تهاوى سعر العملة السورية نهاية الأسبوع الماضي إلى أكثر من 5000 ليرة مقابل الدولار، قبل أن تتحسن إلى نحو 4900 ليرة أمس الأحد. وفي هذا السياق، لم تجد حكومة بشار الأسد حلاً، سوى إعلان رفع الأسعار الرسمية، لتزيد من انفلات السوق، حسب مصادر من العاصمة السورية دمشق لـ"العربي الجديد".
ورفعت حكومة النظام السوري أسعار 16 سلعة، لتتأثر معظم المنتجات بالسوق بهذا الارتفاع الذي اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي أنه "مفاجئ ودليل فوضى عارمة وعدم وجود ضابط حقيقي للموضوع، خصوصاً أنّ رفع أسعار المواد الأخير لم يمضِ عليه وقت طويل".
ويضيف المعقالي خلال تصريح نقلته صحيفة "الوطن" المحلية أنّ المواطن السوري يعاني من حالتي حصار، داخلية وخارجية، حيث العقوبات من الخارج، والضرائب الباهظة ورفع الأسعار المتكرر وانخفاض سعر الصرف وقلة الأجور وعدم توافر المواد من الداخل، معتبراً أنّ وزارة المالية وبواقع شح الموارد "لا تجد مصدراً للجباية إلّا جيب المواطن".
وكانت الأسعار بأسواق العاصمة دمشق، قد قفزت خلال يومين بنحو 10% لمجمل السلع والمنتجات، المحلية والمستوردة، بحسب ما يؤكد التاجر لؤي شباط من منطقة دمر في دمشق، معتبراً خلال اتصال مع "العربي الجديد" أنّ لتهاوي سعر صرف الليرة، السبب الأهم بزيادة الأسعار، إضافة إلى تراجع الواردات من الخارج وتصدير المنتجات الزراعية السورية.
ويضيف شباط أنّ سوقي تصريف العملة بدمشق "الحريقة والمرجة" تشهدان استنفاراً أمنياً شديداً، بعد تدهور سعر صرف الليرة ومخاوف السوريين من استمرار الانهيار.
وسجلت الليرة السورية نهاية الأسبوع الماضي أدنى سعر لها على الإطلاق منذ بداية تراجعها عام 2011 وقت كان الدولار بـ 50 ليرة، ليصل سعر صرف الدولار بحسب مصادر من دمشق وموقع "الليرة اليوم" إلى 5175 ليرة، متراجعاً عن سعر يوم الثلاثاء الماضي البالغ 4830 ليرة، قبل أن تعود للتحسن أمس.
ويعزو المحلل الاقتصادي علي الشامي أسباب تذبذب سعر صرف الليرة إلى زيادة شراء التجار للدولار من السوق لتسديد قيم الواردات، فضلاً عن المخاوف جراء الحرب الروسية على أوكرانيا وانسداد الأفق السياسي في سورية، ما زاد من سعي المكتنزين الذين يبدلون الليرة بالعملات الأجنبية والذهب، كاشفاً أنّ غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً سجل أعلى سعر بتاريخ سورية بوصوله إلى 243 ألف ليرة.
ويضيف الشامي من دمشق لـ"العربي الجديد" أن سعر الصرف، ورغم تهاويه "ما زال ممسوكاً أمنياً، ولو رفعت السلطات يد الرقابة والعقوبات عن المتعاملين بالعملات الأجنبية لوصل الدولار إلى عشرة آلاف ليرة، لأنّ عوامل استقرار سعر الصرف منعدمة بالمطلق، إذ لا احتياطي في المصرف المركزي يدعمها، ولا صادرات أو سياحة تعززان توازن العرض والطلب بالسوق".
سجلت الليرة السورية نهاية الأسبوع الماضي أدنى سعر لها على الإطلاق منذ بداية تراجعها عام 2011 وقت كان الدولار بـ 50 ليرة
وتتابع الأسعار متوالية الارتفاع بحسب مصادر متطابقة من دمشق، إذ سجل سعر ليتر المازوت الحر بالأسواق 7500 ليرة، وقفز سعر كيلو لحم الغنم إلى 50 ألف ليرة، ووصل سعر كيلو السكر إلى 5 آلاف ليرة والأرز إلى 4500 ليرة.
وتعتبر مصادر من دمشق أن قلة عرض المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها "أهم من تدهور سعر الصرف"، لأنها تدخل بجميع مكونات الإنتاج، ومناطق النظام تعاني من شح كبير وندرة بعرض المازوت والبنزين والغاز المنزلي، كاشفة عن احتجاجات يوم الخميس الماضي في كاراج السومرية والمعضمية بريف دمشق، بسبب عدم تسليم مخصصات السائقين ووصول سعر ليتر البنزين إلى 8500 ليرة.
وتضيف المصادر الخاصة من العاصمة السورية أن الأسواق تشهد انفلاتاً ومزاجية بالتسعير، لأن أسعار الصرف تتغير كل ساعة، ما دفع بعض الباعة إلى الامتناع عن البيع.
وزادت تصريحات معاون المدير العام للشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (سادكوب)، مصطفى حصوية، من أزمة الوقود، بحسب المصادر، لأنّه اعترف بعدم وجود أي انفراج بتوزيع المشتقات النفطية خلال الأيام المقبلة.