تُطرح على نطاق واسع تساؤلات عن مصير أموال أكثر من مليون دائن في ملف إفلاس بورصة العملات المشفرة FTX التي قدمت طلب الحماية من الإفلاس في الولايات المتحدة، يوم الجمعة الماضي، بعد انهيارها السريع، فيما انتقد رئيسها المنظمين لعدم حمايتهم أموال الناس.
وفي غضون ذلك، برز من سنغافورة تصريح رسمي خطير ربما يقلب الطاولة رأسا على عقب إذا ما صحّت مضامينه، حيث حذر نائب رئيس مجلس الوزراء لورانس وونغ من أن قضية FTX تنطوي على ادعاءات خطيرة تصل إلى "احتيال محتمل" ولا تقتصر فقط على مشكلة في حوكمة هذه المنصة، حسبما نقلت "رويترز" عنه اليوم الخميس.
فقد تقدمت المنصة بطلب الحماية من الإفلاس بموجب "الفصل 11"، مشيرة إلى أنها ربما تدين بأموال لأكثر من مليون دائن، علما أنه كثيرا ما يشار إلى القضية المرفوعة بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس بالولايات المتحدة باسم إفلاس "إعادة التنظيم"، بحسب موقع uscourts.gov الحكومي، حيث عادة ما يبقى المدين "في الحيازة" ويتمتع بسلطات وواجبات الوصي، وقد يستمر في إدارة أعماله، ويمكنه، بموافقة المحكمة، اقتراض أموال جديدة. وبموجبه، قد يصوت الدائنون الذين تتأثر حقوقهم على الخطة، وقد تصادق عليها المحكمة إذا حصلت على الأصوات المطلوبة وتفي بمتطلبات قانونية معينة.
فماذا عن تفاصيل مجريات هذه القضية وأحدث المواقف والإجراءات الحاصلة على هذا الصعيد؟
أين وصل ملف إفلاس منصة العملات الرقمية FTX؟
تبدأ الشركة المفلسة عادة قضيتها بموجب الفصل 11 بإخبار القاضي عن ديونها وكيف انتهى بها الأمر إلى الإفلاس، وطلب أذونات إدارية لعمليات الإفلاس الروتينية.
ولم تقدم FTX بعد هذه الطلبات الروتينية أو تحدد موعدا لجلسة "اليوم الأول" للحصول على الموافقات الأولية من القاضي في ولاية ديلاوير المكلف بقضيتها، وهي إشارة إلى أن قضيتها بدأت بداية بطيئة.
الأستاذ في كلية الحقوق لدى "جامعة هارفارد" جاريد إلياس قال: "إذا كنت أحد عملاء FTX، فيجب أن تتوقع أن تشعر بخيبة أمل بسبب المدة التي سيستغرقها ذلك".
وثمة ملف رئيسي آخر يمكن أن يوفر نظرة عميقة للقضية وهو طلب تمويل "المدين الحائز"، وهو في الأساس قرض يسمح للشركة باستئناف العمل، لكن من غير الواضح ما إذا كانت FTX ستحاول القيام بذلك، وهي ستحتاج إلى موافقة المحكمة للقيام بذلك.
وقد رفعت نحو 130 شركة تابعة لمنصة FTX دعوى إفلاس في ولاية ديلاوير، واختارت الشركة رئيسا تنفيذيا جديدا ومحامي إفلاس في سوليفان وكرومويل ومستشارين ماليين في "ألفاريز ومارسال".
هل سيستعيد عملاء المنصة الرقمية FTX أموالهم؟
على عكس الودائع المصرفية، فإن حسابات العملاء في منصات التشفير مثل FTX ليست محمية من قبل مؤسسة ضمان الودائع الفيدرالية. ولذلك لن تتدخل حكومة الولايات المتحدة لتغطية ودائع العملاء كما تفعل في حالة تعثر المصرف التقليدي، وبالتالي سيتعين على العملاء الاعتماد على عملية الإفلاس.
وتحصر مواد "الفصل 11" إمكانات استرداد الأصول من شركة مفلسة، لذلك سيتعين على العملاء انتظار محكمة الإفلاس لتحديد مقدار استرجاع الأصول، إن وجدت. وسيكون أحد الأسئلة الرئيسية للمحكمة هو ما إذا كان العملاء يمتلكون العملة المشفرة التي أودعوها أو ما إذا كانت ملكا لمنصة FTX.
