تأثرت أسعار الخبز ومنتجات القمح برفع أسعار المحروقات المتتالية بتركيا لتشهد أسعار الخبز التركي (اكميك) ثلاث ارتفاعات خلال العام الجاري ضاعفت السعر بنسبة 130% آخرها، اليوم الثلاثاء، في حين أعلن اتحاد الخبازين عن ارتفاع جديد بأسعار الخبز في مدينة إسطنبول، ليقفز سعر القطعة (210 غرامات) من 4 إلى 5 ليرات.
وعزا اتحاد الخبازين أسباب رفع الأسعار إلى "سلسلة الارتفاعات التي شملت الكهرباء والغاز والدقيق أخيرًا"، مبيناً في بيان أن معاناة القطاع سببها ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وتراجع إنتاج معظم المخابز بعد ارتفاع أسعار الدقيق بنسبة 80% خلال الفترة الأخيرة.
وكان اتحاد أصحاب محطات الوقود في تركيا (EPGİS) قد رفع، أمس، أسعار المازوت بنحو 80 قرشاً بعد رفع قبل يومين بنحو 1.29 ليرة، ليصل سعر ليتر المازوت إلى 29.99 ليرة في إسطنبول و30.1 ليرة بالعاصمة أنقرة ونحو 30.11 ليرة بولاية ازمير، ويراوح سعر ليتر البنزين بين 27.79 و28.5 ليرة حسب الولايات.
ويقول صاحب سلسلة "بيت المونة" الغذائية بإسطنبول رامي أشقر إن رفع سعر الخبز جاء بسبب ارتفاع جميع مكونات الإنتاج، وبمقدمتها المازوت والطحين وحتى الخميرة، متوقعاً زيادة الإقبال على الخبز السوري، رغم ارتفاع سعره بنحو 120% خلال عام، إذ وصل سعر ربطة الخبز(400 غرام) إلى 4.5 ليرات تركية، لكنها تبقى مفضلة بالنسبة للأسرة (فيها خمسة أرغفة).
ويضيف صاحب سلسلة المحال الغذائية متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنه لم تزل نسبة إقبال الأتراك على الخبز السوري قليلة، لكنها بتزايد مستمر بعد سلسلة ارتفاع أسعار الخبز التركي، إذ بالبداية كان هناك رفض كامل للخبز السوري بسبب وجود السكر فيه، ولكن بعد تصنيع أنواع عدة من الخبز، زاد الإقبال التركي عليه، إذ تخصصت أفران عربية (أهمها بمنطقة الفاتح بإسطنبول) بإنتاج خبز قمح كامل، وسياحي، ونخالة وذرة، ما زاد من إقبال المستهلك التركي نتيجة الجودة ورخص السعر مقارنة بالخبز التركي.
وبحسب رئيس اتحاد منتجي الخبز بتركيا جيهان كوليفار، فإن الخبازين تأثروا بالارتفاع السريع في سعر الدولار، حيث ارتفع سعر كيس الدقيق من 200 ليرة تركية إلى أكثر من 380 ليرة تركية، كما أثرت الزيادات المتتالية لأسعار المازوت على تكاليف الإنتاج، مضيفاً خلال تصريحات سابقة: "عانينا كأرباب عمل وموظفين من ارتفاع الأسعار، فمعظم المخابز تنتج أقل من طاقتها الإنتاجية، وتسد العجز عبر إنتاج وبيع المعجنات والكعك لسد الفجوة".
وتستورد تركيا سنوياً نحو 360 مليون برميل نفط ما يرفع فاتورة استراد الطاقة، إضافة للغاز، عن 50 مليار دولار، كما تستورد تركيا أكثر من 9 ملايين طن من القمح بهدف التصنيع وإعادة التصدير، لأن إنتاجها الذي يقترب من 20 مليون طن سنوياً، يكفي للاستهلاك المحلي.
وبحسب تصريح سابق لرئيس مجلس إدارة مجلس الحبوب التركي أوزكان طاش بينار، فإن تركيا استوردت خلال العام الماضي نحو 9 ملايين طن من القمح، 65% منها من روسيا و15% من أوكرانيا، لكن بينار طمأن المستهلكين بأن بلاده تتمتع باكتفاء ذاتي من القمح، لأن المعدل الوسطي لحاجة السوق المحلية من القمح يبلغ 20 مليون طن (وهذه الكمية يتم إنتاجها محليا).
وتعتمد تركيا على السوق الروسية، التي أوقفت تصدير القمح، باستيراد أكثر من نصف حاجتها التصنيعية، لتستمر بتصدير صناعات القمح إلى نحو 150 دولة حول العالم، كما يقول مدير مركز الدراسات بإسطنبول محمد كامل ديمريل لـ"العربي الجديد".
وتنتج تركيا، بحسب مدير الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول محمد كامل ديميريل، أكثر من حاجتها للاستهلاك المحلي، لكن بلاده تستورد القمح لأنها تعيد التصنيع (دقيق ومعكرونة وصناعات غذائية) وتصدرها إلى نحو 150 دولة حول العالم.
ويضيف ديميريل، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن بلاده، وبعد الحرب الروسية على أوكرانيا، اعتمدت خطة على مستويين، الأول دعم الإنتاج الزراعي والفلاحين، عبر قروض من دون فوائد، وتأمين المواد اللازمة للزراعة (بذار وأسمدة) بأسعار مدعومة، ليأتي المستوى الثاني من خلال استيراد القمح من كندا "وربما غيرها"، والأهم برأيه، تفعيل الاستثمارات الزراعية التركية في السودان، فبلاده "تستثمر أراضي خصبة يمكن لإنتاجها أن يسد النقص في حال وجد".