انعكست الحرب الروسية الأوكرانية، مباشرة على الأسواق التركية، فعدا تعليق تركيا رحلاتها الجوية إلى أوكرانيا وتراجع سعر صرف الليرة بأكثر من 2.5%، بدأ التوجس يلف الأسواق التركيا، نظراً لحجم التبادل الكبير بين أنقرة وموسكو، وخاصة في ما يتعلق بالمواد الغذائية التي تستوردها تركيا من روسيا.
وجاء ذلك، رغم تطمينات رئيس مجلس إدارة الحبوب التركي، أوزكان طاش بينار، الذي قال فور الهجوم والتخوّف من تعطل إمدادات القمح والغذاء: "تركيا دولة تتمتع باكتفاء ذاتي من القمح، المعدل الوسطي لحاجة السوق المحلية من القمح يبلغ 20 مليون طن، وهذه الكمية تنتج محليا"، لذلك برأي طاش بينار، الحرب الروسية الأوكرانية لن تتسبب في أي مشاكل في توريد القمح للسوق المحلية في تركيا.
وأعلنت شركة الخطوط الجوية التركية، أمس الخميس، إلغاء رحلاتها المقررة إلى أوكرانيا بسبب الظروف الأمنية المتردية. جاء ذلك في تغريدة نشرها المدير العام للشركة بلال أكشي، على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي.
وفجر الخميس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق عملية عسكرية في إقليم دونباس.
وفي هذا السياق، قال المحلل التركي، سمير صالحة، إنه يخشى من زيادة الآثار الاقتصادية على بلاده، إن طال زمن الحرب الروسية على أوكرانيا، لأن أنقرة التي تحرص على حسن العلاقة مع كلا البلدين الصديقين، ستكون من أكثر الدول تأثرا بشكل مباشر، إن على صعيد ارتفاع أسعار الطاقة أو الغذاء.
ويكشف صالحة لـ"العربي الجديد" أن بلاده التي طالبت بتجنب اندلاع الحرب، ستدفع من أحلام نموها ثمناً كبيراً، لأن جلّ اعتماد تركيا بالسياحة على روسيا التي تستقبل منها سنوياً، نحو 5 ملايين سائح، وعلى نحو مليون سائح من أوكرانيا.
وتابع: كما أن الصادرات، نقطة قوة تركيا الثانية، ستتأثر بشكل كبير جراء الحرب، لأن حجم التبادل التجاري مع كلا البلدين، يزيد على 30 مليار دولار سنويا، حصة روسيا منها نحو 25 ملياراً.
وخارطتا السياحة والصادرات، ستتبدلان برأي المحلل التركي، بعد اندلاع الحرب، ولا يمكن النظر للمهجّرين من أوكرانيا المتوقع وصولهم إلى تركيا، على أنهم سياح.
كما لن يسلم قطاع العقارات من أذى ونتائج الحرب، بحسب مدير شركة "رويال" المصري هادي عوض، الذي يؤكد من إسطنبول لـ"العربي الجديد" أن العقارات خلال الحروب والأزمات، يلفها الركود ويتريث رأس المال الذي يذهب بالغالب إلى الذهب أو بعض العملات الرئيسية.
ويضيف عوض أنه بالغالب، لن يلجأ من يأتي لتركيا، من أوكرانيا أو حتى روسيا، إلى شراء العقارات، بل ربما نرى زيادة بالإقبال على المساكن والحجوزات الفندقية وارتفاع بأسعار الإيجار.
قال المحلل التركي، سمير صالحة، إنه يخشى من زيادة الآثار الاقتصادية على بلاده، إن طال زمن الحرب الروسية على أوكرانيا
وتوقع الاقتصادي التركي، خليل أوزون تذبذب أسعار العملات لجميع الدول وليس تركيا فقط. وحول أسباب تراجع سعر الليرة فور اندلاع الحرب يقول أوزون لـ"العربي الجديد" إن الأزمات والحروب، خاصة إن كانت قريبة وبدول تربطك بها علاقات تجارية كبيرة، تنعكس على سوق الصرف والبورصة. وتجاوز سعر الدولار أمس، 14 ليرة تركية تأثرا باندلاع الحرب.
ويبقى لارتفاع أسعار الغاز والنفط، الأثر البالغ على الاقتصاد التركي، كما يرجّح مختصون، لأن تركيا التي تستورد أكثر من 95% من استهلاكها، ستتأثر بارتفاع الأسعار، ما ينعكس على مستوى التضخم الذي تحاول تركيا محاربته، بعد أن وصل على أساس سنوي إلى 48.65%، حسب بيانات رسمية.
ويؤكد المحلل التركي سردار دونميز، لـ"العربي الجديد" أن أثر ارتفاع النفط والغاز "سيتجلى تباعاً" وربما لا تظهر آثاره قريباً، لأن مخزونات بلاده "جيدة" وتحظى بعقود آجلة عدة.