صارحوا دافعي الضرائب في مصر بحقيقة الديون

09 نوفمبر 2021
مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يعد دافعو الضرائب في مصر يعرفون شيئا عن تفاصيل بعض القروض الدولية الضخمة التي تحصل عليها الحكومة أو وزارات ومؤسسات تابعة لها من وقت لآخر إلا من وسائل الإعلام الغربية والعربية والمؤسسات المقرضة نفسها.
وأحيانا لا يعرفون عنها شيئا من الأصل، خاصة إذا كانت موجهة لتمويل واردات أغذية وسلع تموينية ووقود لصالح الهيئة العامة للبترول أو هيئة السلع التموينية وغيرها، كما هو الحال مع قرض سعودي بقيمة 23 مليار دولار تمّ الحصول عليه في عام 2016.
أو أن يتم الإعلان عن هذه القروض في وقت السداد فقط كما حدث مع قرض بقيمة 5.2 مليارات دولار حصلت عليه الحكومة من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي، عقب تحرير سعر الصرف، في نوفمبر 2016 ولم يتم الكشف عنه إلا نهاية عام 2017 عقب إعلان البنك المركزي أن البلاد ستسدد القرض الضخم قبل نهاية العام.

قروض بقيمة 2.3 مليار دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة لم يسمع عنها المصريون إلا قبل أيام

ومنذ أيام قال الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة التابعة للبنك الإسلامي للتنمية بجدة، هاني سنبل، إن القروض الممنوحة من المؤسسة لمصر تجاوزت 2.3 مليار دولار خلال العام الجاري 2021 بدلاً من 1.1 مليار دولار متفق عليها في بداية العام.

أي أن الحكومة اقترضت من المؤسسة 2.3 مليار دولار منها 1.2 مليار دولار إضافية لا يعرف المصريون عنها شيئا إلا مؤخرا.

موقف
التحديثات الحية

وفي نهاية شهر أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة المالية السعودية، أنها قدمت وديعة بقيمة 3 مليارات دولار للبنك المركزي المصري، بالإضافة إلى تمديد الودائع السابقة بمبلغ 2.3 مليار دولار، أي أن إجمالي الدعم المالي السعودي لمصر بلغ 5.3 مليارات دولار.
ولم يصدر أي تصريح من مسؤول مصري أو مؤسسة رسمية بشأن الدعم السعودي الضخم رغم مرور أكثر من أسبوعين على إعلانه من قبل السعودية.

زيادة طفيفة في احتياطي مصر من النقد الأجنبي رغم اعلان السعودية عن ضخ 3 مليار دولار وتمديد ودائع بقيمة 2.3 مليار دولار

واللافت أن مصادر سارعت بتوقع حدوث قفزة في احتياطي مصر من النقد الأجنبي مع إضافة الوديعة السعودية، وأنه يمكن أن يقترب الاحتياطي النقدي سريعا من أعلى مستوى له قبل الجائحة البالغ 45.5 مليار دولار.

إلا أن البنك المركزي كشف عن ارتفاع طفيف في الاحتياطي النقدي بقيمة 24 مليون دولار فقط، ليصل إلى 40.849 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مقابل 40.82 مليار دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول السابق عليه.
وهذا الإعلان يدعم وجهة النظر القائلة إن السعودية لم تضخ سيولة نقدية جديدة في احتياطي مصر من النقد الأجنبي، وإنما قامت بتجديد قروض مستحقة بالفعل قيمتها 5.3 مليارات دولار من بين أكثر من 17 مليار دولار مستحقة لدول الخليج.

ليس عيبا أن تقترض أي حكومة من الخارج بشروط، أبرزها معرفة مصدر السداد، والقدرة على السداد، وأن توجه حصيلة القرض لمشروعات تدر عائدا بالنقد الأجنبي مثل السياحة والصادرات والصناعات التصديرية، أو لمشروعات إنتاجية تحد من الواردات الخارجية، وبالتالي يتم توفير النقد الأجنبي الموجه لتمويل بند الواردات.

موقف
التحديثات الحية

والأهم إطلاع الرأي العام ودافعي الضرائب على تفاصيل هذه القروض، لأنهم هم من يسددون قيمتها وأعبائها المستحقة من أموال الضرائب والخزانة العامة والرسوم التي يدفعونها عند تلقي خدمة حكومية، وكذلك من قفزات أسعار السلع والخدمات، وكذا من الاقتطاعات الحكومية الضخمة التي تجري على دعم البنزين والسولار والكهرباء والمياه، وهو ما يؤدي لزيادة تكلفة الحصول عليها وبيعها بالأسعار العالمية.

الدول لم تعد تعرف القروض السرية أو "الكتيمي" التي لا يتم الإعلان عنها إلا وقت السداد، أو عندما يزور مسؤول من المؤسسة المقرضة الدولة المستدينة ويلتقي مسؤولا حكوميا بها. 

ليس عيبا أن تقترض أي حكومة بشروط منها معرفة مصدر السداد، والقدرة على السداد، وأن توجه حصيلة القرض لمشروعات تدر عائدا بالنقد الأجنبي

الشفافية مطلوبة في مثل هذه الأمور المهمة، خاصة إذا تعلقت بأموال ضخمة وديون بمليارات الدولارات مستحقة على الأجيال الحالية والمستقبلية ويسددها المواطن من جيبه.

من حق المصريين أن يعرفوا كذلك أوجه إنفاق أكثر من 100 مليار دولار قروضا خارجية حصلت عليها الحكومة منذ العام 2010 ليرتفع حجم الدين من 36.77 مليار دولار في نهاية عام 2010 إلى نحو 137.8 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي وبنسبة ارتفاع تجاوزت نحو 275% وفق تقرير حديث للبنك الدولي. 

المساهمون