أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن اعتماد سلفة جديدة للكهرباء، على أن تكون "مبدئياً" خارج الموازنة المرسلة إلى مجلس النواب، مشدداً على أنه "يجب أن نعتمد إما وجود الكهرباء بشكل دائم أم لا".
وتثير النفقات على قطاع الكهرباء غضب اللبنانيين، بعدما دفعوا مليارات الدولارات من ضرائبهم للحصول على كهرباء دائمة، إلا أن كل هذه الأموال لم توفر التغذية، إذ إن التقنين يصل في بعض المناطق إلى 22 ساعة يومياً، وذلك وسط فشل الكثير من المشاريع والخطط السابقة. ويسيطر التيار الوطني الحر على وزارة الطاقة والمياه منذ حوالي 14 عاماً حتى اليوم.
ويرزح اللبنانيون منذ عقود تحت رحمة تجار المولدات الكهربائية الخاصة، المحميين بغالبيتهم من الأحزاب المسيطرة على السلطة، وهؤلاء يؤمنون حالياً الكهرباء لساعات معدودة ويزيدون التقنين مقابل أكثر من مليون ليرة (الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة)، لقاء توفير خمسة أمبير فقط من الكهرباء.
وأكد رئيس الوزراء أن "الحل المجتزأ وإعطاء سلفة في كل مرة على غرار ما كان يحصل خلال السنوات الثلاثين الماضية هو أمر يعارضه الوزراء، فنحن نحتاج إلى خطة كاملة وواضحة للكهرباء نعلم من خلالها متى ستتوافر 24 ساعة في اليوم وما هو وضعنا في الوقت الراهن".
وقال ميقاتي "لقد اتفقنا على إرسال الموازنة إلى مجلس النواب من دون سلفة الكهرباء، على أن يتم درس هذا الموضوع في مجلس الوزراء ويرسل من خلال مشروع قانون منفصل إلى المجلس النيابي".
وتضمن مشروع الموازنة سلفة خزينة لزوم مؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 5250 مليار ليرة لبنانية إضافة إلى مبلغ احتياطي لمواجهة تغيرات سعر الصرف. وقرر مجلس الوزراء إرجاء الموافقة على السلفة لما بعد إقرار مجلس الوزراء لخطة اصلاح القطاع الكهربائي التي أعدها وزير الطاقة وليد فياض على أن يعرضها على المجلس في جلسة خاصة قريباً.
ويتمسك فياض بتأكيده أن هذه السلفة ستكون الأخيرة لدعم قطاع الكهرباء والنهوض به، وأن خطة الكهرباء تقوم على الإصلاحات ومنها زيادة التعرفة، وهو ما عرضه للانتقادات، ولا سيما باعتبار أن ولايته الوزارية لن تطول وأي وزير جديد يأتي إلى الوزارة يكرر التعهد نفسه.
ويقول غسان بيضون المدير العام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة اللبنانية لـ"العربي الجديد" إن "ربط السلفة بالخطة هو سيناريو متكرر لمسلسل طويل يرتكز على قطب خفية وتسويف وإضاعة للوقت ومحاولة تكريس وجود الجماعة نفسها في الطاقة".
في المقابل، يعتبر بيضون أن زيادة التعرفة التي ستطاول حتماً المواطنين الملتزمين من دون معالجة الأزمة المزمنة المتمثلة باستمداد الطاقة من الشبكة بشكل غير شرعي، من شأنها أن تزيد الهدر. ويرى بيضون أن كل السيناريو المطروح غير جدي وغير عملي ولن يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية بل يساهم في مزيد من الهدر والتسلط على المؤسسة وضياع الأموال العامة من دون جدوى، مؤكداً في المقابل أن المطلوب قبل اقرار أي سلفة إعادة النظر بأوضاعها الداخلية أي الإدارة ككل، رئيساً ومجلساً وموظفين ومستخدمين في الوظائف العليا، بحيث يجب تعيينهم بالأصالة لا بالتكليف بهدف التخلص من سيطرة الوزير والمدير العام على قراراتهم