زيادة البنزين وإشعال موجة التضخم

02 مارس 2023
لجم التضخم يفرض وقف زيادة أسعار السلع الحيوية كالمحروقات مثلاً (فرانس برس)
+ الخط -

تحرص كل دول العالم حاليا على ترويض معدل التضخم واحتواء غلاء الأسعار، ذلك لأن أي زيادة في هذا المعدل تقلب الدنيا رأسا على عقب داخل الدولة، وتهدد الأنشطة الاقتصادية ومناخ الاستثمار وأسواق الصرف والفائدة بها.

فمعدل عال للتضخم يعني اندلاع موجة غلاء لأسعار السلع والخدمات داخل الأسواق، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن، وكساد الأسواق، وتراجع الطلب على السلع، وزيادة الدين العام للدولة، وحدوث ضغط شديد على العملة المحلية، وزيادة تكلفة مدخلات الإنتاج في المجتمع، وهو ما يضغط على منشآت الإنتاج والمصانع والشركات الزراعية والتجارية والخدمية وغيرها، بل قد يدفع مصانع نحو خفض الإنتاج بسبب تراجع الطلب على المنتج وزيادة كلفة الاقتراض والإنتاج وطرد العمالة.

التضخم الجامح يطرد أيضا الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء

كما أن التضخم المرتفع يدفع البنك المركزي والبنوك نحو رفع سعر الفائدة لمكافحة ظاهرة "الدولرة" الخطيرة والحفاظ على مستوى المدخرات بالعملة المحلية.

التضخم الجامح يطرد أيضا الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء، ويجعل الدولة غير جاذبة لرؤوس الأموال الخارجية، بل عالية المخاطر من وجهة نظر المستثمرين الخارجيين والمؤسسات المالية الدولية.

ولمكافحة هذا الغول الكاسح المسمى بالتضخم، تتعاون كل أجهزة الدولة في محاربته ودفعه نحو التراجع، أو على الأقل الحفاظ عليه عند مستوى متدن يبلغ 2% في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو مثلا، وقد يقل عن الرقم كما هو الحال في اليابان.

وهنا نجد أن البنوك المركزية تتعاون مع الحكومات في هذا الشأن، وتعاون الجهتين في ذلك كل الوزارات الاقتصادية والخدمية، وفي مقدمتها المالية والاستثمار والاقتصاد والزراعة والصناعة والتجارة والنفط والطاقة، وغيرها من المؤسسات التي يمكن أن تلعب دورا في خفض أسعار السلع، أو على الأقل زيادة المعروض منها داخل الأسواق 
وهناك أدوات عدة لمعالجة ظاهرة التضخم، منها أدوات نقدية أبرزها رفع سعر الفائدة على العملة المحلية وسحب السيولة النقدية من الأسواق، وأدوات حكومية، منها زيادة الرواتب والأجور، وأدوات أخرى، منها زيادة الإنتاج والمعروض من السلع في الأسواق، وأحيانا التوسع في استيراد السلع ذات الندرة أو مرتفعة الأسعار.

ومن أبرز أدوات مكافحة التضخم كذلك قيام الحكومة القائمة بخفض أسعار السلع وليس زيادتها، وخفض الضرائب والرسوم ووقف العمل ببعض الضرائب القائمة، كما هو الحال مع ضريبة القيمة المضافة التي تلعب دورا مهما في تغذية التضخم وزيادة الأسعار. 

من أبرز أدوات مكافحة التضخم كذلك قيام الحكومة القائمة بخفض أسعار السلع وليس زيادتها

وإذا أرادت حكومة مكافحة التضخم، كما تقول، فإنها يجب أن تتوقف عن زيادة الأسعار أولا، خاصة للسلع المرتبطة مباشرة بالمواطن مثل السلع الغذائية والبنزين والسولار وغاز الطهي، أو زيادة الضرائب والرسوم، أو زيادة فواتير النفع العام كالمواصلات والكهرباء والمياه، وأن تعيد النظر في الضرائب المفروضة كما تفعل دول عدة إبان الأزمات الاقتصادية والمعيشية.

المساهمون