حثت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا حلفاء أوكرانيا الغربيين على الإفراج بسرعة عن عشرات المليارات من الدولارات للبلاد، حيث حذرت من أن التأخير في توفير التمويل الإضافي سيعرض الاقتصاد الأوكراني للخطر.
وقالت غورغييفا في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز"، الأحد، إن كييف يمكنها إدارة فجوة تمويلية محتملة على المدى القصير مدتها "بضعة أشهر"، مشيدة بالسلطات بعدما قامت "بتنشيط الاقتصاد" وترويض التضخم وتعزيز القاعدة الضريبية في أوكرانيا.
وأضافت أن النهضة الاقتصادية في أوكرانيا ستكون معرضة للخطر إذا اضطرت إلى "التكيف" مع غياب الدعم المالي الجديد، مع استمرار المساومة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن حزم التمويل للبلاد.
وقد يؤدي المزيد من التأخير إلى إجبار كييف على العودة إلى سياسات مزعزعة للاستقرار مثل طباعة النقود، كما فعلت بعد أشهر قليلة من الغزو الروسي العام الماضي.
وأشارت غورغييفا إلى أنه من "المهم عدم إطالة هذه الفترة، لأن ذلك من شأنه أن يفرض المزيد من الضغوط على أوكرانيا حتى تتكيف".
لكن غورغييفا أبدت تفاؤلها بتأمين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي حزم المساعدات المقررة لأوكرانيا.
ويأتي فشل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تأمين دعم مالي إضافي طويل الأجل لكييف بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا ضد روسيا في تحرير مساحات كبيرة من الأراضي، ومع تكثيف موسكو هجماتها الجوية على البنية التحتية.
وتحتاج أوكرانيا إلى دعم بقيمة 41 مليار دولار من حلفائها في العام المقبل، وفقًا لميزانية تم إقرارها الشهر الماضي، مقسمة على 18 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي، و8.5 مليارات دولار من الولايات المتحدة، و5.4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و1.5 مليار دولار من بنوك التنمية الأخرى، ومليار دولار من بريطانيا.
وفشل الكونغرس الأميركي، الأربعاء الماضي، في الموافقة على حزمة تمويل بقيمة 60 مليار دولار، رغم سفر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن للضغط على المشرعين.
وبعدها بيومين، فشل زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل في التوصل إلى اتفاق بشأن خطة تمويل مدتها أربع سنوات بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا، بعدما استخدم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان حق النقض ضد الاقتراح.
وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الأموال الإضافية، فقد تضطر وزارة المالية الأوكرانية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لسد فجوة التمويل.
وقال مسؤول غربي كبير للصحيفة ذاتها إن "أوكرانيا يمكنها اجتياز شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، بفضل مدفوعات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الذي من المقرر أن يرسل ملياري دولار الشهر المقبل، فضلاً عن الاقتراض من البنوك المحلية".
وأضاف المسؤول الذي لم تذكر اسمه، أنه بعد أول شهرين من العام 2024، فإنه "يتعين على كييف إما خفض الإنفاق، أو على الأرجح اللجوء إلى التمويل النقدي من قِبَل البنك المركزي، وهو ما من شأنه أن يخاطر بحدوث طفرة تضخمية مفرطة وزعزعة استقرار النظام المالي في البلاد".
وفي الأشهر التي أعقبت الغزو الروسي واسع النطاق في فبراير/شباط 2022، اضطرت أوكرانيا إلى استنفاد احتياطيات النقد الأجنبي بينما قام البنك المركزي بشراء السندات الحكومية لسد فجوة التمويل، وانكمش الاقتصاد بنحو الثلث.
ومنذ ذلك الحين تعزز موقف الميزانية في أوكرانيا من خلال تقديم الحلفاء عشرات المليارات من الدولارات من التمويل.
وفي مارس/آذار الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على صفقة دعم مدتها 48 شهراً لأوكرانيا، ما يتيح الوصول إلى حوالي 15.6 مليار دولار من التمويل.
وتوقعت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدنكو، اليوم الاثنين، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا بأكثر من 5% في الأشهر الـ11 الأولى من عام 2023 بعد انخفاض بنسبة28.9 % في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأضافت أن الحكومة تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.6% العام المقبل و6.8% في عام 2025 و6.6% في عام 2026.
ورفع الصندوق توقعات النمو في أوكرانيا لعام 2023 إلى 4.5%، مع توقع توسع بنسبة 3-4% في عام 2024. وقالت غورغييفا إن نسبة الفائدة بلغت ذروتها عند 26% في نهاية العام الماضي لكنها تراجعت مرة أخرى إلى 5.5%.
وقالت غورغييفا إن "أوكرانيا قامت بدورها لكسب دعم أصدقائها" مشيرة إلى اتخاذهم "إجراءات صارمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي". وأكدت أن "صندوق النقد الدولي قام بدوره، وتعاملنا بعمق مع أوكرانيا" داعية "شركاء أوكرانيا في الولايات المتحدة وأوروبا للقيام بدورهم".