صادرات مصر ضحية للحروب العربية

17 مايو 2015
مصريون يغادرون ليبيا في أعقاب الضربة الجوية المصرية (أرشيف/GETTY)
+ الخط -

أصبحت الصادرات المصرية أحدث ضحايا الحروب العربية، وربما كذلك بسبب تدخل الحكومة المصرية في الشؤون الليبية، التي تعد أحد أهم أسواق المنتجات المصرية، ومنذ أكثر من عام تواجه الصادرات المصرية تراجعاً كبيراً، وهو ما دفع الحكومة المصرية لعقد اجتماع لمناقشة المؤشرات الخاصة بالصادرات المصرية، بعد اعترافها بوجود انخفاض في الصادرات خلال الأشهر الأولى من العام الجاري.

وتعد السوق الليبية ضمن أكبر الأسواق العربية للصادرات المصرية، والتي واجهت تحديات كبيرة منذ فبراير/ شباط الماضي، بعد الضربات الجوية المصرية علي الأراضي الليبية رداً على مجزرة قام بها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقتل فيها 21 عاملاً مصرياً قبطياً في

الأراضي الليبية. بعد هذه الضربة تراجعت الحركة التجارية بين مصر وليبيا.

وحرمت هذه الضربات مصر من عائدات وصلت إلى 9 مليارات جنيه ( 1.2 مليار دولار) قبيل الثالث من يوليو/تموز الماضي، بحسب ما جاء في تقرير هيئة الصادرات والواردات
وتنوعت صادرات مصر إلى ليبيا من مواد بناء وأسمدة وحاصلات زراعية، خاصة الأرز المصري ومنتجات غذائية ومنتجات يدوية وصناعات هندسية.

 وخسرت مصر أيضاً تحويلات العاملين بليبيا والتي تخطت المليار دولار في الأعوام السابقة، حيث طالبت ليبيا المصريين العاملين فيها عقب أحداث فبراير/شباط الماضي بمغادرة أراضيها .

وتحدثت "العربي الجديد" مع عدد من المصدرين المصريين لليبيا بعد انقضاء ما يقارب 3 أشهر على الأحداث الأخيرة بين البلدين، حيث أكدوا أن الصادرات المصرية لليبيا شهدت تراجعاً حاداً وبشكل غير مسبوق .

في هذا الصدد، يقول علاء البهي، أحد المصدرين المصريين إلى ليبييا، وهو أيضاً رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن الصادرات المصرية لليبيا تراجعت بأكثر من16 %، ولكنها لم تتوقف بشكل كامل.

وأضاف البهي في تعليقاته، لـ"لعربي الجديد"، أن التراجع بدأ منذ نهاية العام الماضي وأن التوترات السياسية التي تشهدها ليبيا، كانت أهم هذه الأسباب، مشيراً إلى أن هناك بعض العملاء الذين كان يتعامل معهم اختفوا بشكل كامل.

واتفق أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء للغرفة التجارية بالقاهرة، وأحد المصدرين المصريين للييبا، مع البهي، قائلاً إن الصادرات المصرية لليبيا متراجعة بشكل غير مسبوق منذ أكثر من عام، لافتاً إلى أن التراجع بدأ منذ نهاية العام الماضي وما زال مستمراً.

اقرأ أيضاً: تراجع الصادرات المصرية إلى ليبيا 70٪

وكانت هيئة الرقابة على الصادرات والواردات المصرية قد أعلنت في تقريرها الشهري لشهر

مارس/آذار، والذي نشرته على موقعها الإلكتروني، أن إجمالي الصادرات المصرية غير البترولية خلال أول 3 شهور من عام 2015 بلغ 34.5 مليار جنيه (4.6 مليارات دولار) مقابل 41.2 مليار جنيه صادرات غير بترولية خلال نفس الفترة من عام 2014 بنسبة انخفاض 21.7 %.

وأضافت الهيئة أن قيمة الصادرات المصرية، غير البترولية، للدول العربية خلال أول 3 شهور من عام 2015 بلغت 15 مليار جنيه (حوالى ملياري دولار) منخفضة بنسبة 17.9% عند مقارنة القيمة بالدولار في نفس الفترة من عام 2014، حيث بلغت قيمة صادرات مصر، غير البترولية، للدول العربية خلالها 17 مليار جنيه (2.4 ملياري دولار).
 
