استمع إلى الملخص
- يشهد مصرف ليبيا المركزي استقراراً في سعر الصرف وارتفاعاً في احتياطيات الأصول الأجنبية، رغم صعوبة تعديل ضريبة الدولار وعدم وضوح رؤية الإنفاق لعام 2025.
- تعتمد ليبيا بشكل كبير على إيرادات النفط، وقد حققت المؤسسة الوطنية للنفط إنجازات بارزة، بينما يواجه المصرف المركزي ضغوطاً دولية لتحسين الامتثال للمعايير الدولية.
رغم الأعباء المعيشية والاقتصادية التي تُثقل كاهل المواطنين في ليبيا، لا يزال العمل قائماً بما يُسمّى ضريبة الدولار الهادفة إلى تعزيز موارد الدولة وتحقيق استقرار نقدي، إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أنها قد لا تحقق أهدافها المعلنة بشكل فعّال، بخاصة مع انخفاض القوة الشرائية للدينار.
وبهذا الخصوص، قال المحلل الاقتصادي محمد الشيباني لـ"العربي الجديد": "رغم أن خفض الرسوم على الدولار أو ضريبة الدولار من 27% إلى 15% يُعد خطوة إيجابية، إلا أنه غير كافٍ لتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين الذين يواجهون ارتفاعا مستمرا في تكاليف المعيشة"، مضيفاً أن قرار مجلس النواب ينتهي مع نهاية العام والعودة إلى سعر الصرف القديم 4.85 دنانير للدولار، لكن الواضح أن مصرف ليبيا المركزي سيستمر في العمل بالضريبة، بخاصة مع تفاقم عجز في ميزان المدفوعات والتوسع في الإنفاق العام غير المدروس.
وفيما يشتد الجدل حول جدوى السياسات النقدية وتأثيرها على معيشة المواطنين الذين يواجهون ارتفاعاً مستمراً في تكاليف الحياة، أكد مصرف ليبيا المركزي استمرار العمل بفرض رسوم على سعر الصرف الرسمي أو ضريبة الدولار استناداً إلى قرار مجلس النواب رقم 86 لسنة 2024، في خطوة تُبرز التحديات الاقتصادية الراهنة التي تواجه البلاد. وفي منشور رسمي موجّه إلى المديرين العامين للمصارف، أوضح المصرف أن الإجراء سيبقى ساري المفعول حتى إشعار آخر، في إطار الدور الرقابي الذي يمارسه بموجب قانون المصارف رقم 1 لسنة 2005.
وتعليقاً، أشار أستاذ الاقتصاد في الجامعات الليبية طارق الصرماني إلى أن مصرف ليبيا المركزي لا يستطيع تخفيض ضريبة الدولار حالياً بسبب عدم وضوح رؤية الإنفاق للعام الحالي 2025. وأوضح لـ"العربي الجديد" أنه "في حال تم إعداد موازنة وتحديد حجم الإنفاق العام، سوف يستطيع المصرف المركزي معرفة حجم الإيرادات النفطية ومقدار العجز الحاصل في النقد الأجنبي، وبالتالي يتسنى له إما خفض الرسم على شراء العملات الأجنبية من 15% أو الإبقاء عليه عند هذا المستوى".
كما أشار المحلل المالي صبري ضوء في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الإدارة الجديدة للمصرف المركزي مند سبتمبر/أيلول 2024، قد ساهمت في استقرار سعر الصرف في السوق الموازية.
وشهد المصرف ارتفاعاً كبيراً في احتياطيات الأصول الأجنبية بنهاية 2023 مقارنة بالعام السابق، حيث ناهز إجمالي الأصول الأجنبية للمصرف 89.67 مليار دولار في نهاية 2023، بزيادة 4.8 مليارات دولار، أو ما يعادل نمواً نسبته 6% مقارنة بعام 2022، وفقاً للتقرير السنوي الصادر عن ديوان المحاسبة.
وحتى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بلغت استخدامات النقد الأجنبي 23.2 مليار دولار، مسجلة انخفاضاً عن العام الماضي الذي سجل 24.2 مليار دولار. كما تشير بيانات المركزي إلى نزول حاد في إيرادات السوق المحلي من المشتقات النفطية، التي لم تتجاوز 61.6 مليون دينار خلال هذه الفترة. كما سجل عجزاً في ميزان المدفوعات قدره 6.1 مليارات دولار حتى نهاية نوفمبر 2024، نتيجة انخفاض إيرادات النقد الأجنبي التي بلغت 17.1 مليار دولار مقارنة مع 22.3 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وشكلت مبيعات النفط النصيب الأكبر من الإيرادات، حيث بلغت قيمتها 70.4 مليار دينار، إضافة إلى 12.5 مليار دينار من إتاوات نفطية.
وقد سبق أن وجّه المصرف المركزي رسالة رسمية إلى رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، طالباً موافقته على التعاقد مع شركة متخصصة لمراجعة العمليات التجارية بالدولار. وأتت تلك الخطوة بعد تلقي المصرف تحذيراً من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بشأن احتمال تعليق التعاملات بسبب مخاوف تتعلق بالامتثال للمعايير الدولية. ووفقاً للرسالة المؤرخة في 16 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، أشار المصرف إلى أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيوقف جميع العمليات المتعلقة بالدولار إذا لم يتم تنفيذ آلية مراجعة مستقلة للعمليات التجارية.
وتهدف هذه الآلية إلى مراقبة عمليات صرف الدولار والتأكد من مطابقتها للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتشمل المراجعة بيانات الموردين والمستوردين، التي تُنشر معظمها شهرياً على الموقع الإلكتروني للمصرف. ويُسجّل سعر الصرف الرسمي المشمول بضريبة 15% مستوى 5.61 دنانير للدولار، بينما يتراوح سعر الصرف في السوق الموازية بين 6.14 و6.2 دنانير.
وتعتمد ليبيا في موازنتها اعتماداً كبيراً على إيرادات النفط، وقد اختتمت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا عام 2024 بتحقيق إنجازات بارزة، كان أهمها تجاوز معدل إنتاج النفط المستهدف، رغم التحديات الاستثنائية التي تواجهها البلاد.
ووفقًا لبيانات المؤسسة، نشرت اليوم الثلاثاء، سجل إنتاج النفط الخام خلال الـ24 ساعة الماضية زيادة بلغت أكثر من 17 ألف برميل يومياً عن المعدل المطلوب المحدد بمليون و400 ألف برميل يوميًا. وبلغ إجمالي إنتاج النفط الخام مليوناً و417 ألفاً و382 برميلاً يومياً، فيما وصل إجمالي إنتاج النفط والمكثفات إلى مليون و469 ألفاً و446 برميلاً يومياً.