زراعة الجزائر في مواجهة الجفاف: تهاوي الإنتاج

25 أكتوبر 2022
مساحات الأراضي المتضررة تقدّر بنحو 60% (Getty)
+ الخط -

تودع الجزائر شهر أكتوبر/ تشرين الأول من دون سقوط أيّ قطرة ماءٍ من السماء، ليواصل شبح الجفاف بسط حرارته المرتفعة على مناخ البلاد.

وعادت أنظار المزارعين لتتوجه إلى السماء، فيما تتخبط مشاعرهم بين خوف من تواصل مسلسل الجفاف، منهياً بذلك فصل الخريف من دون أمطار، وبين تفاؤلٍ بنهاية كابوس شح الأمطار الذي أرّق الفلاحين منذ أكثر من 6 أشهرٍ، وسط تذمرهم من ضعف المساعدات الحكومية، وخوفهم من تضرر المحاصيل الموسمية.

ويهدّد نقص المياه ملايين من الهكتارات بالتشقق والبوار، خاصة مع انطلاق موسم رمي البذور بالنسبة لمحاصيل القمح والشعير، وينتظر مزارعو الجزائر أسابيع "الترقب" بعدما باتت المحاصيل مهددة بنقص الأمطار، التي انحبست منذ نهاية إبريل/ نيسان المنصرم، ما يقلص من آمال نجاح موسم حصاد وافر يعوض المزارعين ما تكبدوه من خسائر خلال العام الماضي بسبب الجفاف أيضا.

وقال رئيس غرفة الزراعة بولاية المسيلة (300 كم جنوب العاصمة الجزائرية)، محمود غوماري، لـ"العربي الجديد"، إن "منسوب المياه انخفض بنسبة كبيرة مع بداية فصل الصيف في محافظات الهضاب العليا (وسط البلاد)، التي تتميز بجغرافيا شبه صحراوية، كما لا تصل مياه الري إلى جميع الأراضي المزروعة، خاصة مزارع القمح المنتشرة في المنطقة، وامتداد الجفاف إلى غاية الشهر الحالي، ما أربك الفلاحين الذين كانوا يعتمدون على الأمطار الموسمية لشهري أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول من أجل ري الأراضي المحروثة وسقي البذور الأولى".

وأضاف المسؤول أنه تلقى العديد من شكاوى المزارعين "الذين اضطر الكثير منهم لشراء صهاريج المياه لإنقاذ محاصيلهم من البوار".

وينتظر المزارعون أمطار شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، التي تتساقط كل سنة بكميات كبيرة، بفارغ الصبر، كآخر فرصة لإنقاذ موسمهم الفلاحي من التبخر، بالرغم من تخوفهم من موجات الصقيع التي تقضي على المحاصيل مسبقا.

ولجأ عدد من المزارعين إلى حيل مختلفة لإنقاذ زراعتهم، منها استخدام ماكينات سحب المياه أو شراء صهاريج المياه كما هو حال المزارع مولود بلعياطي، الذي كشف لـ"العربي الجديد"، أنه يضطر إلى شراء 3 إلى 4 صهاريج أسبوعيا سعة كل واحد 3 آلاف لتر لسقي الأراضي التي حرثها، ما يكلفه قرابة 9 آلاف دينار أسبوعيا (79 دولاراً).

وأضاف: "لقد رفضت شعبة الزراعة في محافظة الجلفة (400 كم جنوب العاصمة) منحي عتاد الري بحجة عدم امتلاكها للعتاد"، وهو ما اعتبره المزارع "غير معقول بل يتحججون بعدم وجود العتاد حتى يحصلوا على رشوة مقابل منح عتاد الري، وهو المشهد الذي يتكرر كلّ سنة".

إلى ذلك، قدر الأمين العام للاتحاد العام للمزارعين الجزائريين عبد اللطيف ديلمي "نسبة المساحات المتضررة من الجفاف وانتشار التشققات بشكل عام بنحو 60% من المساحات المزروعة، فيما تنخفض هذه النسبة إلى نحو 40% في المحافظات التي تقع فيها سدود كبيرة".

ينتظر المزارعون أمطار شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، التي تتساقط كل سنة بكميات كبيرة، بفارغ الصبر

وأضاف ديلمي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "نسبة الأضرار مرشحة للوصول إلى أرقام كارثية إذا لم تشهد البلاد أمطاراً خلال الأيام القادمة، ما يهدد إنتاج الجزائر من القمح أولا كونه من المحاصيل السنوية أما المحاصيل الموسمية والدورية فالأكيد أنّ بعض الخضر والفواكه في مقدمتها الطماطم والبطاطا والجزر والعنب الأخضر هي المتضررة حالياً كون موسم جنيها سيبدأ مطلع الشهر المقبل".

وكشف الخبير في الأحوال الجوية والمناخ أسامة بورقان أنّ "الوضعية الجوية الحارة التي تعيشها الجزائر منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، هي امتداد لفصل الصيف، وذلك بسبب مرتفع جوي تمركز على حوض البحر الأبيض المتوسط ولم يتحرك، ما جعل المناطق الشمالية والوسطى للجزائر تحت تأثير كتلة هوائية ساخنة أدت إلى ارتفاع في درجات الحرارة".

وحسب الخبير، فإنّ "موجات الحرارة ستمتد إلى غاية الثلث الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، حسب التوقعات طويلة الأمد، تعقبها موجة برد تنذر ببداية موسم الشتاء".

 

المساهمون