يواجه الاقتصاد الأردني ظروفا صعبة خلال العام الحالي بصورة أشد من التي عانى منها خلال العامين الماضيين لعدة أسباب، أهمها ارتفاع قيمة الفاتورة النفطية وأسعار الأغذية ومدخلات الإنتاج، وما ينتج عن ذلك من زيادة للأعباء المعيشية وتفاقم التضخم والفقر.
ويرى مراقبون أن "مواجهة تلك الأوضاع والحد من انعكاساتها على المواطنين والقطاعات المختلفة، تحتاج إلى إجراءات استثنائية وإن كان بعضها قد يأتي على حساب إيرادات الخزينة وارتفاع عجز الموازنة والمديونية العامة للبلاد، لكن معالجة التداعيات الإنسانية تتقدم على الاعتبارات الأخرى".
وكانت الحكومة توقعت تحسنا اقتصاديا هذا العام بعد تجاوز جائحة كورونا وتداعياتها، لكن المتغيرات الجديدة قد حالت دون تحقيق النتائج المستهدفة هذه الفترة.
وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب محمد السعودي لـ"العربي الجديد" إن الاقتصاد الأردني يواجه تحديات صعبة وغير مسبوقة تفاقمت هذا العام بسبب الانعكاسات السلبية للأزمة الأوكرانية الروسية، والفترة المتبقية من هذا العام ستكون الأصعب.
وأشار إلى أن أسعار النفط ما تزال على ارتفاع، وتتجاوز التقديرات التي افترضتها الحكومة عند إعداد موازنة الدولة لعام 2022، وبالتالي سترتفع قيمة واردات الأردن من النفط الخام ومصادر الطاقة الأخرى.
وأضاف أن الحد من ارتفاع الأسعار عالميا يحتاج إلى قرارات مختلفة، ومن ذلك تخفيض ضريبة المبيعات والضرائب الأخرى واستمرار الدعم النقدي المباشر للفئات الفقيرة ومنخفضة الدخل، وتحفيز القطاعات المختلفة للمحافظة على جلب الأيدي العاملة ودعم برامج التشغيل لتوفير فرص عمل ولو مؤقتة.
وتوقع منتدى الاستراتيجيات الأردني أن يكون ما تبقى من عام 2022 صعبا على الاقتصاد الأردني، حيث سيضطر البنك المركزي الأردني إلى زيادة أسعار الفائدة في حال بقيت أسعار الفائدة آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة. وقد رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مارس/ آذار 2022 و50 نقطة أساس في مايو/ أيار 2022.
وحذر المنتدى من مدى خطورة التداعيات على واردات الأردن من النفط الخام والغاز الطبيعي في حال استمرت التوقعات باتجاه بقاء أسعار الطاقة مرتفعة كما هي، إضافة لخطورة التداعيات على واردات الأردن في حال استمرت أسعار الأغذية مرتفعة.
وقال رئيس جمعية حماية المستثمر أكرم كرمول لـ"العربي الجديد" إن تحسين الوضع الاقتصادي ومواجهة التحديات يتطلبان تحفيز بيئة الاستثمار واستقطاب المشاريع الكبرى في مختلف القطاعات والعمل على معالجة المشكلات التي يعاني منها المستثمرون.
وأضاف أن الصعوبات الاقتصادية ستبقى ماثلة كون الأردن يرتبط بشكل كبير بالأسواق العالمية من حيث استيراده كامل احتياجاته النفطية من الخارج وما نستبه 85% من الأغذية والسلع الأخرى، وبالتالي تحفيز الاستثمار وتخفيض عجز الميزان التجاري هو أحد الحلول الناجعة لمواجهة تلك التحديات.
منتدى الاستراتيجيات وفي ورقة بحثية قال إن ارتفاع الأسعار العالمية قد بدأ بالسلع الأساسية التي زادت بصورة كبيرة عقب الإغلاقات التي حدثت عام 2020 وبعد عودة الاقتصادات للعمل في أواخر عام 2020 ومطلع عام 2021.
وارتفع مؤشر أسعار الطاقة (الفحم والنفط الخام والغاز الطبيعي) من 62.92 نقطة خلال ديسمبر/ كانون الأول عام 2020 إلى 111.42 نقطة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2021 أي بنسبة 77 بالمئة، إضافة إلى ارتفاع مؤشر أسعار الزيوت والدهون خلال تلك الفترة بنسبة بلغت حوالي 12.5 بالمئة.
وارتفعت أسعار الحبوب (الشعير، والذرة، والأرز، والقمح) بنسبة 19.4 بالمئة، والأسمدة بنسبة 163.9 بالمئة، علاوة على ارتفاع مؤشر أسعار الصلب والمعادن.
وبلغت معدلات الفقر والبطالة في الأردن مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث بلغت البطالة حوالي 25% قبل أن تتراجع إلى حوالي 24%، ونسبة الفقر تجاوزت 27%.
وقال المتحدث باسم وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية أشرف خريس لـ"العربي الجديد" إنه تم فتح باب تقديم طلبات الحصول على المعونات المالية المباشرة للفترة المقبلة، بما في ذلك الحصول عل الدخل التكميلي للأسر منخفضة الدخل بهدف مساعدتها على مواجهة ارتفاع الأسعار والمساهمة بتحسين أوضاعها المعيشية. وأضاف أنه تم صرف دفعة أخرى من الدعم النقدي للفئات المستهدفة، إضافة إلى المبالغ التي صرفت لهم ولغيرهم في فترات سابقة في إطار شبكة الأمان الاجتماعي التي تطبقها الحكومة منذ عدة سنوات.
وأشار منتدى الاستراتيجيات الأردني إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، حيث ارتفع مؤشر أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق من 101 نقطة في ديسمبر 2019 إلى 108.6 نقطة في ديسمبر 2020، وإلى 158.5 في إبريل/ نيسان 2022.
وبين أن واردات الأردن أعلى بكثير من صادراته، حيث بلغت نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي 52.2 بالمئة كمتوسط للأعوام 2015-2020، ما يؤشر إلى ضعف الأداء التجاري الأردني وقابلية تأثر الاقتصاد بالأسعار العالمية.