رفعت "الإدارة الذاتية"، وهي ذراع سياسية وإدارية لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، في شمال شرق سورية الأجور الشهرية للعاملين في مؤسساتها، في خطوة من المتوقع أن تنعكس إيجاباً على حركة الأسواق التي تعاني ركوداً بسبب ارتفاع الأسعار.
ورفع القرار الذي صدر أخيراً في تعميم للإدارة، الحد الأدنى للأجور من 160 ألف ليرة سورية (نحو 20 دولاراً) إلى 520 ألف ليرة (نحو 70 دولاراً).
واستثنى التعميم رواتب القضاة وتعويضاتهم، بينما ألغى الحد الأعلى لأجورهم. ولطالما طالب سكان الشمال الشرقي من سورية أو ما بات يعرف بشرق الفرات بزيادة الرواتب، خصوصاً مع بلوغ التضخم معدلات غير مسبوقة، تخطى معها سعر صرف الدولار حاجز 7 آلاف ليرة.
ارتفاع جنوني للأسعار
وتعاني منطقة شرق الفرات، مثلها مثل بقية المناطق، من ارتفاع يُوصف بـ"الجنوني" بأسعار المستلزمات الأساسية للعيش، وهو ما تحاول الإدارة التخفيف من تبعاته على السكان محدودي الدخل من خلال زيادة الرواتب. ويتقاضى الموظفون في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية أضعاف ما يتقاضاه العاملون في مؤسسات النظام السوري، حيث يبلغ متوسط الراتب نحو 130 ألف ليرة (أقل من 20 دولاراً).
وقوبلت هذه الزيادة بردود أفعال متباينة ما بين مرحب بها في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار مع بدايات شهر رمضان، ومن يرى أنها جاءت مخيبة للآمال بخاصة أنّ سقف الراتب لم يتجاوز 100 دولار.
وتصف المعلمة في مدينة الرقة لمى الحسن (30 عاماً) الزيادة التي طرأت على الرواتب بـ"الجيدة"، مضيفة في حديث مع "العربي الجديد": "كان الراتب لا يصل إلى خمسين دولاراً، أما اليوم فشهد نقلة جيدة، نرجو أن تساعدنا على مواجهة موجة الغلاء في كلّ شيء، وعدم استقرار سعر الصرف في السوق".
لكن الشاب أحمد ح، يرى أن "هذه الزيادة لن تسهم في إنعاش الأسواق وتحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد" أنّ "هذا الغلاء قادر على ابتلاع الزيادة المحدودة".
أعباء معيشية متفاقمة
إيجار أي منزل في منطقة شعبية في الرقة يصل إلى 50 دولاراً بالشهر، وهناك منازل تصل إلى ما هو أكثر من ذلك، لذا يضطر معلمون وموظفون في الإدارة إلى العمل بعد الظهر بمهن أخرى، مثل سائقي التاكسي لمواجهة الأعباء الحياتية.
تصف المعلمة في مدينة الرقة لمى الحسن (30 عاماً) الزيادة التي طرأت على الرواتب بـ"الجيدة"
وفي مدينة الطبقة التي تقع إلى الغرب من الرقة بنحو 50 كيلومتراً، يعتقد المعلم في المدارس الابتدائية عماد ن، في حديث مع "العربي الجديد" أن "هذه الزيادة جاءت في وقتها"، مضيفاً: "نعم كنا نأمل أن نحصل على ما يعادل مائة دولار كما كانت تعدنا الإدارة دائماً، لكن هذه الزيادة أفضل من لا شيء".
تابع: "أوضاعنا هنا لا تقارن بتلك الموجودة في مناطق النظام على الإطلاق. هنا نحصل على الحد الأدنى الذي يمكّننا من شراء ما نحتاج، لكن أوضاع السوريين في تلك المناطق التي تخضع للنظام صعبة للغابة".
وقال: "رواتب الموظفين لا تتجاوز 30 دولاراً... منطقة شرق الفرات، غنية بالثروات من بترول وزراعة بعكس مناطق النظام... منطقتنا سلّة الغذاء الرئيسية في سورية، لذا يجب أن تكون أوضاع شمال شرقي سورية أكثر من جيدة، بخاصة أنها لا تضم عدداً كبيراً من السكان".
تابع: "أعتقد أنه يجب توزيع ثروات المنطقة بشكل أفضل على السكان. ويخشى عماد أن تعقب زيادة الرواتب، ارتفاعات كبيرة في الأسعار. التجار يأخذون منا أي زيادة من خلال رفع الأسعار، في ظل غياب الرقابة من الجهات المعنية".