أكثر من نصف سكان العراق قادرون على العمل والعطاء، تقديرات طرحتها ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، ريتا كولومبيا، خلال مقابلة مع "العربي الجديد"، كشفت خلالها ارتفاع نسبة النساء اللواتي لا يعملن إلى 91%.
وأكدت ريتا كولومبيا أن "ما يلفت نظرنا أنّ العراقيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و64 عاماً يشكلون أكثر من 59% من إجمالي السكان، وهذا يعني أنّ أكثر من نصف المواطنين هم أشخاص قادرون على العمل والعطاء لكن شريطة أن تتوفر عوامل مهمة قبلها لتمكينهم من المساهمة في التنمية". وفيما يلي نص المقبلة:
- كيف تنظرون إلى النمو السكاني في العراق؟ وما هي أهم استنتاجاتكم للإحصائيات التي رُصدت؟
وفقاً لوزارة التخطيط، يبلغ عدد سكان العراق حالياً 41 مليوناً، ونحن نتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 50 مليوناً في عام 2030 إذا استمر معدل النمو السكاني السنوي الحالي البالغ أكثر من 2.5%. وبالمقابل قلّ معدل النمو السكاني عما كان عليه قبل 10 سنوات إذ كان يبلغ حينها 3.1%، لذا فإنّ النمو يتباطآ والكثير من العراقيين باتوا يفكرون في تقليل الإنجاب.
وفي الواقع، ما يلفت نظرنا أنّ العراقيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و64 عاماً يشكلون أكثر من 59% من إجمالي السكان، وهذا يعني أنّ أكثر من نصف المواطنين هم أشخاص قادرون على العمل والعطاء لكن شريطة أن تتوفر عوامل مهمة قبلها لتمكينهم من المساهمة في التنمية وأهمها التعليم الجيد والتدريب المهني الذي يجعلهم جاهزين لتلبية متطلبات السوق من الوظائف، واستثمار هذه النسبة من الممكن أن يوفر أسبابا تدفع بالاقتصاد إلى أمام.
- نرجو إلقاء الضوء على التحديات التي تنتج من الزيادة السكانية الكبيرة؟
بالنسبة للتحديات التي يفرضها النمو السكاني، تتمثل في إيجاد فرص عمل، فنحن نعتقد أنّ توفير المزيد من الوظائف يتطلب برامج مُتعددة، ومثال ذلك التعاون الحالي بين منظمة العمل الدولية ووزارة العمل العراقية في دعم المشروعات الصغيرة، لكنّ أيضاً الموضوع يحتاج تنوعاً، وهذا التنوع يجب أن يتحقق بتشريعات داعمة للاستثمارات في البلاد تساهم في دخول الأموال وطلب المزيد من الوظائف.
- ما هي الخيارات المقترحة من قبلكم لاستثمار النمو السكاني في دعم التنمية؟
نعتقد أنّ العراق وضمن جهود تحقيق أكبر قدر من النمو الاقتصادي يجب أن يذهب نحو بناء نظام تعليمي يتمتع بالجودة، لأنّ هذا الأمر مهم للغاية لرفع الطاقات الفكرية لدى الشباب. ونعتقد أنّ الوقت الحالي مناسب لاستثمار الشباب المتعلم وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال لديهم ليكونوا قادرين على تنفيذ مشاريعهم الخاصة، وينبغي الإشارة هنا إلى ضرورة رفع مستوى مساهمة المرأة في سوق العمل، لأن حجمه الحالي متدنٍ للغاية، ونحن بدورنا في صندوق الأمم المتحدة للسكان نقوم بواجبنا في رفع مستوى قدراتهن عبر البرامج التدريبية التي تساهم في تعزيز دورهن في المجتمع.
- قلتم إنّ مساهمة النساء في سوق العمل متدنية للغاية، كيف وما هي أرقامكم بهذا الشأن؟
وفقاً لنتائج المسح الثاني للمرأة العراقية الذي أنجزناه بالتعاون مع وزارة التخطيط العراقية في عام 2021 وأخذنا من خلاله عينات أسر من جميع مدن العراق، فإن نسبة 90.8 % من نساء العراق خارج سوق العمل.
قضية العنف ضد الإناث القائم على النوع الاجتماعي (الأسري غالباً) والمجتمعي أيضاً سواء في سوق العمل والوظيفة الحكومية وغيرهما في العراق ليست مرتبطة فقط بمستوى دخل العائلة
ويعمل 9.2% منهن فقط، والنسبة ترتفع في إقليم كردستان وتصل إلى 14%، وحينما التقينا النساء غير العاملات أبدت 21% منهن استعدادهن للعمل، فيما وضعت 7% منهن شروطاً تتناسب مع وضعهن العائلي.
- هل مشكلة العنف الأسري في العراق، مرتبطة مُباشرة بالفقر؟
قضية العنف ضد الإناث القائم على النوع الاجتماعي (الأسري غالباً) والمجتمعي أيضاً سواء في سوق العمل والوظيفة الحكومية وغيرهما في العراق ليست مرتبطة فقط بمستوى دخل العائلة ومعاناتها من الفقر وما ينتجه من مشاكل، بل هي موجودة في جميع صور الحياة العراقية في القرى والمُدن وبمستويات دخل متوسطة ومرتفعة أيضاً وهي تنطلق من عوامل نفسية واجتماعية، ونعتقد ان التوعية في هذا الجانب يجب أن يُشرك فيها الرجال وأن يرى الجميع أن اللجوء للعنف ليس صورة من صور الحل بل هو تعقيد أكبر للحياة الأسرية.
- ما هي برامجكم المنفذة لدعم الشباب العراقي؟ وما أبرز ما سجلتموه من ملاحظات؟
أنفقنا فقط العام الماضي 20 مليون دولار على برامج دعم الشباب العراقي، وهو جوهر برنامجنا، وعملنا ركز على معالجة قضاياهم الاجتماعية واحتياجاتهم وحقوقهم وتمكينهم من دخول سوق العمل بمشاريعهم الخاصة وأيضاً أن يكونوا جزءاً من عملية صنع القرار.
نساهم كذلك في تغذيتهم بالقيم المدنية التي تتضمن حقوق الإنسان، المواطنة، الهوية الوطنية، التسامح ومساواة النوع الاجتماعي، وكذلك نحثهم على اكتساب المهارات الحياتية بما فيها مهارات التواصل الشخصية، التفاوض، العمل الجماعي، الضغط والتعبئة، صنع القرار وحل المشاكل، التفكير الإبداعي، إدارة المشاعر وكذلك مهارات إدارة التوتر.
وفي هذا الإطار، يقوم صندوق الأمم المتحدة في العراق بالتعاون مع وزارات عراقية بإقامة ورش ودورات لتعزيز القدرات المؤسساتية وقدرات الموظفين في وزارات الشباب والتربية والعمل والشؤون من خلال تشجيع وإدماج تعليم القيم المدنية والمهارات الحياتية.