صيادو غزة يتحدون القذائف الإسرائيلية لإطعام أسرهم من فتات البحر

17 يناير 2024
تعد مهنة الصيد مصدر رزق أساسياً لآلاف العائلات في القطاع (رويترز)
+ الخط -

يخاطر صياد السمك في غزة عبد الرحيم النجار بحياته كل يوم وهو يقوم بالتجذيف بزورق وسط الأمواج تحت المراقبة العسكرية الإسرائيلية لصيد كميات صغيرة من السلطعون والأسماك بين الحين والآخر لإطعام أسرته الجائعة.

وتعد مهنة الصيد مصدر رزق أساسياً لآلاف العائلات في القطاع، وتقيد إسرائيل حدود قوارب الصيد في غزة بستة أميال فقط، وتحرسها السفن الإسرائيلية والقوات الخاصة البحرية التي تطلق النار على أي شخص يعبر تلك الحدود.

ولكن منذ أن بدأت الحرب المدمرة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لم يجرؤ أي منهم على المغامرة إلا في نطاق حوالي 100 متر فقط من الشاطئ.

ودفعت الحرب الإسرائيلية والحصار والقصف منذ أكثر من ثلاثة أشهر سكان قطاع غزة إلى حافة المجاعة، إذ تشير تقييمات الأمم المتحدة إلى أن سكان القطاع معرضون لخطر المجاعة. 

ضغوط على الصيادين 

وبالنسبة للصيادين، الذين بالكاد يتمكنون من اجتياز الموجات الأولى في البحر المتوسط ولا يستطيعون الوصول إلى المياه العميقة حيث كميات أكبر من الأسماك، فإن أي شيء يصطادونه أصبح الآن مهما للحفاظ على حياتهم وحياة عائلاتهم.

وقال النجار وهو جالس على الشاطئ ممسكاً بسلطعون وحيد هزيل أخرجه من شبكته: "هاي اللي (هذا الذي) بنصيده.. قليلة جداً قليلة جداً، بنخش (ندخل) 100 متر قليلة جداً، هاي الصيد. شايف؟! مبنجمعش نطعم ولادنا".

وجلست فتيات صغيرات يراقبن النجار وهو يعمل، ويبحث عن الفتات في الشباك بينما كان يفرزها ويعلقها حتى تجف.

يشار إلى أنّ كميات الأسماك التي كان يتم اصطيادها في قطاع غزة سنويا تبلغ 2800 طن (قبل حرب 7 أكتوبر/ تشرين الأول)، في حين كانت قبل فرض القيود الإسرائيلية على عمل الصيادين عقب اندلاع انتفاضة عام 2000 تزيد عن 4000 طن سنوياً.

ونصت اتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، على أن المسافة القانونية التي يُسمح للفلسطينيين بالتحرك داخلها بحرية دون أي اعتراضات إسرائيلية هي 20 ميلاً بحرياً.

وقبل الحرب، كان الصيادون يستخدمون المحركات في قواربهم الصغيرة، وكان من الممكن أن تبحر لعدة كيلومترات من الخط الساحلي في غزة. والآن ينطلقون في أزواج باستخدام المجاذيف، أحدهما يجذف بينما يقف الآخر لرمي الشباك.

وأضاف النجار أنهم عندما يصلون إلى مسافة تزيد عن 100 متر، تطلق القوات الإسرائيلية أحياناً قذائف باتجاههم لدفعهم للعودة إلى الشاطئ، في ظل مخاوف أمنية متزايدة مرتبطة بالحرب.

وقال إبراهيم النجار شقيق عبد الرحيم والذي يعمل معه في الصيد: "هذا بيطعم خمس عائلات مش عيلة ولا عيلتين... رغم اللي إحنا فيه، برضه احنا بدنا (نحن نريد) نسرح (نصيد) بدنا نعيش". 

جوع شديد

السبب وراء استعداد الصيادين لتحدي نيران القذائف مقابل هذه المكافأة الصغيرة واضح في وسط مدينة رفح حيث اصطف الناس أمام مطبخ خيري. ووقف الأطفال، ووجوههم عابسة، ينتظرون تناول كميات ضئيلة من العدس أو المعكرونة.

وقال محمد الشندغلي، وهو أحد النازحين، قرب المطبخ: "أجسامنا تنهار بسبب نقص الغذاء. أطفالي مرضى من قلة الغذاء. إنه لا يكفي. إنه بالكاد يكفي لشخصين ويجب أن يقدم لسبعة أشخاص. إنه ليس حتى وجبة واحدة".

وأدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى استشهاد أكثر من 24280 شخصاً، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع، كما أدى إلى نزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.

وقال تقرير مدعوم من الأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول إن سكان غزة يواجهون مستويات أزمة الجوع مع تزايد مخاطر المجاعة يومياً. 

وفي المطبخ الخيري، قالت امرأة تكنى بأم مصطفى إنها جاءت متأخرة للغاية، ونفد الطعام عندما وصلت إلى مقدمة الطابور الطويل.

وقالت "لا أعرف ماذا سأطعم أطفالي. والدي كبير في السن ويعاني من مرض في القلب. ولا تقدم المدارس سوى زجاجة ماء وقطعتين من البسكويت".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون