شركة بريطانية تحول السيارات القديمة إلى مركبات كهربائية

19 يونيو 2022
تبلغ تكلفة هذا التحويل نحو 30 ألف جنيه إسترليني (فرانس برس)
+ الخط -

تعمل ورشة تقع تحت أحد خطوط المترو في لندن على تحويل السيارات القديمة إلى مركبات كهربائية، إذ تستبدل المحرّك التقليدي بآخر كهربائي يجعل المركبة صديقة أكثر للبيئة.

ويشدد مؤسس "لندن إلكتريك كارز" ماثيو كويتر على أنّ مؤسسته، وهي إحدى الشركات القليلة المتخصصة بهذا التحويل، تتفادى بذلك التسبب بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (17 طناً في المتوسط) التي تصدرها السيارات الجديدة، "فضلاً عن أنها لا تتخلى عن السيارة القديمة والصالحة للاستعمال"، مشيراً إلى أنّ "العملية مربحة في كل الحالات".

ويشهد هذا القطاع الناشئ تطوراً في المملكة المتحدة لأنّ الحصول على الترخيص الرسمي لهذا النشاط يتسم بسهولة أكبر من التدابير اللازمة في البلدان الأخرى، كما أنّ البريطانيين يهتمون كثيراً بقطاع السيارات.

وتصطف في الورشة سيارات من أنواع مختلفة، بدءاً من الـ"ميني كوبر" وصولاً إلى الـ"بنتلي"، بالإضافة إلى مركبات متنوّعة من حيث العمر، فمنها القديم جداً ومنها الأحدث كسيارة "فولفو" تعود إلى عشرين عاماً أو "فيات مالتيبلا" ذات الواجهة الأمامية الغريبة.

وتلجأ بعض العائلات شديدة التعلّق بسياراتها إلى ماثيو كويتر لإنقاذ هذه المركبات وتجنّب تحويلها إلى خردة، ويقول ماثيو إنّ "هذا السيارات رافقت أبناء هذه العائلات الذين يرغبون في تحويلها إلى سيارات جديدة تعمل كهربائياً".

وتبلغ تكلفة هذا التحويل نحو 30 ألف جنيه إسترليني (37,62 ألف دولار)، وهو ما يعادل ثمن سيارة كهربائية جديدة. وتكفي البطارية، تبعاً لقدرتها، للسير لمسافة تتراوح بين 80 كيلومتراً و300 كيلومتر.

ويوضح أنّ هذه القدرة كافية، إذ إن "90 إلى 95 في المائة من مسافة التنقلات في لندن" لا تتعدى عشرة كيلومترات.

كارثة ورائحة كريهة

ويتم اختيار المحرك الكهربائي الذي يكون عادة من نوعي "نيسان ليف" أو "تيسلا"، استناداً إلى قرب أدائه من أداء السيارة الأصلي، وذلك لتجنب الاضطرار إلى تكييف الفرامل أو ناقل الحركة الآلي مع التقنية الجديدة.

ومنذ انطلاقه عام 2017، حوّل المصنع سبع سيارات إلى كهربائية، ويأمل في جعل عشر أخرى تعمل بالكهرباء عام 2022.

ويشير ماثيو إلى أنّ الناس "يدركون أنّ المحركات التقليدية تمثل كارثة، إذ تنبعث منها رائحة كريهة ودخان كثيف، كما أنها تثير ضجة كبيرة وتتحمل جزءاً من المسؤولية في ما يتعلق بالتغير المناخي".

ويتوقع كويتر أن يحصل "تحول في الرؤية" تجاه السيارات التي تعمل بمحركات تقليدية، إذ سيُنظر إلى السيارات القديمة التي يهوى هواة الجمع الاحتفاظ بها على أنها بمثابة "مفارقة تاريخية"، كالتدخين أمام المدارس، وربما قد تصبح محظورة مستقبلاً في المدينة.

وفي نهاية سنة 2019، اعتبر الاتحاد الدولي للمركبات القديمة أنّ من شأن تحويلات مماثلة للسيارات تجريدها من طابعها "التاريخي"، ودعا إلى إجراء تعديلات يمكن العودة عنها.

ويعتبر مناصرو هذه الفكرة أنّ الضجيج والارتجاجات ورائحة البنزين تمثل كلها جزءاً من المتعة المرتبطة بالسيارات القديمة.

ويؤكد ماثيو أن زبائنه "غير مهتمين إطلاقاً (بهذه السمات)، بل ما يحرصون عليه هو "موثوقية" السيارات الكهربائية.

ورداً على المعترضين على المس بالسيارات، يشير ماثيو إلى أنّ أحداً لا يشكك في أصالة مسكن قديم يصبح مجهزاً بكل وسائل الراحة الحديثة لمجرّد إن إضاءته لم تعد بالشموع.

تراث وطني

ويؤكد كويتر أنه لا يمكن أن يقدم مثلاً على تحويل بعض سيارات "أستون مارتن" إلى كهربائية، مشيراً إلى أنّ "المسألة شخصية جداً".

ويوافقه الرأي غاري ويلسون، وهو رئيس منظمة "هيستوريك أند كلاسيك فيهيكلز ألاينس" (تحالف المركبات التاريخية والكلاسيكية) التي تدافع عن المركبات القديمة، مشيراً مثلاً إلى سيارة "أستون DB5" الشهيرة لجيمس بوند.

ويلفت إلى أن المحركات تشهد تغييراً منذ بداية تصنيع السيارات تقريباً. لكنه يعرب عن شكوكه في الميزة البيئية الفعلية لمثل هذه التحويلات عندما تُجرى لسيارات قديمة تشكل هدفاً لهواة الجمع وتستطيع أن تسير مسافات محدودة (1920 كيلومتراً سنوياً في المتوسط، مقابل 11500 كيلومتراً لسيارة معاصرة، بحسب أرقام المنظمة)، وتحديداً عندما تكون البطاريات والمحركات قديمة جداً.

ويعتبر أنّ "ثمة مركبات كثيرة ينبغي تصنيفها كجزء من تراثنا الوطني".

ويضيف "سنشعر بغرابة كبيرة إن استبدلنا نوافذ قصر بلينهايم (يعود إلى القرن الثامن عشر) بأخرى مصنوعة من مادة الكلوريد المتعدد الفاينيل". كما انّ هدم البرلمان ثم إعادة بنائه لتوفير مساحة أكبر وتحسين كفاءته الحرارية ممكن "لكن ماذا سنفعل بساعة بيغ بن التي تمثل أحد كنوزنا الوطنية؟".

ويكمن الحل بالنسبة إليه في اعتماد الوقود الاصطناعي الذي يُنتج عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون ويساهم تالياً في الوصول إلى الحياد الكربوني عام 2050.

 

(فرانس برس)

المساهمون