تعرضت تركيا لزلزال ضخم جرى تصنيفه من بين الأقوى التي ضربت البلاد. ومع تزايد أعداد الوفيات والإصابات، تتراكم خسائر الاقتصاد المأزوم بمستويات تضخم مرتفعة، ومساع متواصلة من السلطات للسيطرة على مسار النمو الاقتصادي. وفيما يعد الزلزال الأسوأ منذ 80 عاماً، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الزلزال بأنه "أكبر كارثة" منذ زلزال إرزينجان عام 1939 الذي أودى بحياة نحو 33 ألف شخص.
وكانت الليرة التركية الأكثر هشاشة في التأثر بالزلزال، حيث هبطت مباشرة إلى مستوى قياسي جديد مسجلة 18.85 أمام الدولار، قبل أن تقلص خسائرها خلال النهار، فيما انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي في البلاد بنسبة 4.6 في المائة، مع تهاوي البنوك بأكثر من 5 في المائة، قبل تقليص بعض الخسائر.
وأعلنت بورصة إسطنبول أنها أوقفت مؤقتاً التعاملات في أسهم العديد من الشركات في منطقة الزلزال، على الرغم من أنه من المتوقع استئناف التداول في وقت لاحق اليوم. وتصاعدت التوترات الجيوسياسية مرة أخرى مؤخراً، مع وجود مؤشرات على أن الولايات المتحدة ستضغط من أجل اتخاذ موقف أكثر تشدداً بشأن إنفاذ العقوبات الروسية، مما زاد من الضغط على الأسواق التركية، بعد أن حذرت واشنطن أنقرة من تصدير مواد كيميائية ورقاقات إلكترونية ومنتجات أخرى إلى روسيا المستخدمة في المجهود الحربي لموسكو في أوكرانيا.
قال محلل العملات في "كومرزبنك" تاتا غوس، إن بيانات التضخم الأخيرة أثارت المخاوف أيضاً، لافتاً إلى أن القراءة السنوية جاءت عند 57.68% في يناير/ كانون الأول، أي أعلى بكثير من التوقعات، فيما يفتح الزلزال "نافذة جديدة لتقلبات العملات الأجنبية".
وبحسب الموقع البريطاني المتخصص بالأسواق "آرتمايز"، فإن الزلزال البالغة قوته 7.8 درجات هذا الصباح، بالقرب من غازي عنتاب عند الحدود السورية، يعتبر شديد القوة، وتوقعت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS) بأن الخسائر الاقتصادية ستتعدى المليار دولار.
ولفت الموقع إلى أن أكثر من 1700 مبنى تضرر أو دُمر في تركيا وحدها، مع تضرر بعض المدن بشدة. وتعرضت مدينة قهرمانماراس، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة، لضربة شديدة، وكذلك تلقت ملاطية ومنطقة حياة، والتقارير تشير إلى ما يصل إلى 10 مدن رئيسية تضررت بشدة من المباني المنهارة.
وعلق ستيف بوين، كبير المسؤولين العلميين في وسيط إعادة التأمين Gallagher Re، أن الزلزال الذي بلغت قوته 6.7 درجات في المنطقة نفسها في يناير 2020 كلف حوالي 600 مليون دولار.
ويتزايد انتشار التأمين في تركيا ومع ذلك، فإن غالبية الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا الزلزال المدمر من المرجح أن تكون غير محمية، مما يؤدي إلى خسارة في التأمين وربما صناعة إعادة التأمين. وقد أثرت ارتدادات عديدة على المنطقة منذ الزلزال الرئيسي في الساعة 4:17 صباحاً بالتوقيت المحلي، مما تسبب في مزيد من الأضرار للمباني وتحديات لعمال الإنقاذ.
وتشرح "فاينانشال تايمز" أن ما يقرب من 3000 مبنى قد دمرت في جميع أنحاء المناطق المتضررة في الزلزال الأول الكبير، الذي كان مركزاً في محافظة قهرمان.
وأرسلت الحكومة التركية فرق إنقاذ إلى المناطق المتضررة، والتي تمتد على مسافة 500 كيلومتر على الأقل من مركز الزلزال، ما يزيد من التكاليف، كما جرى إرسال طائرات عسكرية وطائرات شحن محملة بالإمدادات، حيث يعمل حوالي 9000 شخص في هذا الجهد.