أدت سياسات النظام السوري الاقتصادية إلى تفاقم أزمات المواطنين المعيشية، حيث سمحت الحكومة بتصدير مختلف الخضروات والفواكه إلى الخارج رغم احتياجها محلياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها.
وفي هذا السياق، لا يستبعد المهندس الزراعي، يحيى تناري، أن تستورد سورية بعد أشهر، البرتقال والليمون اللذين تصدرهما اليوم لروسيا، كما استوردت البصل هذا الأسبوع من مصر بعدما صدرته في أغسطس/آب الماضي لتخسر برأيه مرتين، "الأولى خلال التصدير بأسعار منخفضة وحرمان المستهلك السوري جراء تراجع العرض، والثانية عبر استيراد البصل من الخارج بأسعار تفوق قدرته الشرائية".
ويضيف تناري لـ"العربي الجديد" أن الحمضيات تراجع إنتاجها الموسم الحالي بأكثر من 40%، ووفرتها بالسوق نتيجة عدم القدرة الشرائية وليس بسبب وفرة الإنتاج، موضحا أن اللجنة الاقتصادية عندما قررت تصديرها، كما حصل مع تصدير البصل والبطاطا، تضاعفت أسعارها.
ويشير إلى ضرورة تخزين المنتجات الزراعية الفائضة عن الطلب بذروة الموسم، وطرحها خلال زيادة الطلب لحفظ مستوى الأسعار، لأن السوريين برأيه يشتهون الفاكهة رغم تراجع سعر الحمضيات قياساً لبقية الفواكه، مبيناً أن سعر كيلو البرتقال يتراوح بين 3 و4 آلاف ليرة حسب المنطقة والنوعية.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة بشار الأسد، قد أعلنت خلال بيان، عن تصدير المؤسسة السورية للتجارة الدفعة الأولى من البرتقال الماوردي (لونه أحمر من الداخل) إلى روسيا، متذرعة خلال بيان نشرته وكالة "سانا" للأنباء، بأن التصدير "جاء دعماً للمزارعين"، مضيفة أن "السورية للتجارة" صدرت الإثنين الماضي، 250 طناً كدفعة أولى إلى جمهورية القرم، على أن يليها تصدير كميات كبيرة تعمل المؤسسة على تحضيرها وتوضيبها للتصدير.
وتراجع إنتاج الحمضيات بسورية الذي استقر لسنوات عند عتبة مليون طن، بل وتعدى بحسب مكتب الحمضيات بوزارة الزراعة 1.2 مليون طن عام 2018، قبل أن يتراجع بنسبة 40% هذا الموسم.
وحسب بيانات المكتب المتخصص في وزارة الزراعة، فإن إنتاج الحمضيات لموسم 2022/ 2023 بلغ 640 ألف طن فقط، في حين وصل في عام 2018 إلى مليون ومائتي ألف طن، وكان إنتاج موسم عام 2020 حوالي 800 ألف طن، وموسم العام الماضي نحو 786 ألف طن.
ويرى الاقتصادي السوري، محمود حسين، أن التصدير يرفع من سعر الحمضيات ويفيد المزارعين الذين اضطر بعضهم خلال المواسم السابقة لاقتلاع شجر الحمضيات.
ويؤكد حسين لـ"العربي الجديد" أن حكومة الأسد "تنظر لدولار التصدير فقط" مستدلاً بتصدير الخضر والفواكه، عبر الأردن، إلى السعودية والإمارات، واستمرارها بالسماح بتصدير الخراف السورية، رغم قفزات أسعار اللحوم.
كانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة بشار الأسد، قد أعلنت خلال بيان، عن تصدير المؤسسة السورية للتجارة الدفعة الأولى من البرتقال الماوردي
ويلفت إلى أن الحمضيات بشكل خاص صدر لها قرار دعم المصدرين عبر تحمل جزء من تكاليف النقل والشحن الجوي، مبيناً أن قرار وزارة الاقتصاد بالدعم الكبير، انتهت صلاحيته أول من أمس الثلاثاء، وربما جاءت شحنات التصدير لروسيا قبل انتهاء فترة زيادة دعم المصدرين.
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بحكومة النظام، قد قررت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، دعم المصدرين بنسبة 25% من تكاليف الشحن البري والجوي، لشحنات الحمضيات المصدرة حتى 28 شباط/فبراير 2023، لتتراجع نسبة الدعم إلى 10% من تكاليف الشحن البري والجوي للشحنات المصدّرة بين 1 مارس/ آذار الجاري و30 مايو/ أيار المقبل.
ونص قرار وزارة الاقتصاد على تقديم دعم تصدير مادة الحمضيات لموسم 2022/ 2023 عبر منح مالية للمصدرين، بعد تقديم وثائق "استمارة اشتراك ببرنامج دعم الحمضيات، وفاتورة تجارية وبيان جمركي إضافة إلى صورة عن بوليصة الشحن"، ليتم صرف مبالغ الدعم مباشرة من مخصصات "صندوق دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات".