شح اليد العاملة يعطل زراعة الجزائر

07 مايو 2023
نقص اليد العاملة يتسبب في تأخر حصد المحاصيل (Getty)
+ الخط -

يواجه قطاع الزراعة في الجزائر، هجرة غير مسبوقة لليد العاملة، فمع مرور السنين، أصبح كابوس نفور اليد العاملة يؤرق المستثمرين الزراعيين وحتى المزارعين الصغار، ما خلق أزمة في ميدانٍ تراهن عليه البلاد كثيراً لتوفير السلع وتنويع الاقتصاد.

وتظهر الأرقام الصادرة عن الديوان الجزائري للإحصائيات تراجعاً مستمراً في عدد العاملين في القطاع الزراعي، إذ يعمل في القطاع حالياً حوالي 900 ألف شخص ما يمثل 8% من إجمالي اليد العاملة في البلاد، مقابل 1.1 مليون نهاية 2016 و2.5 مليون عامل في 2013.

ويبلغ العجز الذي سجله قطاع الفلاحة بداية هذه السنة حسب وزارة الفلاحة والصيد البحري قرابة 1.3 مليون شخص، ما جعل أصحاب الأراضي والمستثمرات على وجه الخصوص في مواجهة أزمة حادة مع بداية ونهاية كل موسم فلاحي تحديدا عند غرس المحصول وجنيه.

وأكد عضو الاتحاد الجزائري للفلاحين الجزائريين عبد الحكيم نواري في حديث مع "العربي الجديد"، أن "العجز يرتفع واقعياً عن الأرقام الرسمية بحوالي 100 ألف شخص في موسم الحصاد وجني الثمار".

وأشار نواري إلى أنه في موسم جني القمح الماضي، تسبب نقص اليد العاملة إلى تأخر الكثير من المزارعين في حصد المحصول، ما أدى إلى ضياع حوالي 10% من الإنتاج.

في سهول "المتيجة" المشهورة بزراعة الحمضيات، على بعد 100 كلم جنوب العاصمة الجزائرية، يقف المزارع عمر مخلوفي عاجزا على وصف معاناته في إيجاد سواعد لقطف البرتقال واليوسفي مع بداية موسم جنيها، حيث كشف المزارع لـ "العربي الجديد" أنه "تأخر في جني المحصول 13 يوماً وكاد الجفاف الذي تعيشه البلاد، أن يذهب بالمحصول".

وأضاف عمر:" أصبح شبابنا لا يقبلون على قطاع الزراعة.. في الماضي كان أبناء المدن هم من يرفضون العمل في الحقول والمزارع، أما الآن حتى أبناؤنا في الريف والمناطق الداخلية أصبحوا ينفرون من العمل في الزراعة ويفضلون البطالة عليها أو السفر إلى المدن الكبرى بحثاً عن عملٍ قد لا يجدونه".

وحسب التوزيع الجغرافي فإن محافظات شرق الجزائر هي الأكثر تضرراً من نقص اليد العاملة في قطاع الفلاحة، تليها منطقة الجنوب الذي أصبح كبار المزارعين فيه يعانون في بداية كل موسم في إيجاد عمال يتكفلون بعملية قطف ووضع الثمار في الصناديق تمهيداً لتسويقه.

بدوره، قال الخبير الزراعي محمد عامر دواجي إن " الحكومة شاركت من حيث لا تدري في ارتفاع العجز في اليد العاملة في قطاع الفلاحة، بعد إطلاقها لبرنامج دعم وتشغيل الشباب المعروف باسم الأونساج، حيث سهلت على الشباب الحصول على قروض لإنشاء شركات صغيرة دون مراعاة الطابع الجغرافي ولا التكوين الدراسي والمهني للشباب وبالتالي أصبح الشباب يفضل الحصول على قروض بنكية طويلة الأمد عوض دخول الحقول و المزارع".

وأمام هذه الوضعية لم يجد الكثير من المزارعين وأصحاب الحقول والمزارع من حل سوى بالاستنجاد باليد العاملة الأجنبية، لاسيما من الأفارقة، الذين أصبحوا الخيار الأول.

هذا الخيار تبناه المزارع أخضر غوماري من محافظة البويرة (100 كم جنوب شرق العاصمة الجزائرية)، حيث فضل " تشغيل أفارقة مهاجرين بأجرة يومية، عوض تضييع وقته في إقناع الشباب الذي يقطن المناطق المجاورة لمزرعته بالعمل لديه، موضحا أن " شباب المنطقة أصبح كله يتكلم عن قروض الأونساج (وكالة دعم تشغيل الشباب) أو التوجه إلى المدن الكبرى للعمل في المقاهي ومحلات الأطعمة والحلاقة عوض العمل في البيئة التي نشأ فيها".

المساهمون