شارلز جيشك.. من مستثمر إلى مخترع وملهم في عالم الحاسوب

05 مايو 2021
شارلز جيشك (Getty)
+ الخط -

لم يكن اسمه يتردد كثيراً عندما يجري الحديث عمّا انتهى إليه الحاسوب، غير أن الجميع يستعمل اختراعاته، التي رفعت شارلز جيشك Charles Geschke إلى مصاف الأبطال في نظر الأميركيين والعارفين بعالم الحاسوب. قبل خمسة عشر يوما، توفي شارلز جيشك الذي بدونه ما كان لنا أن ننعم باستعمال العديد من البرمجيات على الحاسوب. فقد كان ملهماً وبطلاً في عالم تكنولوجيا الحاسوب، حسب وصف مراقبين.

هو مؤسس مشارك لشركة Adobe، التي واكبت ظهور الحاسوب، وهي الشركة التي طورت برنامج Illustrator، والرائد في الرسومات الرقمية، وكذلك PDF، وتلك الشركة كانت مبدعة لغة Postscript التي تتيح التواصل بين الحاسوب والطابعة منذ سنوات الثمانينيات.

هذا الابتكار جعل جيشك، كما يلاحظ الخبير في مجال الحاسوب، يسير على مسار أبيه وجده، اللذين كانا متخصصين في نسخ حروف المطابع. ويحكي جيشك أن والده كان ينظر بالكثير من عدم الاقتناع إلى المطبوعات الرقمية التي كان ينجزها بفضل Postscript، إلى اليوم الذي فحص بواسطة عدسة مكبرة حروفاً مطبوعة، ويعترف له بالنجاح.

وُلد جيشك بكليفلاند بأوهايو. في عام 1939، عمل أستاذاً للرياضيات في جامعة محلية على مدى خمسة أعوام، قبل أن ينجز أطروحة في علم الحاسوب، الذي كان قد انخرط في البحث في أساسياته، كي تتخذ حياته مساراً جديداً في سنة 1972 عندما بلغ 33 عاماً، حيث التحق بسان فرانسيسكو للعمل في مختبر العملاق Xerox"".

انكبّ على تطوير حاسبات عملاقة وحاسوب شخصي، قبل أن ينخرط في الانشغال بمسألة الطباعة، حيث اهتم بطابعات الليزر من أجل طباعة أحرف أكثر نصوعاً، هذا ما دفعه إلى العمل على لغة تتيح للحاسوب أن يرسل للطابعة أي حرف بدقة كبيرة. غير أن زيروكس لم تتحمس لهذا الاختراع، وكل المتخصصين في التسويق قالوا إنه لا يوجد زبون له. في تلك الفترة لم يكن هناك فنان رسم يشتغل على الحاسوب.

بعد ذلك اخترع Adobe عندما بلغ 43 عاماً، بمعية جون وارنوك، شريكه لمدة خمسة وثلاثين عاماً. وقعت Adobe عقداً مع "آبل"، وأضحت تكنولوجيا الطباعة Postscript معتمدة، كي تتبناها شركات الطباعة الكبيرة، غير أن ذلك لم يدفع جيشك وشريكه إلى الاقتناع بما يُقدَّم، فقد سعيا إلى تطوير أداء تكنولوجيا الشركة، وهذا ما قاد إلى تطوير برنامج Illustrator.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أدركت الشركة أنه يجب عليها اختراع برمجيات رقمية جديدة، وفي عام 1990 اقتنت الشركة برنامجاً لتعديل الصور. إنه فوتوشوب الذي طوره طالبنا. شغل منصب المدير العام لشركته بين 1986 و1994، ثم صار رئيساً لها بين 1989 و2000. وتولى رئاسة مجلس الإدارة بين 1997 و2017. كان مسكوناً في بدايته بمعية صديقه بعالم الحاسوب أكثر من المال.

دفعهما ذلك إلى رفض عرض من ستيف جوبز بقيمة خمسة ملايين دولار في عام 1983 من أجل شراء شركتهما الصغيرة، ودأبا على إنفاق ما يحصلان عليه من مال من أجل تطوير البرمجيات. احتفت الولايات المتحدة بهذا الأب لثلاثة أبناء والجد لسبعة حفدة، حيث منحه الرئيس الأسبق باراك أوباما بمعية صديقه جون وارنوك الميدالية الوطنية للتكنولوجيا والابتكار في عام 2009.

تقول زوجته نانسي، إنه كان يعتبر نفسه الرجل الأكثر حظاً في العالم. تصفه بأنه كان رجلاً متواضعاً قبل أن تضيف: "كان رجل أعمال مشهوراً، مؤسس شركة كبيرة في العالم والولايات المتحدة الأميركية. وبطبيعة الحال، كان فخوراً جداً بذلك، لقد كان ذلك نجاحاً كبيراً في حياته، غير أن أسرته كانت تأتي على رأس انشغالاته".
تصدّر أخبار وسائل الإعلام الأميركية عندما اختطف في عام 1992، من قبل رجلين، حيث طالبا بفدية بقيمة 650 ألف دولار، إذ استجابت أسرته، غير أن صديقه كان قد أخبر الشرطة الفيدرالية، كي يلقي القبض على الجانيين ويحكم عليهما بالسجن مدى الحياة. عندما غادر الشركة، انخرط في العمل الخيري، لم يكن مليارديراً، رغم أن المؤسسة التي أحدثها بمعية صديقه، وصل رقم معاملاتها إلى 6 مليارات دولار، بل إنهما لم يستفيدا من ارتفاع قيمة الشركة في البورصة بعد انسحابها، فقد وصلت آنذاك إلى 130 مليار دولار بفضل قرارات اتخذها الرئيس الجديد شانتانو ناراديان.

المساهمون