يراهن كبار المستثمرين في سوق الصرف العالمي على تراجع سعر صرف الدولار الأميركي خلال العام الجاري، ويرون أن سعره الحالي في السوق أعلى من قيمته الحقيقية، كما يتوقعون أن يتجه مجلس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى الانتقال من الفائدة المرتفعة الحالية إلى خفض الفائدة لمساعدة النمو الاقتصادي.
في هذا الصدد، قال مصرف "غولدمان ساكس" إن السعر الحالي للدولار أعلى من قيمته الحقيقية بنسبة تراوح بين 5 و10% بسبب الزيادة المستمرة في سعر الفائدة، في حين يرى المصرف أن العملات الأخرى، مثل الين والراند الجنوب أفريقي والكرونة النرويجية، أسعارها السوقية أقل من قيمتها الحقيقية. وحسب بيانات صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير، اليوم الإثنين، تراجع الدولار بنحو 8.6 بالمئة من الذروة التي بلغها في سبتمبر/ أيلول الماضي.
في هذا الشأن، يرى خبراء بمصرف "جي بي مورغان" أن الدولار كان يضعف في دورات معدل الفائدة الأربع الماضية لمجلس الاحتياط الفيدرالي أو يتم تداوله بشكل ثابت لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر بعد الزيادة النهائية في سعر الفائدة قبل أن يستعيد في النهاية قوته.
وحسب تقرير في "وول ستريت جورنال"، يراهن العديد من مدراء صناديق التحوط ضد الدولار حالياً، حيث ارتفعت صفقات رهان بيع الدولار إلى حوالي 12.2 مليار دولار اعتباراً من 25 إبريل/نيسان، وفقاً لتحليل لمصرف "سكوتيا بانك". ومن بين هؤلاء مسؤول الصندوق السيادي النرويجي ستانلي دروكنميلر، الذي قال الأسبوع الماضي إن بيع الدولار هو تجارته الوحيدة في الوقت الراهن.
وقال دروكنميلر في مؤتمر استثماري استضافه صندوق الثروة السيادية النرويجي، إن "المجال الوحيد الذي أشعر بالراحة فيه بشكل معقول هو أنني أعاني من نقص في الدولار"، أي أنه ليس لدية حيازة كبيرة من الدولارات. وتوسعت الكتلة الدولارية خلال العقد الماضي بأكثر من 10 تريليونات دولار.
توقعات الفائدة الأميركية
يراهن المستثمرون في سوق الصرف على أن بنك الاحتياط الفيدرالي سوف يتوقف عن رفع الفائدة على الدولار، وربما يتجه لخفضها بمقدار ربع نقطة على الأقل بحلول نهاية العام، كما تظهر بيانات مجموعة "سي أم إي" الأميركية. وفي الوقت نفسه، يشير خبراء إلى أن المستثمرين يتوقعون أن يرفع البنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا أسعار الفائدة الرئيسية بأكثر من نصف نقطة مئوية بحلول نهاية العام. ويقول محللون إن هذا الاختلاف من شأنه أن يساعد عملات مثل اليورو والجنيه الإسترليني على مواصلة الارتفاع مقابل الدولار.
وتعتبر فروق الأسعار في الفائدة على العملات محركاً مهماً لأسواق الصرف، حيث تجذب المعدلات المرتفعة المستثمرين بحثاً عن العائد. ولكن رغم ذلك، يظل الدولار أحد الأصول المفضلة في أوقات الأزمات. وفي حال أصبح الركود العالمي خطراً حقيقياً، على سبيل المثال أو إذا ساءت الضغوط المصرفية العالمية بشكل ملحوظ، فمن المرجح أن ترتفع العملة الأميركية بشكل حاد، كما حدث في أوائل العام 2020 عندما ضربت جائحة كورونا العالم، وتسببت في أزمة "سيولة دولارية" في آسيا وأوروبا.
من جانبه، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ التوسع في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة إلى 1.1% العام المقبل، وأن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 1.4%، بينما يتوقع نمواً صينياً عند 4.5%.
تداعيات ضعف الدولار الأميركي
يعتبر تراجع سعر صرف الدولار مفيداً للاقتصاد العالمي الذي اكتوى بنار العملة الأميركية خلال العامين الماضيين. وحسب خبراء، فإنه يقلل من كلفة خدمة أو سداد الديون المقومة بالدولار للشركات الأجنبية والحكومات، كما يعزز قيمة الأرباح الخارجية للشركات الأميركية متعددة الجنسيات ويمكن أن يعزز التجارة العالمية، لأن السلع المسعرة بالدولار ستصبح في متناول المشترين الدوليين.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن 60% من الديون العالمية مقومة بالدولار، خاصة في الأسواق الناشئة. والأسواق الناشئة مسؤولة عن ثلثي النمو العالمي في العقد الماضي.