سموتريتش وزيراً لمالية إسرائيل: الاقتصاد في خدمة الأيديولوجيا

02 يناير 2023
يحوز وزير المالية في إسرائيل على صلاحيات واسعة (فرانس برس)
+ الخط -

قد يشكل تولي زعيم حركة "الصهيونية الدينية" بتسلال سموتريتش منصبه كوزير للمالية في الحكومة الإسرائيلية الجديدة نقطة تحول فارقة في كل ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية التي تنتهجها تل أبيب بسبب أهمية ومكانة هذه الوزارة من جهة وطابع التوجهات التي تحكم الوزير الجديد.

ويحوز وزير المالية في إسرائيل على صلاحيات واسعة، حيث إنه يعد مسؤولا عن صياغة السياسة الاقتصادية وضمن ذلك عن الموازنة العامة، ما جعل وزارة المالية ضمن ثلاث وزارات "سيادية" إلى جانب وزارتي الدفاع والخارجية.

ونظرا لأن "الصهيونية الدينية" التي يقودها سموتريتش تمثل أقصى اليمين الديني وتقدم نفسها كناطقة باسم المشروع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية والقدس، فإن سموتريتش، الذي يشغل أيضا منصب الوزير المسؤول عن الاستيطان، سيعمل على توجيه موازنات ضخمة لدعم المشروع الاستيطاني.

فسموتريتش الذي يجاهر بحماسته لضم منطقة "ج" التي تشكل أكثر من 60% من الضفة الغربية، نجح في تضمين البرنامج العام للحكومة بندا ينص على توسيع الاستيطان وتشريع العشرات من البؤر الاستيطانية "غير القانونية" التي دشنها المستوطنون في أرجاء الضفة الغربية بدون إذن الحكومة والجيش.

ويعني تشريع البؤر الاستيطانية "غير القانونية" تحويلها إلى مستوطنات "قانونية" مع كل ما ينطوي على ذلك من تخصيص موازنات ضخمة لتوفير بنى تحتية لها وضمان تمتع المستوطنين بكل الخدمات التي يتمتع بها الإسرائيليون في مناطق أخرى.

إلى جانب ذلك، فإن سموتريتش يعي أن ضم مناطق من الضفة الغربية لإسرائيل يتطلب أولا إغراء عدد كبير من اليهود، سواء من الذين يعيشون داخل إسرائيل أو من الذين يهاجرون إليها بالقدوم للإقامة في المستوطنات، حيث يتطلب ذلك تقديم تسهيلات كثيرة، سواء على شكل توفير قروض ائتمانية ميسرة جدا وفرص عمل بظروف ممتازة في المحيط والاستثمار في تدشين طرق ومرافق تعليمية وصحية وترفيهية.

في الوقت ذاته، فإن الاعتبارات السياسية التي تحكم سموتريتش ستكون مكلفة للخزانة الإسرائيلية. ففي سعيه لاسترضاء التيار الديني الحريدي، وقع سموتريتش، أمس الأحد، على قرار يلغي الضريبة المفروضة على استيراد المشروبات المحلاة، على اعتبار أن أتباع هذا التيار هم أكثر القطاعات السكانية إقبالا على استهلاكها.

وكوزير للمالية سيطبق سموتريتش بنود الاتفاق الائتلافي الذي على أساسه تم تشكيل الحكومة الجديدة والذي يمنح المدارس والمؤسسات التعليمية التابعة للتيار الديني الحريدي التي لا تدرس المواد الأساسية (الإنكليزية، العلوم، والرياضيات) المساعدات نفسها التي تمنح للمدارس التي تدرس هذه المواد، على الرغم من أن عدم تدريس هذه المواد يجعل معظم الحريديم خارج إطار سوق العمل الإسرائيلي.

ويشار إلى أن أفيغدور ليبرمان، سلف سموتريتش في المنصب، أعد قبيل حل الحكومة السابقة خطة تقوم على حرمان المدارس التي لا تدرس المواد الأساسية من المساعدات المالية الإضافية.

لكن سموتريتش لا يربط توجهاته الاقتصادية فقط بمتطلبات تطوير المشروع الاستيطاني في الضفة والقدس واعتبارات السياسة الداخلية، بل أيضا يجاهر بأن سياساته ستتأثر بشكل كبير بالإرث الديني، وتحديدا بما ورد في التوراة.

ففي مقابلة أجرتها معه مجلة "بمشبحاه"، إحدى المطبوعات التي تمثل التيار الديني الحريدي، بعد التوصل للاتفاق الائتلافي بين حركته وحزب الليكود الذي يقوده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال سموتريتش إن الشريعة اليهودية ستلعب دورا مهما في توجيه السياسات الاقتصادية التي سيعتمدها.

وحسب سموتريتش، فإن تطبيق تعاليم الشريعة اليهودية يعد في نظره متطلبا من متطلبات تحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية في إسرائيل.

وأضاف سموتريتش: "بشكل عام في حال طبقنا تعاليم الشريعة فإننا سننعم برغد اقتصادي وتحل علينا بركات كبيرة، وهذا سيكون المنطلق الذي سأستند إليه في سياساتي الاقتصادية".

وحسب سموتريتش فإنه لا يمكن "للمرء أن يكون متدينا يؤدي الصلوات ويستند في الوقت ذاته إلى منظومة اعتبارات علمانية".

وأضاف: "قبل الخوض في التفاصيل علينا أن نتذكر أننا يهود مؤمنون... فكلما طبقت إسرائيل تعاليم التوراة وتمسكت باليهودية وحرصت على أداء فريضة استيطان الأرض أكثر، فإن الرب سينعم علينا برغد اقتصادي كبير وسنتمتع بالأمن أيضا".

ولكي يربط سموتريتش بين الازدهار الاقتصادي وتطبيق الشريعة اليهودية، اقتبس ما ورد في التوراة على لسان الرب: "إذا اتبعتم شريعتي فإن الأمطار ستهطل عليكم في وقتها".

وشدد على أن نخب الحكم المتدينة في إسرائيل مطالبة أن تقرر: "هل نحن يهود مؤمنون حقا، أم نحن نمارس الإيمان في الكنيس وفي الخارج نستند إلى اعتبارات المجتمع العلماني".
 

المساهمون