أنعش ارتفاع أسعار النفط خزينة العراق، ما انعكس إيجابا على المؤشرات الاقتصادية، ودفع الحكومة نحو توقع تحقيق عوائد نقدية بمقدار 20 مليار دولار، وبالتالي استبعاد اللجوء إلى الاقتراض لسدّ عجز الموازنة. كما أكد مراقبون، لـ"العربي الجديد"، أن زيادة الإيرادات المالية الهائلة ستساهم في تحريك القطاعات الاقتصادية المتأزمة وتحد من البطالة.
وبلغ مجموع صادرات العراق من النفط الخام خلال شهر فبراير/ شباط من العام الجاري 92 مليوناً و790 ألفاً و173 برميلاً، بإيرادات شهرية بلغت 8.54 مليارات دولار، بمعدل بيع سعر البرميل الواحد بلغ أكثر من 92.083 دولاراً، حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة النفط العراقية.
ومع زيادة الطلب على النفط ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية بعد الأزمة الأخيرة التي يشهدها العالم جراء أحداث الحرب الروسية الأوكرانية.
وتشير التوقعات إلى أن متوسط سعر برميل النفط في موازنة العراق الاتحادية لسنة 2022 لا يقلّ عن 100 دولار مقارنة بإيرادات موازنة عام 2021 النفطية التي قُدر متوسط إيراداتها النفطية السنوية بأقلّ من 70 دولاراً للبرميل، ما يحقق فائضاً سنوياً كبيراً ضمن موازنة 2022، يمكن من خلاله تقديم مشاريع استثمارية كبيرة للنهوض بالواقع الاقتصادي العراقي.
تجنب الحاجة للاقتراض
توقّع المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح تحقيق عوائد نقدية بمقدار 20 مليار دولار، مستبعداً لجوء بلاده إلى الاقتراض لسدّ عجز الموازنة. وعلى الرغم من حصول اقتراض جزئي بنسبة 15% من إجمالي العجز المخطط في موازنة عام 2021 البالغ 29 ترليون دينار، فإن الوضع المالي ومؤشراته المتوقعة خلال عام 2022، تشير إلى متوسط عالٍ لبرميل النفط لا يقلّ عن 100 دولار للبرميل مقارنة بإيرادات موازنة عام 2021 النفطية التي قُدِّرَ متوسط ايراداتها النفطية السنوية بأقلّ من 70 دولارا للبرميل.
وأضاف صالح، في تصريحات للصحافيين ببغداد، أن الفائض المالي المتوقع لا يقلّ عن 20 مليار دولار خلال العام الجاري في حال استمرار الصرف على أساس موازنة العام الماضي، وأن التدفقات النقدية السائدة ستكون مطمئنة، ولا توجد أيّ حاجة للاقتراض بشتّى أشكاله.
وكانت موازنة العراق في 2021 تستهدف تحقيق إيرادات بنحو 101.3 تريليون دينار (69.5 مليار دولار)، منها إيرادات نفطية بنحو 81.17 تريليون دينار (55.6 مليار دولار)، باعتماد متوسط سعر برميل النفط الواحد بقيمة 45 دولاراً.
إنشاء مشاريع ومواجهة البطالة
أوضح الخبير الاقتصادي باسم أنطوان أن فائض العراق المرتقب من موازنة الدولة الاتحادية للعام 2022 يمكن من خلاله تطوير قطاعات مهمة في الجوانب الصناعية والاقتصادية.
وأشار من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى إمكانية بناء أكثر من 20 ألف وحدة سكنية متوسطة الحجم وبمواصفات جيدة، فضلاً عن إنشاء 500 مدرسة، وإقامة مجمع مدينة طبية متكاملة، بالإضافة إلى بناء محطتين لإنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية بمعدل 1500 ميغاواط لكل منهما بهذا المبلغ الفائض.
وبين أنطوان أيضا إمكانية إقامة مشاريع صناعية متوسطة وكبيرة تعمل على توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل في القطاعات الخدمية والإنتاجية التي يمكن العمل عليها من فائض الموازنة.
وكانت وزارة التخطيط العراقية قد أعلنت أن آخر الإحصاءات تشير إلى أن نسبة البطالة سجّلت 13.8%، إذ بلغت في العاصمة بغداد 9.3%"، في حين سجّلت محافظة الأنبار أعلى نسبة بطالة فيها بواقع 32.4%، تليها محافظة دهوك بنسبة 26.4%.
وأكد أنطوان أن العراق يمتلك موارد وثروات اقتصادية وبشرية كبيرة تحتاج لدراسة شاملة وتخطيط استراتيجي لاستثمارها وإحداث تقدم كبير بالنظام الاقتصادي الوطني.
أكبر موازنة في تاريخ العراق
أكد الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش أن موازنة العام الجاري، 2022، قد تكون أكبر موازنة في تاريخ الدولة العراقية، وقد تصل إلى 130 مليار دولار، بمعدل يزيد عن 190 تريليون دينار عراقي.
وتوقع حنتوش، من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الفائض السنوي من الموازنة قد يزيد عن 30 تريليون دينار، يمكن أن تستثمره الدولة العراقية من خلال صندوق سيادي يدعم المشاريع الاستراتيجية، كميناء الفاو وإنشاء أسطول بحري تجاري، فضلاً عن إنشاء مناطق صناعية وتجارة حرة و إنشاء شبكة سكك حديد، فضلاً عن إقامة خزين استراتيجي للدولة من المواد الغذائية وإعادة الأسواق المركزية.
أكد الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش أن موازنة العام الجاري، 2022، قد تكون أكبر موازنة في تاريخ الدولة العراقية، وقد تصل إلى 130 مليار دولار، بمعدل يزيد عن 190 تريليون دينار
وأوضح أن الزراعة في العراق غائبة إلى حد كبير، وهو ما يهدد الأمن الغذائي وينذر بكارثة كبيرة إذا لم يتم العمل على تطوير قطاعات الزراعة الإنتاجية والصناعات التحويلة، والتي تتطلب جهودا كبيرة من قبل الدولة.
وطالب حنتوش من خلال حديثه بوضع مبلغ قدره عشرة تريليونات دينار في صندوق دعم الاستثمار وتطوير مشاريع النفط والغاز، لأن البلد اليوم يعتبر بيئة استثمارية مفرغة، ولا يوجد ضمان للعمل الاستثماري في ظل الظروف الأمنية والسياسية الراهنة.