وأشار البهي إلى أن مصر تصدر كل البضائع لليبيا، قائلاً إن ليبيا والسعودية أكبر الأسواق

التصديرية لمصر، لافتاً إلى أن 68% من الصادرات الغذائية المصرية تذهب للسوق العربية، بينما تتوزع النسبة الباقية على دول العالم.

ولفت البهي إلى أن تراجع الصادرات لليبيا أدى لإغلاق عدد من المصانع، ولكنه أشار إلى أن

هذه المصانع صغيرة بالأساس، بينما المصانع الأخرى كبيرة النشاط تراجع إنتاجها بشكل كبير.
 
وأكد أن الصادرات المصرية تواجه مشاكل كبيرة بالوقت الحالي بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وأسعار الخامات والطاقة بالإضافة لارتفاع أسعار العمالة بأكثر من 25%، مع تراجع دعم الصادرات المصرية من4.6 مليارات جنيه لـ 2.6.

وقال البهي: أنا، كمنتج ومصدّر، بعد فقدان جزء كبير من السوق الليبية توجهت للسوق المحلية، بينما المصانع الكبيرة بدأت بإيجاد أسواق بديلة كأميركا والاتحاد الأوروبي.

وأكد البهي أنه يجري حالياً عقد اتفاق بين مصر وليبيا، ينص على دخول السيارات المصرية المحملة بالبضائع لمدينة طبرق بالأراضي الليبية، على أن تتسلم البضائع سيارات ليبية تقوم بنقل البضائع لطرابلس وباقي الأراضي الليبية، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق قد يعيد الحياة لجزء كبير من الصادرات المصرية إلى ليبيا.

بدوره، أكد أحمد الزيني أن مصر كانت تصدر كميات من الإسمنت والسيراميك وأدوات كهربائية وصناعات غذائية، بعضها توقف تماماً والآخر تراجع.

وأشار الزيني إلى أنه، على مدار الـ 20 عاماً الماضية، كانت الحركة التجارية بين مصر وليبيا غير متوقفة ،غير أنها أصبحت شبه متوقفة منذ عام، مؤكداً أنه يصعب حصرها لأن هناك آلاف التجار المصريين كانوا يعملون بشكل فردي وذلك بتحميل بضائع عبر سياراتهم للسوق الليبية. وقدر الزيني عدد هؤلاء التجار بأكثر من 5 آلاف تاجر، ربما يكونون قد توقفوا تماما عن التصدير للسوق الليبية بسبب التوترات الأخيرة.

وأكد الزيني أن قطاع النقل في مصر أبرز المتضررين من وقف التصدير لليبيا، مشيراً إلى أن

بعض شركات النقل كانت لها خطوط منتظمة مع ليبيا، لكنه قال إن أبرز القطاعات المتضررة هي مصانع المواد الغذائية والأثاث والأدوات الكهربائية .

وعن مصير هذه المصانع، قال الزيني إن المصانع الكبيرة منها اتجهت لأسواق أخرى بديلة، بينما المصانع الصغيرة بعضها توقف وبعضها تراجع إنتاجه لأكثر من النصف، أما التجار الأفراد فتوقفوا تماماً حيث أن الآلاف منهم كان يعتمد على السوق الليبية فقط.

أما يحيى الزنانيري، رئيس شعبة الملابس بالاتحاد العام للغرف التجارية، فقال لـ " العربي الجديد" إن سوق تصدير الملابس المصرية لليبيا لم تكن بالكبيرة، مشيراً إلى أن إنتاج المصانع لم يتأثر بشكل كبير بسبب الأحداث الأخيرة بين مصر وليبيا لأن أغلبها يتوجه إلى أميركا والاتحاد الأوروبي، حيث هناك امتيازات جمركية للبضائع المصرية، وأضاف زنانيري أن تصدير الملابس لليبيا توقف.

 
اقرأ أيضاً: 1.3 مليار دولار تراجعاً في صادرات مصر بسبب الاضطرابات

المساهمون