"فضُّوها سيرة" وأعلنُوا على الملأ فشل مشروع "الفنكوش" العظيم وانسحاب الشركة الإماراتية من مصر إذا كنتم تريدون الحفاظ على ما تبقى من مصداقيتكم، إذا كان لديكم أساساً شيء من المصداقية والثقة.
ولا داعي للحديث هنا عن خلافات مزعومة حول مصادر تمويل المشروع، وما إذا كانت البنوك المصرية ستدفع التكلفة كاملة، أم تتحمل الشركة الإماراتية جزءاً منه، أو التذرع بمفاوضات مضنية انتهت بالفشل، أو الحديث عن إخلال الشركة بتعهداتها، فجميع من ساهموا في إخراج هذا السيناريو الرديء والساذج كانوا يعلمون أن مشروع حل أزمة السكن في مصر وتوفير ملايين الشقق للشباب ومحدودي الدخل من خلال مشروع واحد، هو مجرد تمثيلية سخيفة وأكذوبة كبرى مارسها علينا بعضهم بمساعدة ماكينة إعلامية ضخمة، لأن المشروع غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، وأن تكلفته تفوق موازنات دول حيث كانوا يتحدثون عن 40 مليار دولار.
بالطبع فهمتم ما أقصده هنا بالمشروع الفنكوش، وهو إقامة مليون وحدة سكنية تم التعهد بها قبيل الانتخابات الرئاسية التي جرت في مصر، منتصف العام 2014، أما الشركة فإنها شركة "أرابتك" الإماراتية التي أعلنت في مارس 2014 عن إقامة مشروع عقاري قالت إنه الأضخم من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وثالث أكبر مشروع على مستوى العالم، وأنه سيحل أزمة السكن في مصر من جذورها.
أمس أعلنت مصادر مصرية عن نهاية أسطورة إنشاء شركة آرابتك الإماراتية مليون وحدة سكنية فى مصر، وأن المفاوضات المتعلقة بالمشروع توقفت بسبب الخلافات بين وزارة الإسكان المصرية والشركة الإماراتية، وعدم اتخاذ الشركة خطوات فعلية وجادة لتنفيذ المشروع.
لقد أصبحنا أمام حقائق لا تقبل النقاش.. الحقيقة الأولى أننا أمام واقع يقول إن المشروع مات بالسكتة القلبية، وأنه لن يرى النور لأنه مشروع وهمي تم تسويقه لحصد أصوات ملايين المصريين، أما وإن الهدف تحقق فليتحول إلي ورقة "كلينيكس" لا حاجة لها شأنها في ذلك شأن قادة جبهة الإنقاذ وغيرهم.
وثاني الحقائق تقول إننا أمام شركة تعاني مشاكل مالية وإدارية حادة تجعلها غير قادرة على تنفيذ مشروع إقامة مشروع المليون وحدة سكنية الذي وعدت به قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فالشركة غيرت مجلس إدارتها للمرة الثانية خلال فترة وجيزة، وحققت خسائر قيمتها 279.8 مليون درهم خلال الربع الأول من العام الجاري 2015، مقارنة بأرباح 137.9 مليون درهم عن الفترة نفسها من العام 2014، كما تراجعت إيراداتها بشكل ملحوظ، أي أنها في وضع مالي لا يمكنها من تنفيذ مشروع للإقامة 100 الف وحدة سكنية وليس مليون وحدة كما وعدت، اضافة إلي أن رأسمال الشركة المدفوع لا يكفي لتغطية تكلفة 10 الاف وحدة سكنية.
لا أعرف بالضبط سر الانفجار المفاجئ لملف مشروع "أرابتك" أمس، وما سبب الارتباك والمواقف المتناقضة من قبل الحكومة ووزارة الإسكان حيال مصير مشروع المليون وحدة التي أعلنت الشركة إقامته، وهل نحن أمام صراع مصالح، أم أمام حكومة تواصل سياسة الكذب على المصريين، وتستهدف لفت أنظارهم بعيداً عن مشاكلهم الحياتية، مع قرب رفع الحكومة الأسعار مع بداية شهر يوليو القادم خاصة أسعار الكهرباء والبنزين والسولار والغاز.
كل ما أعرفه هو أنه يجب الإعلان فوراً عن موت مشروع أرابتك "الفنكوش"، والاعتذار لملايين المصريين الذين تم خداعهم لأكثر من 14 شهر بهدف حصد أصواتهم في الانتخابات الرئاسية.
اقرأ أيضاً: خلافات جديدة تهدد مشروع المليون وحدة سكنية في مصر