سورية: مخاوف من تهريب القمح إلى دول الجوار

04 يونيو 2024
توقعات بزيادة إنتاج محصول القمح الموسم الجاري (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- متخصصون سوريون يتوقعون أن يكون موسم القمح لهذا العام الأعلى منذ عشر سنوات بإنتاج يزيد على مليوني طن، لكن هناك مخاوف من تهريب القمح بسبب خفض الأسعار في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
- في مناطق الحكومة المعارضة، الإنتاج المتوقع لا يزيد على 500 ألف طن، بينما يتوقع نظام الأسد استجرار أكثر من 720 ألف طن، مستفيداً من رفع الأسعار لجذب القمح.
- الاقتصاد السوري يعاني من نقص حاد في القمح، مع استيراد نحو مليوني طن سنوياً، والمستهلك السوري يخسر من نزاعات الأسعار والتسابق لاستجرار القمح، مما قد يؤدي إلى أزمة شح الطحين وغلاء الخبز.

 

يجمع متخصصون سوريون على أن موسم القمح لهذا العام هو الأعلى ربما منذ عشر سنوات، متوقعين أن يزيد إنتاج عموم الأراضي السورية على مليوني طن قمحاً، ولكن، يحذرون من تبديد خيرات البلاد جراء خفض الأسعار في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بمدن شمال شرقي سورية (الرقة والحسكة ودير الزور)، ما يزيد توقع تهريب جزء من الموسم إلى دول الجوار (العراق وتركيا) أو بيعه لنظام بشار الأسد الذي عرض السعر الأعلى لهذا العام.
يرى مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة السورية المعارضة، حسان محمد، أن تصريحات مسؤولي نظام بشار الأسد عن حجم الإنتاج والتسويق بمناطق سيطرتهم "مبالغ فيها وغير دقيقة"، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن الإنتاج بمناطق وسط وجنوب سورية الخاضعة للنظام لن يزيد على 500 ألف طن، ولكن الأرجح أن التعويل على استجرار القمح من شمال شرقي سورية كبير هذا الموسم، نظراً لرفع نظام الأسد الأسعار.

وكان رئيس اتحاد الفلاحين بنظام الأسد أحمد إبراهيم قد أكد لإذاعة شام.إف.إم المحلية أن إنتاج هذا العام وفير، متوقعاً استجرار أكثر من 720 ألف طن، لأن الفلاحين راضون عن تسعيرة هذا العام.

 

إنتاج القمح

يؤكد رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين أحمد هلال الخلف أن الإنتاج لم يكن كما كان متوقعاً، وكل من كان يعول على أرقام كبيرة للإنتاج على وحدة مساحة الدونم فوجئ بأنه أقل من المتوقع، ولكن "لن تقل الكميات عن الموسم السابق (نحو 700 ألف طن)"، مشيراً خلال تصريحات صحافية إلى أن إنتاج الدونم الواحد من القمح للموسم الحالي لم يتجاوز 250 كيلوغراماً كحد أقصى وعلى الأغلب 200 فما دون بالنسبة للقمح المروي.

يرجح المهندس الزراعي المقيم بمنطقة الشميطية بدير الزور، إبراهيم عليان، أن يجذب نظام بشار الأسد كميات كبيرة من إنتاج مناطق قسد "سواء بالتراضي معهم أو نتيجة رفع الأسعار الذي فاق بقية المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن نظام الأسد مهما رفع الأسعار فهو المستفيد، لأن الاستجرار المحلي يغنيه عن الاستيراد بالدولار ويبعده عن أزمات الخبز والطحين التي يعاني منها كل عام، فسعر 5500 ليرة لكيلو القمح، ربما يغري الفلاح للمجازفة، لأن "قسد" تجرم تهريب القمح أو عدم تسليمه إلا للإدارة الذاتية.
وكان نظام بشار الأسد قد أعدّ العدة، هذا العام، لاستلام أكبر كمية من القمح، إذ أقر المؤتمر السنوي للحبوب، المنعقد بدمشق أخيراً، برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، حزمة من الإجراءات والقرارات لتأمين استلام موسم القمح من الفلاحين، وطلب من الوزارات والجهات المعنية تقديم التسهيلات اللازمة لاستلام أكبر كمية ممكنة من المحصول.
يكشف مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة السورية المعارضة، حسان محمد، لـ"العربي الجديد" أنه حتى اليوم لم يصل الدعم المالي والتمويل الدولي لشراء القمح من المناطق المحررة، الأمر الذي أرجأ إصدار تسعير نهائي للكيلوغرام، مبدياً تخوفه من عدم الدعم المالي أو تهريب الموسم للخارج أو مناطق النظام.

يضيف محمد: "الأرجح أن يصل الدعم المالي من "صندوق الائتمان لإعادة إعمار سورية أو بعض الدول العربية والمنظمات الدولية" لاستجرار موسم القمح من المناطق المحررة" (إدلب وريف حلب وبعض مناطق الجزيرة)، متوقعاً أن يصل الإنتاج في مناطق سيطرة المعارضة إلى نحو 300 ألف طن، "وهي تكفي تقريباً حاجة السكان إلى جانب الدعم الخارجي بالطحين".
ويضيف مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة السورية المعارضة أنه من المستحيل أن يصل حجم الاستجرار بمناطق النظام إلى مليون طن كما يروّج مسؤولو نظام الأسد، إذ لديهم حماة وحلب وحمص ودرعا، وهي ليست مناطق إنتاج القمح، بل مناطق الإنتاج الرئيسية في الجزيرة السورية (الحسكة والرقة ودير الزور).
يعتبر الاقتصادي السوري محمود حسين أن المستهلك السوري هو الخاسر الأكبر من "نزاعات الأسعار والتسابق لاستجرار القمح"، لأن الدول المجاورة برأيه (تركيا والعراق) ستغتنم تفاوت الأسعار والضغط على الفلاحين، بأن تستجر بعض الإنتاج السوري، ما يعيد أزمة شح الطحين وغلاء الخبز الذي رفع النظام سعره مرتين ضمن الانسحاب من الدعم.
ويشير حسين لـ"العربي الجديد" إلى أن هناك "توافقاً واتفاقات" بين الإدارة الذاتية "قسد" ونظام بشار الأسد، وغير مستبعد أن تستجر "قسد" لصالح النظام، وتقايضه على الخدمات والمواقف السياسية، مؤكداً في الوقت نفسه أن سورية تعاني نقصاً حاداً في القمح، ما يضطر النظام لاستيراد نحو مليوني طن سنوياً بعد تراجع الإنتاج من نحو 4.5 ملايين طن عام 2011 إلى نحو 1.2 مليون طن بعموم البلاد العام الماضي، ما يزيد مخاوف الجوع ورفع أسعار الخبز.