استمع إلى الملخص
- **معاناة الأهالي والبحث عن حلول**: الأهالي يعانون من عدم القدرة على تأمين الحليب، مما يؤدي إلى سوء تغذية الأطفال. محاولاتهم للحصول على دعم من الجهات الإنسانية تواجه معايير صارمة.
- **جهود وزارة الصحة لتخفيض الأسعار**: وزارة الصحة تعمل على تخفيض أسعار الحليب عبر استيراد عبوات كرتونية أرخص، وتوحيد الأسعار في الصيدليات لمواجهة الغلاء.
شهدت أسعار حليب الأطفال ارتفاعاً حاداً في إدلب شمال غربي سورية، ما وضع الأهالي أمام واقع صعب بكيفية تأمين حاجة أبنائهم الرضع من هذه المادة الهامة وسط الفقر وقلة مصادر الدخل. وتجاوز ثمن العلبة الواحدة 200 ليرة تركية (5.9 دولارات) بعد أن كان أقل من 120 ليرة تركية منذ قرابة الشهرين.
وتأتي هذه القفزة في أسعار حليب الأطفال بالتزامن مع ارتفاع أسعار كل الأدوية والمواد الغذائية، ما دفع بعض الأسر إلى الاعتماد على حليب البقر لثمنه الأرخص مقارنة بالحليب الصناعي رغم ضرره لهذه الفئات العمرية الصغيرة.
وقال النازح حسان السفراني المقيم في مخيمات تل الكرامة شمال إدلب إن زيادة أسعار حليب الأطفال، أمر غير مقبول مطلقاً، خاصة أنه لم يطرأ أي تحسن على أجور العمال، فهو يتقاضى أجرة يومية مقابل عمله في البناء لا تتجاوز 150 ليرة تركية، بينما بلغ سعر علبة الحليب من النوع متوسط الجودة نحو 170 ليرة تركية.
وأضاف السفراني أن طفله الرضيع لا يتجاوز عمره الشهرين يشكو سوء التغذية بسبب إضافتهم الكثير من الماء إلى الحليب الصناعي من أجل الاحتفاظ بكميات أكبر منه لاستخدامها أطول فترة ممكنة، خاصة أن الطفل في حاجة إلى علبة كل يومين أو ثلاثة أيام، في حين أنه لا يملك المال الكافي لتأمينه.
أما سليمة الصغير فقالت إن زيادة الأسعار التي طرأت على كل شيء يمكن أن يتحمله المرء، أما أن يطرأ على حليب الأطفال أيضاً فهو أمر لا يمكن تحمله وليس له أي مبرر، إذ لا يمكن للطفل الرضيع أن يتغذى على أي شيء آخر سوى الحليب المخصص له وإلا فسيكون عاقبة الأمر مهددة لحياته، تماماً كما حدث لطفلتها التي أصيبت بسوء التغذية والجفاف بسبب لجوئها إلى طرق مساعدة لتغذية الطفل كالنشاء والأرز وحليب البقر التي تحتوي على بروتينات معقدة يصعب على معدة الرضيع التعامل معها.
وأشارت إلى عجز زوجها العاطل عن العمل عن تأمين علبة الحليب بشكل شبه يومي لطفلتها البالغة من العمر ثلاثة أشهر، بسبب توقف عمله في إحدى ورش مكابس البلوك (الطوب الإسمنتي) شمال إدلب، ما وضعهم أمام خيارات صعبة بعد أن أضاف عبء تأمين الحليب الصناعي لطفلتها ضغطاً كبيراً يضاف إلى جملة الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تواجههم باستمرار.
وتابعت الصغير أنها حاولت اللجوء إلى بعض الجهات الإنسانية في المنطقة للحصول على الحليب الصناعي المجاني أو حتى بأسعار رمزية، غير أنها فوجئت بالمعايير التي وضعت لهذه الغاية، وهي أن يكون الطفل مصاباً بضمور أو إعاقة أو أن يكونا توءمين بينما لا تنطبق على طفلتها تلك الشروط.
وطالبت الجهات الحكومية في إدلب ومنظمات المجتمع المدني بالعمل على تقديم الدعم للأسر الفقيرة والنازحة لمواجهة نيران غلاء الأسعار، خاصة في ما يتعلق بتأمين حليب الأطفال وأخذ هذه القضية المتعلقة بحياة الطفل الرضيع بعين الاعتبار.
من جهته قال الطبيب إبراهيم الحساني مدير الرقابة الدوائية في وزارة الصحة بحكومة الإنقاذ السورية، التي توصف بالذراع المدنية لـ"هيئة تحرير الشام" في إدلب، لـ"العربي الجديد" إن تحديد الأسعار يتم من خلال لجنة التسعير بوزارة الصحة، وهي لجنة مختصة تقوم بدراسة طلبات التسعير بالاعتماد على سعره من بلد المنشأ ويضاف إليها تكلفة الشحن مع إضافة نسبة ربح 10% للصيدلاني.
ويرجع الحساني السبب في تباين الأسعار لوجود عروض مختلفة على أنواع علب الحليب، مشيراً إلى تنوع منشأ الحليب وجميعه مستورد، فهناك معامل تعبئة بتركيا وكذلك بالصين مع اختلاف مصدر الحليب، فهناك فرنسي وبيلاروسي وبولندي وبلجيكي.
وبين أن سبب غلاء الحليب يعود إلى المصدر وهو غلاء عالمي سواء بالمواد الأولية أو الشحن، وتعمل وزارة الصحة مؤخراً على تحديد أسعار الحليب بعد دراسة السعر من المصدر والتأكد من الثبوتيات كاملة وكذلك تتبع الشحن والكميات. وقال: "سعينا لتخفيض سعر جميع أصناف الحليب وتوحيد السعر في جميع الصيدليات".
وكشف عن نية لجنة الرقابة الدوائية إصدار اللائحة الجديدة والأسعار بداية الأسبوع القادم، مؤكداً قيام وزارة الصحة بجولات رقابية بمتابعة الأسواق والأسعار وتحديد النقص في السوق تمهيداً لتوفيره خلال فترة قصيرة جداً وبأسعار جيدة. وسعياً لتخفيض سعر الحليب تابع مدير الرقابة الدوائية في وزارة الصحة أنه تم اقتراح استيراد الحليب بعبوات كرتونية وهي ذات سعر أقل يتراوح بين 25% و30% من الوزن نفسه للحليب بعبوات معدنية، ومن ثم تكون مناسبة لجميع الشرائح في المنطقة.