرير سعر الصرف لا تتضمن إيجابيات في الحالة التونسية، "إذ ليس هناك قطاعات مستقرة على مستوى الصادرات".
أما بالنسبة إلى السياسة النقدية للبنك المركزي التونسي، فقد اعتبرها سياسة خاطئة وقد ساهمت في تضرر الاقتصاد التونسي.

وتابع: "الضرر وقع منذ 2016 مع تطبيق السياسة النقدية الحذرة وسياسة الصرف المرنة (تحديد سعر الصرف بالعرض والطلب)، وهو شرط من شروط صندوق النقد الدولي لحصول تونس على قرض".
وفي إبريل/ نيسان 2016، حصلت تونس على قرض مقسم على شرائح من صندوق النقد الدولي بقيمة إجمالية 2.8 مليار دولار.
"الدينار التونسي لم يجد نفسه أمام العملات الأخرى محليا، باعتبار أن البلاد ما تزال في فترة انتقالية"، بحسب الشكندالي، في إشارة إلى الدولار واليورو على وجه الخصوص.
وختم بالقول: "الاقتصاد المتماسك يعطي وفرة كبيرة للعملة الصعبة، لكن الاقتصاد في مرحلة انتقالية، لا يمكن أن يعطي فائضا في الصادرات بالتالي الوقت غير ملائم لتنفيذ أي تعويم جديد". 

(الأناضول)

المساهمون