سباق خليجي على أفريقيا يصطدم بنفوذ الكبار

03 يناير 2024
أفريقيا تضم نحو 60% من معادن العالم (Getty)
+ الخط -

تزيد دول الخليج العربي الغنية بالنفط رقعة حضورها الاستثماري في أفريقيا بقوة، في خطوة تستهدف بشكل أساسي تنويع اقتصاداتها، بيد أن المنافسة على هذه الأسواق قد لا تكون أمراً سهلاً في ظل نفوذ رسخته دول كبرى خلال سنوات ماضية على رأسها الصين والولايات المتحدة وروسيا وتركيا.

وأصبحت أفريقيا شريكاً حيوياً بشكل متزايد لدول الخليج. ووفقاً لبيانات حديثة صادرة عن شركة "وايت آند كيس" الاستشارية، بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من دول مجلس التعاون الخليجي إلى أفريقيا بين عامي 2012 و2022 نحو 101.9 مليار دولار توزعت على 628 مشروعاً.

ويتصاعد الاهتمام العالمي بأفريقيا، حيث توقعت شركة الاستشارات العالمية "ماكينزي" أن يبلغ حجم اقتصاد دول أفريقيا والشرق الأوسط مجتمعة نحو 16 تريليون دولار في العام المقبل 2025، مقارنة بـ20 تريليوناً للاتحاد الأوروبي، و24.5 تريليون دولار لدول أميركا الشمالية، و13 تريليوناً للهند.

وأخذت الإمارات مبادرة السبق بين دول الخليج في توجيه الاستثمارات بكثافة إلى أفريقيا، بحسب تقرير نشره موقع "ذا أفريكان"، المختص بأخبار القارة الأفريقية، مشيرا إلى أن أبوظبي تستهدف حصة من سوق السلع الأفريقية، التي تستهدف نحو 1.2 مليار نسمة.

وأشار الموقع إلى أن تركيز الإمارات ينصبّ على الاستثمار في القطاعات ذات النمو المرتفع في القارة السمراء مثل البنية التحتية والطاقة والنقل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا، لافتا إلى أن أبوظبي برزت، على مدار العقد الماضي، باعتبارها رابع أكبر مستثمر عالمياً في أفريقيا، بعد الصين وأوروبا والولايات المتحدة.

كما أبدت السعودية اهتماماً متزايداً بالاستثمار في أفريقيا خلال الأشهر الستة الماضية. وقال وزير الاستثمار، خالد الفالح، في لقاء أجراه مع قناة العربية في 19 يونيو/حزيران الماضي، إن الشركات السعودية ومن ضمنها "أكوا باور" و"أرامكو" تبحث عن الفرص الواعدة في الدول النامية، خاصة بمجالات الطاقة وتحلية المياه والهيدروجين الأخضر.

لكن التوجه الاستثماري الخليجي نحو القارة السمراء يواجه بعض التحديات والمخاطر، منها المنافسة مع القوى العالمية الأخرى التي تحظى بنفوذ أكبر في أفريقيا، مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني في بعض الدول الأفريقية.

ويقول الخبير في الاقتصاد الدولي، رائد المصري، لـ "العربي الجديد"، إن بوصلة استثمارات دول الخليج تحولت إلى أفريقيا أخيراً بعد ارتفاع الفائض المالي لديها، وكذلك في ظل تحولات اقتصادية عالمية ضمن إطار الاستفادة من ثروات القارة الأفريقية وعدم إضاعة الفرص الاقتصادية في هذه البلدان النامية، التي تتمتع بثروات هائلة غير مستغلة، وتعاني في نفس الوقت من تحديات اقتصادية كبيرة.

ويضيف المصري أن دول الخليج العربي، وعلى رأسها قطر والإمارات والسعودية، نجحت في تطوير علاقاتها مع بلدان أفريقية عدة، وساهمت في تنمية اقتصاداتها، من خلال شراكات واتفاقيات اقتصادية متنوعة، وهو نجاح يعود إلى ميزات دول الخليج وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وقدراتها الاستثمارية.

وتصدرت الإمارات قائمة أكثر الدول الخليجية استثماراً في أفريقيا، بقيمة 60 مليار دولار من إجمالي الاستثمارات الخليجية التي تقدر بـ 101.9 مليار دولار على مدى عشر سنوات حتى 2022، بحسب المصري، لافتا إلى أن الأسواق الأفريقية التي يحركها أكثر من 1.2 مليار نسمة متعطشة للخدمات في قطاعات البنية التحتية والطاقة، والنقل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا.

ولفت إلى أن الإمارات استفادت كذلك من شركة موانئ دبي كلاعب كبير في سلاسل التوريد العالمية، منافسة بذلك الاستثمارات الأميركة والروسية والصينية صاحبة النفوذ الكبير في القارة السمراء.

يأتي ذلك فيما بدأت السعودية بالبحث عن الفرص الواعدة في أفريقيا أخيراً، إذ بلغت استثماراتها 25 مليار دولار عبر شركات "أرامكو" و"أكوا باور" في مجالات الطاقة وتحلية المياه والهيدروجين الأخضر، بحسب المصري، مضيفا أن "المملكة تسعى لفتح أسواق جديدة واستثمارات واعدة في القارة الأفريقية لأنه يكمل خطتها الاقتصادية في بناء وتطوير مشروع نيوم وممرات البحر الأحمر وخليج العقبة".

وقال إن ما تتميز به القارة الأفريقية، ويمثل عامل جذب كبير للاستثمارات السعودية، هو ثرواتها الطبيعية، إذ تضم نحو 60% من معادن العالم، وكذلك موقعها الجغرافي المتميز، ما يجعلها جاذبة للاستثمارات، رغم ما تواجهه دولها من تحديات في مجالات البنية التحتية والبيئة والاستثمار والعوائق التجارية.

أما قطر، فيشير المصري إلى أنها تأتي في المركز الثالث خليجياً بحجم استثمارات يبلغ نحو 7 مليارات دولار، وتسعى الدوحة إلى مزيد من الاستثمارات في القارة السمراء، لافتا إلى أن وفرة الأيدي العاملة والمواد الخام تمثل حافزاً كبيراً للتحول في الاستثمارات الخليجية إلى دول المنطقة.

المساهمون