وثمة سابقة قانونية قليلة جدا لهذا السؤال. ففي حالات إفلاس العملات المشفرة الأخيرة، ادعت كل من "سيلسيوس نتورك" Celsius Network و"فوياجر ديجيتال" Voyager Digital أنهما تمتلكان جميع العملات المشفرة الموجودة على منصتهما. وهذا يعني أنه سيتم تجميع العملة المشفرة مع جميع أصول الشركة المفلسة وتقسيمها لدفع مستحقات جميع الدائنين. وفي هذا السيناريو، سيكون لدى العملاء ما يُعرف بالمطالبات غير المضمونة والتي ستكون ذات أولوية منخفضة نسبيا.
لكن إذا تبين أن العملاء هم الذين يمتلكون العملة المشفرة، فإنهم يتمتعون بفرصة أكبر لاسترداد جزء أكبر من ودائعهم. إلا أن المسألة تبقى معتمدة على مقدار الديون المستحقة على FTX والأصول المتبقية.
محامي الإفلاس في واشنطن العاصمة جيمس فان هورن قال إن قضاة الإفلاس قبلوا حتى الآن حجج "سيلسيوس" Celsius و"فوياجر" Voyager رغم أن ذلك قد يكون خاضعا لمعارك قضائية مستقبلا.
ماذا عن العملاء الذين سحبوا أموالهم من منصة FTX قبل إفلاسها؟
العملاء الذين سحبوا أصولهم من منصة FTX قبل انهيارها ليسوا بالضرورة واضحين. فقد تصرّح محكمة الإفلاس لهذه المنصة باسترداد السحوبات بحيث يمكن أن يكون هناك تعويض أكثر مساواة للدائنين الذين لم يتمكنوا من إجراء عمليات السحب. وفي الحالات التي تنطوي على الاحتيال، يمكن تمديد فترة الاسترداد لسنوات.
حول هذه النقطة، قال إلياس إن "من الخطر أن تشعر وكأنك تفاديت الرصاصة، لأنك في بعض الأحيان لم تفعل عمليا".
ما هي المخاطر التي يواجهها عملاء المنصة الرقمية المفلسة FTX؟
قد يؤدي الإفلاس إلى نشر أسماء عملاء FTX وعناوين البريد الإلكتروني وسجل المعاملات.
ويعتمد الإفلاس على الشفافية، وكحد أدنى تحتاج المحكمة إلى معرفة من يستحق الأموال، ومقدار الديون المستحقة عليهم، وكيفية الاتصال بالدائنين. ويتعارض تفضيل المحاكم للشفافية مع توقعات عملاء التشفير بعدم الكشف عن هوياتهم.
رئيس منصة FTX للعملات المشفرة ينتقد المنظمين لعدم حمايتهم العملاء
هذا، وقال مؤسس المنصة المنهارة سام بانكمان-فرايد إنه يأسف لقراره الإفلاس وانتقد المنظمين في مقابلة نشرتها "فوكس" Vox، وقال لاحقا في تصريح منفصل إن الأساس كان تبادل الرسائل على المنصة نفسها، ولم يكن من المفترض أن يكون علنيا.
وعينت الشركة المنهارة 5 مديرين مستقلين جدد في كل من الشركات الرئيسية التابعة لها، بما في ذلك "الاميدا ريسيرتش" Alameda Research، فيما يعمل المدراء الخمسة الجدد والرئيس التنفيذي المعيّن حديثا جون ج. راي على متابعة إجراءات عملية الإفلاس.
في المقابلة، قال بنكمان-فرايد إن المسؤولين عن عملية إفلاس المنصة كانوا "يحاولون حرق كل شيء على الأرض بدافع العار"، وأنه كان أمامه أسبوعين لجمع 8 مليارات دولار وإنقاذ الشركة، وقال إن "هذا في الأساس كل ما يهم (جمع الأموال) لبقية حياتي".
وكان خطأه الأكبر هو "الفصل 11"، على حد تعبيره، لأنه "إذا لم أفعل ذلك، فسيتم فتح عمليات السحب في غضون شهر مع العملاء"، معتبرا أن "المنظمين يجعلون كل شيء أسوأ، لأنهم لا يحمون العملاء على الإطلاق"، وأوضح أنه ليس له دور مستمر في FTX أو FTX US أو Alameda Research وبالتالي لا يتحدث نيابة عن هذه الشركات الآن.
وقالت FTX إنها على اتصال بعشرات المنظمين العالميين، بما في ذلك لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. وبعدما نشر "فوكس" المقابلة، قال بنكمان-فرايد إن بعض ما قاله كان "طائشا أو قويا بشكل مفرط" وأنه كان يتحدث عن شيء لم يكن من المفترض أن يكون علنيا.
(رويترز، العربي الجديد)
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
