تراجعت التوقعات بانتعاش الاقتصاد الألماني أكثر من المتوقع هذا الشهر، حيث أعلن معهد "إيفو" في ميونخ الذي يصدر المؤشر الاقتصادي الأساسي، أمس الاثنين، أن المؤشر تراجع 5 نقاط، من 92.2 نقطة الشهر الماضي إلى 88.6 في يوليو/تموز الحالي، وهذا أدنى مستوى منذ يونيو/حزيران 2020، نتيجة تدهور مناخ الأعمال في غالبية القطاعات الاقتصادية.
ويتزامن ذلك مع تقارير تفيد بأن المتطرفين اليمينيين سيتحركون من أجل "شتاء الغضب"، وإحداث انتفاضة شعبية بسبب التكاليف المرتفعة لمشتقات الطاقة، رغم التوجه لاعتماد حزمة دعم لفئات من المواطنين، ومنها إصلاحات في مزايا الإسكان وإعانات للمواطنين.
وعن التراجعات الملحوظة للقطاعات في ألمانيا، صاحبة أقوى اقتصاد في أوروبا، قال رئيس "إيفو" كليمنس فويست إن ارتفاع أسعار الطاقة وخطر نقص الغاز يلقيان بثقلهما على الاقتصاد، وإن "ألمانيا على حافة الركود، لا سيما أنها تعيش أزمة غاز ومشكلات في العرض والتضخم المرتفع، وبات رفع أسعار الفوائد في أسواق المال يشكل عبئا، وهذا يشمل بشكل ملحوظ القطاعات الصناعية، فيما عاد المزاج ليتبدل مجددا بين مقدمي الخدمات بعد تفاؤل كبير، خاصة في قطاع السياحة".
وفي السياق، بيّنت شبكة "إيه أر دي" الإخبارية، الاثنين، أنه، ووفقا للبنك المركزي الألماني، فإن الاقتصاد لم ينشط خلال فصل الربيع، بفعل العديد من التطورات التي ألقت بتداعياتها على الاقتصاد، مرجحا أن يكون لخطر أزمة الغاز الطبيعي ومشكلات الإمداد المستمرة أثر في التجارة الخارجية والتضخم المرتفع.
كما تبرز تكاليف الإقراض المتزايدة للشركات والمستهلكين، وهذا ما يقلل الرغبة في الاستثمار والاستهلاك، لا سيما بعد أن رفع البنك المركزي الأوروبي، الأسبوع الماضي، أسعار الفوائد للمرة الأولى منذ 11 عاما.
وفي تعليق على مؤشر "إيفو"، قال الاقتصادي توماس غيتزيل للشبكة عينها، إن "هذا التطور ليس مفاجئا حتى ولو عاد الغاز حاليا إلى التدفق من روسيا بكميات محدودة"، لافتا إلى أن توقف الغاز الروسي بالكامل يخيّم على التوقعات الاقتصادية، و"بالكاد يمكن تجنب الركود"، وسط أعباء التضخم المرتفع وأزمة الطاقة التي تلوح في الأفق، وصعوبات سلاسل التوريد.
أما كبير الاقتصاديين في "كوميرس بنك" يورغ كرامر، فأشار إلى أنه "ربما يكون الاقتصاد الألماني قد دخل فعلا في حالة ركود غير مؤكدة، لكن مدى التدهور في النهاية يبقى مرهونا أساسا بتوجهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإذا ما أوقف إمدادات الغاز تماما، فسيكون الركود الحاد مصيرا لا مفر منه".
وفي سياق متصل، بينت دراسة أعدها مركز "لايبنيز" للبحوث الاقتصادية الأوروبية في مانهايم، بالتعاون مع موقع "ماركت أند ميتلستاند"، ونُشرت الأسبوع الماضي، أن "ألمانيا أصبحت باهظة التكاليف بسبب عيوب الأسعار والمخاطر العالية لاستيراد الطاقة وتدهور القدرة التنافسية، حيث أضحت الأسواق غير جذابة".
وأبرزت الدراسة أن "المنافسين في الخارج ليس لديهم مشكلة، حتى إنه يمكن للمنافسين في أوروبا التحول بسرعة أكبر في ضوء كميات الاستهلاك المنخفضة لديهم".
علاوة على ذلك، تناولت الدراسة أزمة الطاقة، وتوصل الباحثون إلى استنتاج مفاده أن آثار ارتفاع أسعار الطاقة والغاز تأثيرها واضح في الدول الأوروبية بدرجات متفاوتة، وأن "ألمانيا من الأكثر تضررا على نحو متزايد".