سياحة تونس تعاني من نقص العمالة رغم ارتفاع البطالة

30 مايو 2024
توفر فرص عمالة للمدربين في القطاع السياحي (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سفيان الأخضر ترك العمل في قطاع السياحة بجزيرة جربة التونسية لفتح محل بقالة، معتبراً العمل السياحي "غير آمن" بعد تجربة بطالة خلال جائحة كورونا، مما يعكس اتجاه البحث عن استقرار وظيفي في قطاعات أخرى.
- قطاع السياحة التونسي يواجه تحديات بعد الجائحة، بما في ذلك نقص العمالة المختصة بنسبة 30% وتأثير ذلك على جودة الخدمة الفندقية، مما يشير إلى ضرورة الاستثمار في تأهيل اليد العاملة.
- يُظهر الوضع الحالي للسياحة في تونس الحاجة إلى تنويع المنتج السياحي وتوسيع نطاقه الجغرافي، مع التركيز على بدائل مثل السياحة الريفية لضمان استمرارية العمل وتحسين الجودة.

قبل أربع سنوات كان الشاب سفيان الأخضر يعمل في قطاع خدمات سياحة تونس مشرفاً على المطعم في فندق وهو الحاصل على شهادة تدريب في مجال المطاعم من مدرسة تدريب خاصة في القطاع الفندقي وسط توفر فرص العمالة في هذا الوقت. اشتغل الأخضر بحسب روايته لـ"العربي الجديد" لمدة خمس سنوات في القطاع الفندقي بجزيرة جربة السياحية بمقتضى عقود عمل غير دائمة، قبل أن يقرر إنهاء تجربته بالعمل في القطاع السياحي والبحث عن الأمان الوظيفي في قطاع أكثر استقراراً. ويقول إنه اتخذ هذا القرار عقب تجربة بطالة قاسية عاشها إبان جائحة كورونا، حيث تم تسريح عدد كبير من عمال الفنادق نتيجة الغلق.

فبعد انقضاء فترة الحجر الصحي واستعادة صناعة السياحة لعافيتها يؤكد الأخضر أنه تلقى عروض شغل عديدة في نزل (فنادق) المنطقة السياحية بجزيرة جربة، لكنه كان حينها قد انطلق في تجربة عمل جديدة وفتح محل بقالة ليقطع نهائيا مع العمل في اختصاصه السياحي الذي يعتبر أنه وظيفة "غير آمنة". ويُعد الأخضر واحدا من آلاف العاملين في القطاع السياحي الذين اختاروا التوجه نحو العمل في قطاعات أخرى بحثا عن الاستقرار لشغلي والمالي.

غير أن قطاع سياحة تونس الذي أجبرته الأزمات على تسريح عماله بات يواجه نقص العمالة المختصة التي تعد واحدا من مقومات جودة الخدمة الفندقية. ويؤكد مهنيو السياحة أن العمالة المتخصصة في القطاع السياحي تتراجع بشكل لافت نتيجة موجات الهجرة الكبيرة التي شهدتها تونس واستقطاب أسواق خارجية لهذا الصنف من اليد العاملة عقب جائحة كورونا.

وفي هذا الصدد، يقول عضو الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة ظافر لطيف، إن سياحة تونس فقدت ما لا يقل عن 30 بالمائة من اليد العاملة المختصة ما بعد الجائحة الصحية، حيث أجبرت البطالة التي امتدت على موسمين الموظفين إلى البحث عن بدائل شغل دائمة. ويرى لطيّف أن من نقاط ضعف السياحة التونسية أنها قطاع شديد التأثر بالعوامل الخارجية التي تؤدي إلى تراجع قدرته التوظيفية وتضطر المشغلين إلى تسريح العمال أو إحالتهم على البطالة الفنية.

وأشار عضو جامعة وكالات الأسفار والسياحة إلى أهمية التدرج نحو نموذج سياحي مستدام متنوّع يضمن استمرارية مواطن الشغل وتأهيلها والاشتغال على الجودة، ومن أبرز هذه البدائل السياحة الريفية التي يمكن أن تمتد خارج النطاق الجغرافي التقليدي القطاع المركز على الشريط الساحلي للبلاد. ويعتقد لطيّف أن تنويع المنتج السياحي وتوسعة نطاقه الجغرافي سيساعد على القضاء على هشاشة القطاع وتحسين قدرته التشغيلية كمّاً ونوعاً، مشدداً على أهمية الاستثمار في اليد العاملة السياحية عنصرا أساسيا للجودة.

يؤكد مهنيو السياحة أن العمالة المتخصصة في القطاع السياحي تتراجع بشكل لافت نتيجة موجات الهجرة الكبيرة

نقص العمالة والتدريب

كشفت دراسة سابقة أجرتها وزارة التكوين المهني والتشغيل عن نقص اليد العاملة في سياحة تونس، وبحسب استبيان موجه إلى المؤسسات السياحية، تبين أن الاقتصاد المحلّي بحاجة إلى 4 آلاف موطن شغل مؤكد في 80 مؤسسة من بين إجمالي 900 مؤسسة سياحية. وتعاني تونس التي تبحث عن يد عاملة متخصصة لصناعة السياحة من منسوب بطالة وصل إلى 16.2% خلال الربع الأول من العام الخالي.

وكشفت نشرة معهد الإحصاء حول مؤشرات التشغيل والبطالة للربع الأول من سنة 2024 عن زيادة عدد العاطلين إلى 669.3 ألفا مع نهاية الربع الأول من 2024 مقابل 667.5 ألفا خلال الربع الرابع من سنة 2023. ويتصدر قطاع الخدمات ترتيب القطاعات الأكثر استقطابا لعدد المشتغلين بنسبة 53% يليه قطاع الصناعات المعملية بـ 19% ثم الفلاحة بـ15% وأخيرا قطاع الصناعات غير المعملية بـ13%. ويشدد عضو جامعة وكالات الأسفار على أهمية استغلال تحسن المؤشرات السياحية لتثبيت اليد العاملة في القطاع وارتقاء بجودة الخدمات مع اقتراب ذروة الموسم الصيفي الذي تنشط فيه السياحة الساحلية.