سجَّلَ سعر صرف الدولار في السوق السوداء، اليوم الثلاثاء، عشرة آلاف ليرة لبنانية، في سيناريو يعيد الى الواجهة، ما حصل في يوليو/تموز الماضي، مع بلوغهِ المستوى نفسه لكن لـ"ساعات فقط"، بيد أنّ هذه المرّة الوضع يختلف كثيراً، والرقم قد يبقى تصاعدياً، يقول أحد الصرافين غير المرخّصين، في بيروت، لـ"العربي الجديد".
ويشير، الى أنّ المشهد كان متوقعاً منذ أكثر من أسبوعٍ، بحيث إن عوامل عدّة، ساهمت في الارتفاع اليومي الملحوظ في سعر الصرف، أبرزها، زيادة الطلب عليه، ولا سيما أن المرجع الأقوى اليوم، لحصول التاجر أو أي شخص على دولار، هو عند صرافي السوق السوداء، ما يجعلهم اللاعب المتحكم بسعر الصرف. ويلفت إلى أن الفتح التدريجي للبلاد الذي يساهم حكماً في استئناف قطاعات تجارية او سياحية وغيرها نشاطها، يرفع الطلب على الدولار.
يعزو الخبير الاقتصادي، الدكتور لويس حبيقة، لـ"العربي الجديد"، السبب الأساسي لارتفاع سعر صرف الدولار، إلى تزايد الطلب عليه، مقابل انعدام العرض، وهو واقع يؤدي حكماً الى استمرار المنحى التصاعدي، من دون أي سقف.
ويقول حبيقة، "المواطن اللبناني يطلب الدولار لشراء كلّ شيء، من بضائع وأجهزة إلكترونية، وسلع، حتى مواد غذائية، وبالتالي، هو في حاجةٍ دائمة إليه، في حين أن لبنان للأسف، دولة غير منتجة، والاقتصاد اللبناني تدنّى جداً، من 60 مليار دولار كناتج محلي، الى أقل من 20 مليار دولار".
في المقابل، يشير حبيقة، الى أنّ الحلّ يكون بإدخال الدولار الى لبنان، وإعادة تحريك العرض، إضافة الى أنّ الأجواء السياسية الإيجابية من شأنها أن تخفض سعر صرف الدولار، باعتبار أنّ من شأنها أن تزيد الأمل، الذي بدوره يحرّك العملة انخفاضاً، وبالتالي، التوقعات التي هي أساسية في الاقتصاد، واليوم هي سلبية.
وتشهد بعد المناطق في لبنان منذ أيام، قطعاً للطرقات، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار، في ظلّ استمرار الطبقة السياسية بتغليب مصالحها الخاصة، وانانياتها على المصلحة الوطنية، بحيث إن غياب الاستقرار السياسي، وبقاء البلاد لأكثر من ستة أشهر في ظلّ حكومة تصريف الاعمال، يعدّ من أبرز العوامل المؤثرة على حركة سعر الصرف وتدهور العملة الوطنية.
من ناحية ثانية، تتحكّم التطبيقات الإلكترونية بشكل كبير في سعر صرف الدولار، وهو ما دفع ممثل اتحاد خبراء الغرف الأوروبية في بيروت المستشار نبيل بو غنطوس، الى الطلب من السلطات المالية والنقدية والقضائية، والأجهزة الأمنية، التدخّل مع المعنيين، لإيقاف عمل المنصات والتطبيقات على شبكة الإنترنت والتي تتحكم بالصرف بناءً على أهواء مشغليها.
وقال، "إنّ هذه العملية التقنية هي من البساطة في مكانً، أنه يمكن إنجازها في ساعات، بحيث تحجب كل المواقع غير الشرعية التي تتلاعب بسعر الصرف، خصوصاً إذا ما ألزم جميع موزعي خدمة الإنترنت وشركات نقل البيانات على الأراضي اللبنانية تنفيذ هذه التدابير، الأمر الذي سيحرم المضاربين على الليرة أداة أساسية يستغلونها في حربهم على العملة الوطنية ولأجل تحقيق أرباح غير شرعية، يتوجب أن يحاسبهم القانون عليها وبشدّة".
في السياق، تتجه الأنظار غداً الى أسعار المحروقات، التي تشهد في لبنان أسبوعياً ارتفاعاً لافتاً وبوتيرة سريعة في سعر صفيحة البنزين، والمازوت، بشكل خاص، وهو أمر سينعكس حتماً غلاءً وزيادة لأسعار قطاعات أخرى مرتبطة وذات صلة، أبرزها رفع تعرفة المولدات الكهربائية، والتي تتجه صعوداً أصلاً، نسبة الى زيادة التقنين في التيار الكهربائي.
وبينما يشهد الدولار قفزة كبيرة، اليوم، ما يزال مصرف لبنان المركزي، يصدر تعميماً، يحدّد فيه سعر التداول في العملات بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية لدى الصرافين، عبر التطبيق الإلكتروني "Sayrafa"، على سعر 3850 – 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وأعلنت نقابة الصرافين في لبنان، الخميس الماضي، أنّه منذ إعلان حال الطوارئ في البلاد، وبدء الإقفال العام لمواجهة فيروس كورونا لم يعد يصل إلى الصرافين، الدولار المدعوم من مصرف لبنان وفقاً للقرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 371 بتاريخ 12/6/2020، وتبعاً لبيان البنك المركزي في 9/6/2020، ما يحول دون إمكان تلبية طلبات المواطنين.
وقالت النقابة، أنّ المبالغ المسلمة الى الصرافين، لم تكن كافية من أجل تلبية المتطلبات اليومية، وقد كانت تنخفض تباعاً حيث إنها وصلت الى مبلغ عشرة آلاف دولار وهو ما يعتبر كمية ضئيلة في اليوم الواحد، لكل صراف، نظراً الى حاجات السوق اللبناني والطلب الكثيف والمتزايد على الدولار الأميركي.